الانتخابات التشريعية “القيامة” قامت !
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( قُرب الانتخابات وتصريحات مستفزة )
الخميس 22 شتنبر 2016 – 11:27:22
وفهم الجميع أن المقصود هو السيد فؤاد عالي الهمة ، رفيق الدراسة لجلالة الملك والذي أضفى عليه الاعلام الوطني صفة “صديق الملك”. طبعا لا يوجد ما يمنه جلالة الملك من أن يكون له أصدقاء يرتاح إليهم ويقربهم منه ، وليست حالة فؤاد عالي الهمة حالة فريدة في تاريخ المغرب منذ ثلاثة عشر قرنا، ولم تنج بلاطات المحرر والموحد الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني رحمهما الله من “مشاحنات” داخلية بسبب “المواقع” بين الصفوة، وفي كتاب المرحوم الدكتور عبد الهادي بوطالب، بعض الإشارات إلى هذا الموضوع.
نعود إلى تصريحات نبيل بنعبدالله، لنشير إلى أن الرجل زعيم حزب يعتبر امتدادا لحزب تاريخي وطني كبير برجاله ونضاله، يوجد داخل حكومة يرأسها رجل مهووس بفكرة “التحكم” التي يرددها عشرا في كل خطبه والتي جرت عليه الويلات بعد أن لمح ذات يوم إلى أنه لا يتواصل مع محيط الملك، بل يتلقى التعليمات مباشرة من الملك. وكانت هذه التصريحات في خضم الصراعات السياسية والحزبية، بين الهمة وبنكيران الذي لم يكن يخفي خصومته لمن أصبح في ما بعد مستشارا في الديوان الملكي.
حقيقة إنَّ بنعبد الله لم يذكُر في تصريحاته لا الدّيوان الملكي ولا “المؤسسة” الملكية، بل إن الشخص الذي كان يقصد في تصريحـاتهِ، لم يشر إليه لا بالاسم ولا بالصِفة، ولكن الرأي العام الوطني لم يكن بحاجة إلى مجهود يذكر، للوصول إلى “صاحب التحكم”، نَظرًا للتطاحُن الحاصل بين البيجيدي والبام منذ تأسيس هذا الحزب سنة 2008 ، بإيعاز من السيد الهمة، كما صار معلوما في أدبيات الأصالة والمعاصرة وفي تقارير المتتبعين.
خَطأ بن عبد الله أنه تـــوَجُه مباشرة إلى الهدف، واستعمل ألفـاظــًا جَمَعَت ما يكفي من الإشارات إلى أن المعني بالأمر، هو المعني الذي تعنون وتتصورون! ……
وكرد فعل، طلعَ الديوان الملكي ببيان موجه للرأي العام الوطني، اعتبر فيه ان “التصريحات الأخيرة للسيد نبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية “لا أساس لها من الصحة وأنها “تضليل سياسي” وأن الفترة الانتخابية تقتضي “عدم استعال مفاهيم تسيء لسمعة الوطن وتمس بحرمة ومصداقية المؤسسات في محاولة لكسب أصوات وتعاطف الناخبين”، وان هذه التصريحات “تتنافى مع مقتضيات الدستور والقوانين التي تؤطر العلاقة المؤسسة الملكية وجميع المؤسسات والهيئات الوطنية بما فيها الأحزاب السياسية”.
وعند إسقاط هذه المعلومات على تصريحات زعيم التقدم والاشتراكية، صعب إيجاد وصل واضح بينها وبين الدستور والمؤسسة الملكية والهيئات الوطنية إلا عن طريق التأويل، ذلك أن لا أحد في المغرب يمكن أن يعتبر تصريحا في ثلاث عشرة كلمة تندرد في سياف حملة انتخابية تعتبرها بعض الأحزاب السياسية “مفصلية” يستطيع أن يشكل خطرا على المؤسسات أو أن يشكك في مصداقية الانتخابات أو أن تقحم القصر في الصراعات الحزبية ، لأن الشعب المغربي مؤمن أشد الإيمان بأن جلالة الملك فوق كل الأحزاب وأنه ملك كل المغاربة، وقد حسم جلالته في هذا الموضوع بصفة قطعية، خلال خطبه الأخيرة.
إلا أن ثمة ملاحظات حول بيان الديوان الملكي الذي يصعب اعتباره بيانا لمؤسسة الديوان الملكي ، منها أن هذا البيان، طلع يوم 13 شتنير بينما جريدة “الأيام” التي نشرت تصريحات بن عبد الله صدرت يوم 8 شتنبر، وأن هذا البيان ترك انطباعا واضحا لدى المواطنين، أن المعني بتصريحات زعيم التقدم والاشتراكية هو السيد فؤاد عالي الهمة “كمؤسس” لحزب الأصالة والمعاصرة بينما الرجل كان واحدا من أعضاء مكتب الحزب في مرحلة التأسيس لينسلخ منه في ما بعد ويتولى مهامه الجديدة بالديوان الملكي.
فهل يصح القول إن إثارة موضوع “مؤسس” الأصالة والمعاصرة في نزاعات حزبية خلال المرحلة الانتخابية الراهنة، “إقحام للمؤسسة الملكية في الحملة الانتخبية؟ المكتب السياسي للتقدم والاشتراكي نفى ذلك نفيا قطعيا واعتبر أن الرهانات الحاضرة تتطلب العمل الجدي لمواصلة الاصلاحات وترسيخ البعد الحداثي في نطاق ديمقراطية سوية برعاية جلالة الملك .
فهل كان من الضروري إعطاء كل هذا الحجم، لتصريحات عابرة محدودو فضاء التداول لزعيم حزب سياسي عضو في الحكومة، “التقط” تعبير “التحكم” من رئيس الحكومة الذي يردده عند “لوية” كل درب، ليجعلها بدوره شعارا لحملته الانتخابية ، “لعل وعسى” أن تنقذه من “شوماج” أصبح أكثر من متوقع ( ! ( ….وما هي “القيمة المضافة” لهذا البيان في غمرة التطاحن الحزبي قبل يوم “القيامة” الانتخابية ؟ !!!.