الانتخابات التشريعية 2016 استمرار مواجهات العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة قد يفسد اللعبة !
جريدة طنجة – عزيز كنوني ( الانتخابات التشريعية 2016 )
الأربعاء 21 شتنبر 2016 – 18:08:00
• القطبية الثنائية محور الانتخابات التشريعية في مواجهة الشعبوية والخطاب السياسي المبتذل..
ومعلوم أن الأحزاب السياسية المتبارية لم تنتظر انطلاق الحملة الانتخابية لتنزل إلى حلبة “التبوريدات” المألوفة، بغية “الفتك” بالخصوم بموازاة مع اللجوء إلى معجم السب والقذف، والكلام النابي السوقي من قبيل “البانضية”، و”الشفارة” والتشويش والعرقلة، والتحكم والسلطوية، وخدمة أجندة خارجية والتخابر مع منظمات استخباراتية “عدوة”، إلى غير ذلك مما كان يجمل بالسياسيين تفاديه حماية لسلامة الخطاب السياسي الذي ساهم الجميع في ابتذاله وتحويله إلى خطاب تافه سفي مطبوع بشعبوية مدمرة!
اقتراب موعد الانتخابات، دفع قيادات أحزاب الساعة، إلى التدافع بشكل غريب مريب، “كأنها القيامة” كما شبهها جلالة الملك في خطاب العرش الأخير، “لا أحد يعرف الآخر، والجميع، حكومة وأحزابا، مرشحين وناخبين، يفقدون صوابهم ويدخلون في فوضى وصراعات” ـ انتهى كلام جلالة الملك.
وفي هذا السياق، فإنه من المتوقع أن الخطاب السياسي سوف يخرج عن لغة العقل والجد والمعقول ليعانق لغة اللغو والشعبوية التي انخرط فيها الجميع. والتي تبرز إلى حد الإشفاق بؤس المنطق السياسي الحزبي وضعف النضج ، ولربما انعدامه، لدى بعض قيادات الأحزاب السياسية المغربية.، ولا أدل على ذلك من التصريحات العنترية التي “يتمنطق” بها بعض قادة أحزاب توجد في ذيل التنظيمات السياسية ، ومع ذلك فإنهم يؤكدون لمن يريد أن يثق فيهم، أنهم سيكتسحون المشهد الانتخابي ويتصدرون النتائج ، وأنهم سيقتحمون “البنيقة” المعلومة ويتسلقون هرم الحكم ! ….مثل هذا الكلام التافه جاء على لسان قادة عدد من الأحزاب وهم يعلمون أنهم إنما يسيئون إلى أحزابهم التي فقدت مركزها ووزنها، كما يسيئون إلى أنفسهم ولو أن “الطموح” أمر مشروع إلا أنه “على قد لحافك، مد رجليك” كما يقول المثل المغربي المأثور!…مثل هذا الخطاب إنما يعمق نفور المواطنين من السياسة ومن الانتخابات ويدفع، ليس فحسب، إلى العزوف الانتخابي بل، وأيضا، إلى خلق فئة واسعة من المستائين الغاطبين، في غياب مثير للبرامج والأفكار وطغيان الشعبوية التي ملها الناس في السياسية كما في الدين وكما في مختلف مجالات الحياة اليومية للمواطنين.
المشهد السياسي المغربي تطغى عليه في الوقت الراهن، القطبية الثنائية، المتمثلة في حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة ــ الأول محافظ بمرجعية “بنتيمية” ــ والثاني “حداثي” بمرجعية “ذاتية”ــ. إلا أن الصراع بين الحزبين لم يتخذ شكلا من أشكال السجال السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الحقوقي، انطلاقا من إيديولوجيات متباينة، بل إنه ارتكز ، بداية ، على شرعية الحزبين في الوجود ينتهي إلى أن الأول يخدم إيديولوجية دخيلة على المغرب، تستعمل الدين لتحقيق طموحات سياسية غير معلنة، وأن الثاني “خرج من الخيمة مائلا” من أجل التحكم والتسلط وعرقلة المسيرة الديمقراطية للبلاد.
وبين هذين الحزبين اللذين كدرا على المواطنين تفاؤلهم بنجاح مسيرتهم الديمقراطية، “تتزاحم” أحزاب من إيديولوجيات مختلفة، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، ولكنها أحزاب تابعة، لا تقوى على الغوص بمفردها في “بحر الظلمات” وتحتاج إلى “زطاط” يوجهها ويحميها، ليبدو المشهد السياسي في بلدنا جميلا ومتنوعا وجذابا وذا مصداقية بالنسبة للخارج الذي يقتفى أثرنا ويتعهدنا، أبويا، بالنصح والرعاية. من تلك الأحزاب الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية وطبعا التجمع الذي ضيع زعيمه البوصلة ، جهلا أو غرورا أو هما معا، مرة حين أراد السطو على المشهد السياسي بواسطة ال G8 ، ففشل، وكان طبيعيا أن يفشل بخطة مرتجلة، ومرة أخرى حين عاكس الائتلاف الذي أنقذ حزبه من “البطالة السياسية” وبدأ “يتفرعن” على بنكيران وهو يعلم أن هناك أحزابا ما وجدت إلا لتشارك في الحكم، وبالتالي فإنها لا تملك لا ذهنية المعارضة ولا آليات المعارضة. وحين “اقترح” الراحل الحسن الثاني على رئيس التجمع وصهره أحمد عصمان أن يترك الحكومة وينظم إلى المعارضة، فإن ذلك كان تنفيذا لخطة محكمة أملتها ظروف المغرب آنذاك، والتي دفعت إلى الانشقاق الذي شهده التجمع، والذي لم تكن الإدارة بريئة منه !
وكان طبيعيا، في هذه الأجواء المشحونة، أن ينصب اهتمام الأحزاب المغربية كبيرها وصغيرها و حتى قبل انطلاق الحملة الانتخابية على مجالات تلح عليها أكثر من سواها بفعل “حساسيات” كل حزب من مجموعة الثلاثين، ، كالتعليم والصحة والسكن والشغل والقضاء والأمن والشباب والمرأة والمرافق العمومية والعالم القروي وهي، بالضبط، المجالات التي لم تحقق فيها حكومة بنكيران، حسب الرأي العام، نجاحات تذكر، إلا إن التركيز عليها من طرف “المتبارين” من الكائنات الانتخابية، في سوق الانتخابات، يدخل في باب “البروباغاندا” الحزبية ليس إلا.
وكيف ما كانت الحال، فإنه يبدو أن الانتخابات التشريعية المقبلة قد تفتح المغرب على عدد من الاحتمالات منها أن يفوز حزب العدالة والتنمية بالمرتبة الأولى، ولديه إمكانيات هائلة لتحقيق هذا الهدف، ليترأس الحكومة المقبلة التي لا يمكن أن تكون إلا ائتلافية قد ينضم إليها الاستقلال بعد أن يكون قد غادرها تجمع مزوار لأن هذا الأخير باشر مع رئيس الحكومة ، ولشهور، سياسة “إنا عكسنا”،
وقد يحصل حزب الأصالة والمعاصرة على المرتبة الأولى ولديه أيضا إمكانيات لتحقيق هذا الهدف ليشكل الحكومة مع حليفيه ، الاتحاد الاشتراكي والاتحاد الدستوري والحركة الشعبية والتجمع الذي وصف مرشحي حزبه بـ “السبوعا” وسنرى إذا ما كانوا أسودا فعلا ــ ولو أننا نعرف جلهم ــأم إنهم أسود بأرجل من ورق !
وقد تظهر في ما بعد سيناريوهات قد تكون قابلة للتنفيذ في حالة عدم توفر أغلبية ولو نسبية تمكن من تشكيل حكومة بمساندة برلمانية مقبولة..