عبد الرحيم عبد المومن الفنان الطنجي الذي جال بقاع العالم و رفع علم المغرب عاليا
الإثنين 15 غشت 2016 – 17:24:49
عبد الرحيم عبد المومن كان يفتتح خلال دراسته بالسلك الإبتدائي ، حصة اللغة العربية و التربية الإسلامية بتجويد ساحر جعل هذه المسألة عادة لا يتنازل عليها أساتذته ، حيث كان أول من اكتشف موهبته في التجويد هو الأستاذ القاسمي بمدرسة الحسن الإول بطنجة ، عندما سمعه للمرة الأولى و اتصل بمدير المؤسسة الذي أبدا اعجابه القوي بصوته ، و من ثم فتحت له أبواب المشاركات في العديد من الأنشطة المحلية المرتبطة بالتجويد و الإنشاد ، و حصوله دائما على المركز الأول بدون منازع.
بعد تجاوُز السلك الإبتدائي ،بَدَأ عبد الرحيم في التفكير الحقيقي معية أسرته ، في صقل هذه الموهبة الربانية ، و التحق بالمعهد الموسيقي حيث تلقة مبادئ العزف على آلة العود مدة سنتين على يد الشيخ أحمد الزيتوني .
و بدأت المشارَكـات في فرق الإنشاد و السماع و الطرب الأندلسي محليا ، مع جمعية البوغاز للطرب الأندلسي و جوق المعهد الموسيقي بطنجة برئاسة الشيخ أحمد الزيتوني ، و جوق المرحوم محمد العربي التمسماني برئاسة الأستاذ الأمين الأكرمي و من هنا كانت الإنطلاقة الفعلية من الإنتقال من من المحلي الى الجهوي ثم الوطني و الدولي ، من خلال مشاركته في معهد العالم العربي في باريس بسهرات لمع فيها صيته و كانت الفترة الذهبية التي بصمت مسيرته.
في 2009 غادر عبد الرحيم عبد المومن بلاد المغرب نحو الديار الأوروبية هجرة جسد لا هجرة روح ، و استقر بباريس ، حيث أسس جمعية ثقافية ” جمعية هواة الموسيقى الأندلسية” و التي من خلالها عمل على برمجة أنشطة دورية مكثّفة لتدريس الطرب الأندلسي لأبناء الجالية المغربية في باريس ، و شارك في حفلات و سهرات خاصة بالجالية.
مهرجانات روحية عدة ، فتحت أبوابها للفنان الشاب الطنجي ، كمهرجان الموسيقى الروحية بباريس في دورته الثانية في مسرح ” شون إليزي” الذي مثل في بلده الأم ، و شارك بإسمه الذي أصبح يلعلع في فرنسا و أوروبا ، مما جعل جل المهرجانات تتسارع الى جعل عبد الرحيم عبد المومن نجمها و الفنان الرئيسي فيها ، لإيمانهم التام بموهبته الأصيلة الربانية .
الفنان عبد الرحيم عبد المومن و في شهر يوليوز المنصرم شد الرحال صوب البرازيل للمشاركة في فعاليات الدورة الخامسة لمهرجان “ألكنتارا” للموسيقي، الذي حمل شعار ” حوارات موسيقية بين الشرق والغرب” ما بين 21 و 27 يوليوز 2016وتمثل مشاركة الفنان عبد الرحيم عبد المومن المشاركة الاولى لفنان مغربي بهذا المهرجان الدولي الذي دأب منذ انطلاقته على استدعاء واستقطاب فنانين دوليين للتعريف بالموسيقى العالمية للبرازيليين في أربع مدن تشهد فعاليات المهرجان كل سنة، وهي ألكنتارا، وبكابييرا، وروزاريو، وسيايو لويس.
مشاركته تعلقت بتقديم صولوهات وتقاسيم ومواويل فردية محترمة للطبع الأندلسي، إضافة إلى تقديم بعض الأنغام الصوفية، وذلك خلال سهرتين بمدينة ألكانتارا، والثانية بمدينة سيايو لويز ، و افتتحت السهرة الأولى برفع الآذان من قلب الكنيسة ما جعل الكل يعيش لحظات راحة نفسية بفضل الأجواء الروحانية التي طبعت هذه السهرة ، كما أحيا مرفوقا في أنشطته بالمهرجان بكل من الفنانين عثمان اليعقوبي المختص في العود و محسن البقالي في الايقاع ، -أحيا- أمسيتان بيداغوجيتان مع أطفال مرضى بالسرطان لتعريفهم التراث الاندلسي و الصوفي التليد، هذه المناسبة التي امتزجت فيها الأحاسيس بين فرح و حزن برؤية هؤلاء الأطفال المرضى .
وأشار عبد الرحيم عبد المومن من خلال محاورتنا له، أن مشاركته في هذا المهرجان تعد فرصة للتعريف بالموروث والتراث الأندلسي المغربي، خاصة أنه لا توجد أواصر ثقافية عميقة تربط بين المغرب و البرازيل ، متمنيا أن تكون هذه البادرة احياء للروابط بينهما.
في 2010 وبالظبط في كورسيكا ، كانت التجربة الأولى للفنان الطنجي في التمثيل من خلال مسرحية للعرائس رفقة الفنانة أمينة العلوي ، و التي تحمل عنوان ” دافيا و السلطان” جسد من خلالها دور السلطان بصوته الشجي ، و هي متوفرة على الإنترنت و مسجلة بأقراص مدمجة متوفرة في الأسواق .
الفنان الطنجي عبد الرحيم عبد المومن شدّد في آخر حوارنا معه على حزنه العميق لما آلت إليه أوضاع الفنانين الربة ، من خلال احتكار البعض لجميع المناسبات الطربية من مهرجانات و سهرات و أمسيات ،و بعبارة” مطرب الحي لا يطرب” ، هكذا عبر الفنان عندما سألناه عن غيابه عن المهرجانات المغربية خصوصا مهرجان الموسيقى الروحية بفاس، خصوصا و أن الجميع يعلم بأن الفنان المتميز عبد الرحيم عبد المومن تألق في كثير من المهرجانات الثقيلة الوزن العربية منها والدولية، عبر قائلا ، ” يغمرني حزن عميق كلما حلت مواعيد المهرجانات المغربية و لا يتم استدعائي فيها ، بينما أتلقى العديد من الدعوات من مهرجانات خارج أرض الوطن ، لست أدري لماذا هذا التحقير للفنان المغربي ، و هذا الإقصاء المتعمّد من طرف لوبيات الفن ببلدنا ، فكل يغنّي على ليلاه ، و عندما تتم دعوة فنان مغربي للمشاركة في نشاط فني ، يكون من نصيب المغربي أدنى الأجور و أقل الإمكانيات ، بينما للفنانين المستقطبين من بلاد العالم يتم تعويضهم بالملايين ، و هذا الأمر لم يعد مقبولا بالمرة ، أنا لن احط من كرامتي و أنا أرى أن الخارج يكرمني و يرفع من شأني و يعترف بإسمي الذي كونته بتعب و شقاء لأصل الى ما أنا فيه الآن ، لذلك أطلب من المسؤولين عن الفن المغربي و الفنانين المغاربة ، أن يستحوا قليلا و يعطوا لكل ذي حق حقه ، المغرب للجميع و ليس لفئة معينة و وجوه محددة وفقا لاجندات خاصة بهم “.
عبد الرحيم عبدو المومن هو من المنشدين الشباب المحافظين على الأداء المغربي الرصين في الموسيقى الأندلسية، والداعين إلى تجديد هذه الموسيقى لتساير العصر. كما يتميز بمدرسة طربية مميزة في الغناء الأندلسي تميزه عن غيره، بما في ذلك الفقلات الغنائية الصائبة والارتجالات الصوتية العذبة، فلنهتم قليلا بفنانينا الذين يرفعون اسم المغرب عاليا بشتى أقطاب العالم ، و لنعمل على تكريمهم و منحهم ما يستحقونه من عرفان و تقدير لما يقدموه لنا و لبلدهم المغرب . .