في ندوة حول مناهضة العنف ضد المرأة:
الله جَلّت قُدرته كرّمَ الإنْسان بغضّ النَظر عن جنسهِ أكانَ رجُـلاً أو آمـرأة..
الفهْم الحَقيقي للشريعة الإسلامية كَفيل أن ينـأى بنفسهِ عن كُـلّ سُلوك عَنيف أو مَـرفـُوض..
تـقديـم شَهادة طبيّة من طَرفِ الـزّوجة ضدّ زوجها لايشفع لهـا أمــام القَضــاء..
تحتَ عُنـوان “مُناهضة العنف ضد المرأة بين الواقع والمأمول“، وبتنسيق مع الجمعية الجهوية للاتحاد الوطني لنساء المغرب(فرع طنجة المدينة) نظم المجلس العلمي المحلي لعمالة طنجة أصيلة، وتحديدا الخلية المكلفة بشؤون المرأة وقضايا الأسرة، ندوة في الموضوع، جرت أطوارها، يوم الخميس 27 نونبر المنصرم، إذ عرفت حضورا كبيرا ومشاركة تأطيرية وازنة، سلطت الضوء على هذا الموضوع من مختلف جوانبه، القانونية والقضائية والدينية والنفسية والإعلامية، حيث أدارتها الزميلة زهورالغزاوي القاسمي، وافتتحتها وداد العيدوني، أستاذة بكلية الحقوق بطنجة، ورئيسة الخلية المكلفة بشؤون المرأة التابعة للمجلس العلمي المحلي، بكلمة تناولت في جزء منها الحديث عن أهداف ومرامي هذا اللقاء الذي تشكل نتيجة العمل الطويل والدؤوب خدمة لقضية العنف التي لبست ثوب العالمية، موضحة أن الفهم الحقيقي لشريعتنا الإسلامية كفيل أن ينأى عن نفسه بكل سلوك عنيف أو مرفوض، يصعب إيجاد حلول له في يوم واحد، وإنما يتطلب الأمر اجتثات الظاهرة من جذورها، وهذا لن يتحقق إلا بتضافرجهود الأطراف المعنية، وتعاون يضم مختلف الهيئات والمؤسسات، سواء منها الأكاديمية، أوالقضائية أو القانونية أو الدينية في تفعيل البحث ومواصلته وتعميقه حول شؤون وقضايا المرأة والأسرة.
مِن جهَتها، قـدّمت سلوى الدمناتي، مُستشارة الوزيرة المنتدبة في الخارجية، و رَئيسة الجمْعيّة الجهـَوية للاتّحـاد النّسوي،فــرع طنجة المدينة، أرقامًا تبعـثُ على الشُعـور بـوقـع الصدْمـة ، فيما يتعلّـق بالنسب المئـوية المُـرتفعة للتحـرش الّـذي يستهدفُ المـرأة، سنويًـا ، مـوضحة أنه في غيابِ قـانون يحمي هذه الفئة المجنى عليها، فإن أي محاولة للحد أوللتخفيف من ظاهرة التحرش قد تبقى نتائجها المرجوة بعيدة المنال على المستوى الواقعي.”وبالرغم من أننا مجتمع إسلامي، فإنه لايخلو من عنف، ذلك أن المسألة لا ترتبط بالديانات، بقدرما ترتبط بالعنف، باعتباره أصبح ظاهرة كونية، لايتميزبها مجتمع دون غيره، فضلا عن أن الله جلت قدرته كرم الإنسان، بغض النظر عن جنسه، أكان رجلا أو امرأة، ومن هنا فلا مجال لإهانة المرأة” يشيرمحمد السعيد الحراق، ممثل مندوبية الشؤون الإسلامية بطنجة.
وفي مُداخلتها، اعتبرت رشيدة بلباه، محامية ورئيسة جمعية آمنا لمحاربة العنف ضد النساء، بناء على مزاولة عملها بالمحاكم، أو استنادا إلى تجربتها الجمعوية(اعتبرت) أن أشد أنواع العنف هو العنف الأسري، مضيفة أن هناك عنفا آخر، غير ذلك الذي يمارسه الزوج في حق زوجته، وإنما يتجلى، عند تحديد الحالة الصحية للزوجة المعتدى عليها، وتعليل حجم الضرر الذي ألم بها، وتعزيز ذلك بمنحها شهادة طبية تثبت مدة عجزها، ورغم ذلك، فإن كل هذا لايشفع لها أمام القضاء، بدعوى أن هذه الشهادة الطبية غير مؤهلة لتقوم بدورالإثبات.
الطب النفسي كان حاضرا خلال هذه الندوة، ليدلي بدلوه في الموضوع، باعتباره يشكل حاجة ملحة لضحايا العنف، حيث أشارت جميلة واعليت، أخصائية في علم النفس إلى الخطورة الكامنة في العنف وما يتسبب فيه من أمراض، أخطرها الإصابة بالاكتئاب الذي قد يدفع إلى الانتحار، مثلما قد يتسبب فيه الانهيارأوالصدمات النفسية الأخرى التي تكون المرأة عرضة لها.لتتساءل “جميلة” كيف يعقل أن تكون هذه الفئة فاعلة في المجتمع، بيد أنه يتم تحقيرها وتهميشها واستضعافها بشكل مهين، على الرغم من أنها تمثل نصف المجتمع؟
وفي مَعْرض مُداخلته التي جاءت معززة بالمعلومات والأرقام، أشار محمد الزردة، رئيس قسم قضاء الأسرة بطنجة، إلى أن إحصائيات (منذ شهر يناير إلى حدود 31 أكتوبر) لسنة 2014 تضمنت تقديم ما مجموعه 915 شكاية بقسم قضاء الأسرة بالمدينة، موضحا أن هناك عنفا آخر، يعزف الكثيرون عن الخوض فيه، ذلك الذي يتجلى في العنف التشريعي، ونفس الأمر ينطبق على “أراضي الجموع” التي حرم فيها المشرع النساء على قدم المساواة بين الرجل والمرأة، فضلا عن العنف القضائي الذي قال بشأنه ذ.محمد الزردة أنه يجب الحذر منه من طرف الأطر العاملة في المجال.
الموقع الإلكتروني، بدوره كان حاضرا في إغناء هذا اللقاء، من خلال ذ.فتيحة السعيدي التي خصصت الموقع ذاته لهذه القضية، وذلك على شبكة الانترنيت، تحت عنوان ” النسائيات.نت” حيث شرحت المتحدثة كيفية الاشتغال على هذا الموقع الإلكتروني، معرجة على أهداف وأسباب وظروف إنجازه، على أن يعرف الموقع في القادم من الأيام بعض التعديلات على المستوى الموضوعي. وفي السياق ذاته، أشارت “فتيحة” إلى أن هذه المبادرة تعتبر الأولى من نوعها، حيث ستعمل بشكل أو بآخرعلى تخفيف العبء على القضاء الأسري، وتقريب المعلومة من الراغبين فيها والمهتمين بهذه القضايا، علاوة على المتضررين أنفسهم.
م. إمغران