إلياس العماري: 53 بالمائة من اقتصاد جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة قائم على تجارة المخدرات بجميع أنواعها
جريدة طنجة – عزيز گنوني ( اقتصاد الجهة و تجارة المُخدرات )
الأحد 01 ماي 2016 – 14:40:51
وأضافَ أن هذا الرَقم يُبيّن أنّ الجهة الشمالية “الغـــربية” تعتمد في اقتصادها، بشكلٍ كبير على المخدرات. و أضـافَ : إذا كُنتم تريدون الحقيقة، فها هي ، مجردة وينطبق عليها المثل القائل : “المزوق من برة، آش اخبارك من الداخل” ؟ !…..
الرئيس العماري لم يُبيّـن لَنـا الجهة التي أعـدَّت التقرير المُشار إليه، ولا المُؤشِـرات التي تمَّ اعتمـادهـا للتقريـر بـأن 53 ، وليس 52 أو 54 بالمائة من اقتصاد جهة الشمال الغربـي تــأتي من تجارة الكيف وما جـاوره من المخدرات الأخرى، الأقل انتشارًا، مُقـارنة من المخدر الـوَطني المُقنب !…
وإذا ما صَـحَّ كـــلام إلياس العماري، فــإن اقتصاد الجهة، القائم على مجمــوعة ضخمة من الصناعات الميكانيكية والإليكترونية وصناعة السيارات والطائرات والألياف والأسلاك والنسيج، والصناعات الموازية، والصناعات التقليدية والفلاحة ومئات الشركات والمصانع الموجودة بالمنطقة الصناعية والمناطق الصناعية الحرة بمركب ميناء طنجة المتوسط ، ونشاط هذا الميناء بالذات، الذي يعد اليوم من أكبر موانئ ضفتي الأبيض المتوسط، كل هذه الأنشطة الاقتصادية التي أثارت انتباه العالم إلى الجهة، وإلى طنجة بوجه خاص، نظرا لخصوصيات هذه المدينة، لا تمثل إلا 47 بالمائة من منتوج اقتصاد جهة طنجةـ تطوان ـ الحسيمة، وأن السبسي يتكفل بالباقي !….
حقيقة إن إليــاس العماري ، ابن الريف، يعتبر واحدا من المدافعين المتحمسين ، لتقنين زراعة الكيف، في الريف، والرفع حالة التجريم عن هذه الزراعة انتاجا وتسويقا واستهلاكا، بل إن إلياس العماري وضع مسألة تقنين الكيف على سلم أولويات جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة، ولو أن طنجة، لا يعنيها أمر الكيف ، أن يقنن أو أن يرفع عنه التجريم أو أن يستمر الوضع على ما هو عليه، بدعم من البيجيدي الذي رفض التجاوب مع مقترحي قانون تقدم بهما كل من الاستقلال والأصالة والمعاصرة، في هذا الموضوع، كما رفض التجاوب مع توصيات الندوة “العلمية” التي نظمها إلياس العماري بطنجة مؤخرا والتي تعتبر الكيف مكونا أساسيا من مكونات التنمية الاقتصادية لأقاليم الريف إذا ما تمت معالجته علميا وبطرق حديثة، بينما يعتبر العدالة والتنمية أن المعالجة الحقيقية لآفة الكيف تتأسس على التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المعنية ، عبر تطوير بنياتها التحتية وخلق نشاطات انتاجية مفيدة وتحسين ظروف عيش السكان.
ودِفـاعــًا عن تقنين زراعة الكيف وعن آثـارهِ الصِحية على مستوى الاستهلاك، صَـــرّحَ إلياس العماري مُـــؤخـرًا بأن هذا الموضوع “علمي” يتطلب مناقشة هادئة من جانب مختصين، لا سياسيين وبعيدا عن المزايدات السياسية التي تحيل الموضوع برمته على مطامع انتخاباوية من هذا الجانب أو ذاك. وللتدليل على أن لا خطر من استهلاك الكيف “الكتامي” أو “الحسيمي” “المعتق” ، قال إنه عاش في قبيلة كل سكانها لديهم سبسي ومطوي وجلدة لتخزين الكيف المعالج بطابا، على الطريقة التقليدية، ــ هذا الوصف من جانبنا ــ ، وكانوا “يشربون” “أشقافا” من الكيف من الصباح إلى المساء، و”عمروا” طويلا، وماتوا بعد أن فاقت أعمارهم التسعين سنة!!!….
ومع ذلك، فدُفـوعـــات العماري تتّجه إلى ضرورة حماية أربعين ألف مزارع ريفي للنبتة العجيبة بوجدون في حالة مطاردة دائمة واستغلال مستمرمن جهات نافذة، وابتزاز متواصل حسب مزاج سلطوي متقلب . الكيف الريفي يحول إلى حشيش ويصدر فوق 80 بالمئة منه إلى أوروبا حيث يتصدر المغرب الإنتاج العالمي لهذا “المخدر” الخفيف، بحصة 60 بالمائة. وقد ورد في تقرير أوروبي حديث للمرصد الأوروبي لمراقبة المخدرات والإدمان والبوليس الأوروبي “أوروبول”، أن 22 مليون أوروبي يصرفون حوالي ألف مليار سنتيم على الحشيش سنويا، ثلثا الكميات المهربة إلى الدول الأوروبية، عبر إسبانيا خاصة، تأتي من شمال المغرب، وأن أطنان الحشيش المغربي الموجه إلى أوروبا في “تصاعد مستمر”.
ويُلح المُنـاصـــرون لحل التقنين على أن زراعة الكيف في مناطق الريف يشكل الزراعة الوحيدة بتلك المناطق، التي يرى أبناؤها أن لا حل أمامهم سوى تلك الزراعة، المحفوفة بالأخطار، وبالتالي فالحل يكمن في إضفاء الطابع القانوني على تلك الزراعة، وإصدار عفو شامل على المزارعين الريفيين، وتحويل منتوجها إلى صناعات مفيدة، وغير ضارة بصحة الأنسان.
إلاَّ أن المناهضين لهذا الاتجاه يتقدمون بمجموعة من الإشكالات التقنية والعملية، في حالة تقنين زراعة الكيف وانتشارها عبر ربوع المملكة، مع عجز الدولة الواضح عن التحكم فيها، ومراقبتها وحصر اتساع رقعتها خاصة حين تصل هذه الزراعى إلى تغطية آلاف الهكتارات ليصبح الكيف منافسا خطيرا للعدد من الزراعات الغذائية التي يتوقف عليها السلم الغذائية للمغرب.
وأمامَ الجَذل القائم بين أنصار التقنين في الأصالة والمعاصرة والاستقلال وخصومهم في العدالة والتنمية، جدد سفير المغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، بمناسبة الدورة الاستثنائية الثلاثين للجمعية العامة للأمم المتحدة حول مشكلة المخدرات العالمية، التأكيد على التزام المغرب الراسخ بمحاربة، إنتاج وتهريب وتعاطي المخدرات والإدمان وإصراره على ذلك بدون هوادة.
وأكّدَ الجهود المبذولة من قبل المغرب، المعترف بها من قبل الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات ومكتب الأمم المتحدة لمكافحة المخدرات والجريمة، والإجراءات المتخذة والوسائل البشرية والمالية الهامة التي عبأها في إطار استراتيجيته، مكنت من تقليص المساحات المزروعة بالقنب الهندي بنسبة 65 في المئة منذ سنة 2003.
ومع ذلك، فالحرب لا زالت مشتعلة بين أنصار وخصوم تقنين زراعة الكيف حيث تتجدد المواجهات بينهما على صفحات الجرائد والمنابر الخطابية خلال التجمعات السياسية وتحت قبة البرلمان، كما حدث مؤخرا حين تطرق بوانو رئيس فريق البيديدي إلى سلبيات المخدرات في تعقيب على رد الوزير الوردي بخصوص معالجة المدمنين، وتساءل بخصوص مقترحات بتقنين زراعة الكيف : هل نبيع الوهم للمواطنين؟
وجــاءَ الرد سَريعــًا من مضيان، رئيس فريق الاستقلال الذي دعا إلى عدم “الخلط بين شعبان ورمضان” وأن المطالبة بتقنين زراعة الكيف جاءت بغاية القضاء على المخدرات وتطهير المؤسسات بالنظر إلى المخدرات الصلبة المنتشرة بقوة بالمغرب، كالكوكايين والهيروين والقرقوبي وأن التقنين جاء لأغراض طبية وهي تجربة قام بها عدد من الدول وبنجاح، و”أننا لا نزرع ولا نبيع الوهم للمواطنين”
فهل يمكن أن نتصور حلا لمعضلة الكيف بمزيد من زراعة الكيف ؟!….!