الذكرى الأولى لرحيل المرحوم العلامة الموسوعي الدكتور عبد الهادي التازي (3)
جريدة طنجة – محمد وطاش (الذكرى الأولى لرحيل العلامة عبد الهادي التازي “3” )
الثلاثاء 19 أبريل 2016 – 16:41:00
•في اليوم ثاني من أبريل/نيسان من سنة 2015 فَقدت الأمّـة عَلَمـًا من أعلامها الأفذاذ، فقدت الفقيه المؤرخ” عميد المؤرخين المغاربة“، المترجم المحقق، الدبلوماسي الرحالة،العضو بأكاديمية المملكة المغربية، والعضو بمجمع اللغة العربية، العلامة الموسوعي، الدكتور عبد الهادي التازي .عام يدور على رحيل روح مرشدنا على جناح ملاك الموت إلى دار البقاء ملبية نداء ربها:”ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية،فادخلي في عبادي وادخلي جنتي”.
وتزكية لوَشائج المَحبّة الأزلية الــرّابطة بين مُهجتنا ورُوح الفقيد العزيز، ارتـأينا أن نستحضر -في الذكرى الأولى لرحيله إلى دار البقاء – بــاقة من الرسائل العطرة التي بعث بها إلينا رحمه الله، في مناسبات معينة،دعمًا و تشجيعًا وتعقيبًا على بعض ما نشرناه من مقالات عبر سلسلة حلقات ضمن ركن” نبش في الذاكرة…” بجريدتي طنجة و الشمال ؛ وهي رسائل لطيفة لاتخلو من متعة وفائدة.. كما كان سعادته لا يتقاعس عن مراسلتنا ولو كان على سفر أوحل به سقم ،حيث راسلنا رحمه الله من أرض الكنانة في أوج ربيعها،وكذا بعد عودته من مسقط (عمان )وإثرعدد من الرحلات العلمية قادته إلى بعض بلدان الخليج، كما راسلنا – رحمه الله- وهو طريح الفراش بالمستشفى العسكري بالرباط.
و إنّه لشَرَفٌ عَظيم أن يحظى شخصنا المتواضع بصفة “النباش” من لدن هذا الرجل العظيم الذي ستظل محبته متجذرة في أعماق وجداننا إلى يوم تحشرفيه أجسادنا، فتتعانق بفرحة اللقاء بعد حرقة فراق ولوعة اشياق أرواحنا.
فَقِراءة مُمْتعة ومُفيدَة.
كان هذا السؤال الصريح المفتقر إلى توضيح، عنوانا لإحدى مقالاتنا السابقة ضمن هذا الركن “نبش في الذاكرة..” حيث وقفنا على ماذكره مرشدنا الدكتور عبد الهادي التازي في شرحه وتعليقه على كتاب “المن بالإمامة”لابن صاحب الصلاة، بقوله المسطور:”إن رصيف الإسكندر الذي كان يمتد من طنجة إلى ساحل الأندلس كان قد تهدم قبل الفتح الإسلامي بمائتي سنة”.
وكان الأستاذ عبد العزيز الرفاعي رحمه الله، قد علق هذا القول في مقال بمجلة اللسان العربي-المجلد الثالث عشر لسنة- 1976 تحت عنوان”أعمدة هرقل” متسائلا :”…هل كان الرصيف ممتدا بين الساحلين ليصل جسرا بينهما،أم أنه كان على كل شاطئ رصيف وبينهما بحر!؟” ثم أضاف قائلا:”لعل الدكتور التازي،وهو غزير العلم والفضل،أن يشارك برأيه في هذا البحث”.وقد خامر شخصنا “النباش “نفس الشعور،آملين أن يزودنا مرشدنا الدبلوماسي الودود بخريطة تحدد لنا معالم الطريق نحو رصيف الإسكندر الوارد ذكره في عدد من المصنفات والمتون العربية والأخبار المروية ،خاصة و أن من الباحثين المحدثين من استبعد وجود هذا الجسر ،بل اعتبره مجرد وهم،كالمرحوم عبد الحق فاضل حين أقر بقوله:”وأما قول القائلين أن جسرا كان يقوم على مضيق جبل طارق فوهم صرُاح…”!

هكذا ظلت “القضية في الطاقية”والبال مشغول بهذا الجسر المذكور في انتظار كلام معقول يكشف عن المستور ، وبعد مضي بضعة أسابيع على المقال المشار إليه كما هو منشور ..وافانا مرشدنا الدكتور عبد الهادي التازي الذي تربطنا بسعادته جسور محبة عميقة الجذور برسالة تنويرية ،إثر عودته الميمونة من أرض الكنانة بالفور، أشعت في دواخلنا نور الغبطة والسرور، موضحة لنا مسالك ومتاهات ماخفي عنا من أمور.