تَصميم يَصدم! … مرفوض، مرفوض، مرفوض… ياولدي !!!

كما كان مُتوقعـًا…
أحدثَ مَشروع تصميم التهيئة الجديد لمدينة طنجة، رجة كبرى بين أصحاب الأراضي والعقارات التي «خرج فيها البلان »، فخطط أولو «الألباب » لنزع الملكية من أصحابها ليستغلوا العقار الخاص في ما رمت إليه إرادة أهل القرار العام، ونطق به أمر «البلان » الهام !…

بالمئات، خرج المتضررون إلى الشارع، للاحتجاج على «الحيف » الذي لحقهم من المجلس البلدي،المسؤول الأول، في نظرهم، عن «الكارثة » التي لحقت بهم، وجلهم مواطنون ضعفاء، يعيشون مما يملكون من أراض فلاحية صغيرة، يدبرون بها أحوالهم ويدرؤون بها شبح التشرد والضياع عنهم وعن أسرهم، ومنهم أيضا مساكين «غلبة »، لا يملك معظمهم سوى قطعة أرض من أمتار قليلة كلفتهم «حوشة » العمر، عساهم يتملكون بيتا يأويهم ويأوي أولادهم، لتمتد إليهم «مخالب » التصميم فتفتك بأحلامهم، والأخطر، بحسهم الوطني وبتفاؤلهم بمستقبلهم !…

بالمئات، حلوا بأبواب الولاية والجماعة، وبالفضاءات العمومية، بحثا عن كلمة جميلة تفرحهم، أو وعد صادق يرفع عنهم خوفهم ومعاناتهم، أو أذن مجاملة تصغي لتظلماتهم. جاؤوا يحملون ملفات ومحفظات، بها أوراق إثبات الملكية التي «تقرر » انتزاعها منهم، خدمة لأغراض «البلان « » الذي خرج فيهم » يبتلع أراضيهم أو عقاراتهم دون سواهم من سكان بني مكادة والعوامة وسيدي ادريس، والبحرين، والشجيرات وغيرها من المناطق التي «استهدفها » التصميم، لينشئ محلها حدائق ومسالك وملاعب ومقابر، وما يدريك فقد تتفتح شهية الإسمنت المسلح للمناطق التي اكتسحها «البلان » وتتكرر «مهازل » أيام زمان !…

مظاهرات واحتجاجات مستمرة، وتعرضات فاقت الثلاثة آلاف تظلم يصدح بها ممثلو فوق الخمسة آلاف أسرة، من المناطق «المخترقة »، يشتكون من الحيف الذي لحقهم بعد أن تقرر «تمرير » طريق بأراضيهم، لا، بل وبمكان وجود منازلهم، التي سيستوجب هدمها لتفسح الطريق أما الطريق «البلانية ،» كما أن أهل مقاطعة سيدي ادريس تفاجؤوا بقرار بناء مقبرة فوق حوالي مائة قطعة أرض من أراضيهم، بينما أهل مديونة ينددون بقرار بناء ملاعب ومحمية طبيعية ، في حين يرى المعنيون أن تلك المشاريع لا تشكل أولوية من أولويات طنجة حيث إن انتزاع تلك الأراضي من أصحابها إنما هو انتزاع لحقهم في العيش والرزق والحياة…

المتظلمون فوجئوا بالتصميم لأنه وقع التعامل معهم كما تتعامل بلدية مارسيليا مع مواطني تلك المدينة، خرائط ملصقة بجدران فضاء من فضاءات بناية الجماعة، التي تسمى، مجازا، قصر الجماعة، لتتم مراجعتها بين تاريخين محددين من أجل الاعتراض الذي يعلم الكثيرون منهم أنه لن يفيد في شيء…. وأن السيف سبق العدل، ومع ذلك حجوا ل «قصر البلدية » وأصروا على مقابلة العمدة العبدلاوي البيجيدي، الذي أعرب لهم عن «تفهمه » لموقف المعترضين… ووعدهم «خيرا »، لينصرفوا بيد «خاوية » وأخرى «ما فيها شيء

وعن لقائهم مع الوالي، قالت مواطنة إنه استقبلهم وتحدث إليهم عن التعويض و «التبادل » ولم يتوصلوا لا ببيانات ولا بضمانات في الموضوع . وها هم يدورون في حلقة مفرغة، حيارى ينشدون حلا يعلمون أنه لن يكون في صالحهم، وينتظرون «تطمينات » تذهب عنهم حزنهم وتعيد إليهم راحة بالهم. ولنا في «سابقة » المنطقة الصناعية بمغوغة، أسوأ مثال على الحيف الذي يلحق من نزعت منهم ملكياتهم، حيث تم تفويت مئات الهكتارات للمستثمرين في تلك المنطقة، بدرهم للمتر المربع. وبعد احتجاج الصحافة المحلية، تكرم مدير وكالة توزيع الماء والكهرباء، آنذاك، الماحي العراقي الذي كان مكلفا بالملف، فرفع «سومة » المتر المربع إلى درهم وعشرين سنتيما ! …

الحال مختلف طبعا بين ستينات القرن الماضي والسنة السادسة عشرة من الألفية الثالثة، ولكن الموضوع واحد والهم واحد أيضا. والفرق، هو أن مغاربة اليوم لو يعودوا يقرون بالأمر الواقع، أو الأمر المفروض من أعلى.

بل إنهم أصبحوا يطالبون بالحق في المعرفة، وبالحوار والتشاور، حتى وإن كان بعض المسؤولين ، اليوم، «يستكثرون » عليهم حقهم في المعرفة والمشورة…

وأمام «قصر » الجماعة، طالب المحتجون بإلغاء التصميم لأنه بني على صور جوية قديمة ومتجاوزة تعود لسنة 1992 ، وهو ما اعتبر فضيحة كبرى سيكون لها ما بعدها، حيث إنه يقترح حل طرق تخترق تجمعات سكنية تم الترخيص لها بصورة قانونية، كما تضمن بناءات واسعة تم الترخيص بها قانونيا، بعد سنة 2011 ، كما تم اقتراح شق طرق يستحيل إنجازها في الوقت الراهن. ثم إن التصميم يقترح إنشاء محمية طبيعية في منطقة «قيلات » بالكورنيش، وعدم اعتبار وجود منشآت سياحية وسكنية أقيمت منذ سنوات في المناطق المعنية بالتصميم، وهناك اختلالات أخرى تظهر مدى تخلف التصميم عن واقع المدينة بنيانا وعمرانا وتجهيزات ميدانية، سياحية وسكنية، وتجهيزات أساسية تمت، في الغالب، بعد الفراغ من إعداد التصميم عام 2014 .

ويتحدث بعض المتتبعين عن اختلالات حصلت على مستوى مكتب الدراسات الرباطي الذي يكون قد زرع فيه موظف سابق في اللجنة التقنية المحلية. ثم إن الخرائط التي ألصقت بداخل «قصر » البلدية، تحمل شروحا وبيانات حول التصميم، باللغة الفرنسية، مع العلم أنه ليس مفروضا على المغربي إلمامه بهذه اللغة الأجنبية، وهذا السبب كاف، وحده، للمطالبة ببطلان التصميم وإعادة صياغته بإحدى اللغات الرسمية، المنصوص عليها في الدستور. …