النقل السري : نعمة على المواطنين و نقمة على مهنيي القطاع
جريدة طنجة – سميرة أنكوري ( “النقل السري” )
الأربعاء 02 مارس 2016 – 16:42:57
من منا لم يلاحظ أن بعض محطات الوقوف وسط المدينة، و في أهم شوارعها، تتحول عند الساعات الأولى من الصباح أو عند مستهل المساء، إلى حلبة صراع مفتوح ،من أجل الظفر بمقعد داخل حافلة او سيارة أجرة – إن توفرت- أو داخل عربة نقل سري، يتسابق المواطنون على ركوبها، طمعا في الالتحاق بعملهم صباحا في الوقت المناسب، أو وهم عائدون إلى منازلهم مساء، خصوصا أولئك القاطنون في الأحياء الهامشية التي تتميز بكثافة سكانية عالية، أو تلك البعيدة جدا عن وسط المدينة، التي لا تغطيها خدمة النقل الحضري بشكل كاف،غير مبالين بالخطر الذي قد يشكله على حياتهم هذا النوع من وسائل النقل، التي تكون في الغالب قديمة الطراز و مهترئة كليا، لا تستجيب لأدنى مواصفات الراحة و السلامة الطرقية، كما أن أصحابها لا يتوفرون في معظم الأحيان على رخص القيادة و لا على الوثائق الأخرى كتأمين السيارة،بالإضافة إلى أنهم ليسوا مؤهلين مهنيا. كما تجدهم طوال الوقت يتحايلون على القانون،مندفعين إلى السياقة بشكل جنوني، هربا من شرطي المرور الذي يقف في الشوارع الرئيسية، مختلسين الطريق داخل الأزقة و الدروب الضيقة، مما يجعل حياة المواطنين، و حياة الركاب في خطر بليغ،في حالة وقوع حادث، و هو أمر وارد باستمرار.

من جهتهم يرى ممتهنو هذا النشاط ، غير القانوني، أنهم يقدمون خدمات نبيلة للمواطنين، حسب رأيهم، و يلعبون دورا حيويا في نقلهم، صباح مساء، إلى وجهاتهم، الأمر الذي عجزت عنه باقي وسائل النقل القانونية، كما يرونه مصدرا للعيش و منقذا لهم من براثن البطالة و مخرجا لأزماتهم المادية. و من جهة أخرى،نجد مهنيي النقل في قطاع الطاكسيات، الكبيرة و الصغيرة، ينددون بتفشي النقل السري الذي لم يعد سريا فيه إلا الاسم! بحيث يطالبون الجهات المسؤولة، بالتحرك جديا و اتخاذ كافة الصيغ القانونية، لوضعحد لهذه الظاهرة أو على الأقل التخفيف منها، كونهم من أكبر المتضررين ماديا من خلفياتها، فبينما هم يؤدون مختلف الواجبات و الرسوم القانونية، من ضرائب و غيرها، يبقى أصحاب النقل السري (الخطافة)، غير معنيين بذلك، و لا بالعدد القانوني للركاب، مما يؤثر سلبا على هامش الربح لدى المهنيين.
عموما، فإن حل مشكل النقل السري، لا يقف فقط على الإجراءات و التدابير القانونية، التي تتخذها السلطات المحلية بين الفينة و الأخرى ضد أصحابه، و التي تبقى في معظمها جزئية، بقدر ما يقف على إيجاد حل لمشكل البطالة، و إعادة النظر في الضوابط المنظمة لقطاع النقل، و وضع حد للتساهل و التواطؤ الذي يطبع هذا الملف، و ردع المستفيدين من هذا الواقع! .”