انعقدت بطنجة جلسات المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة يومي الجمعة والسبت 20 و 21 دجنبر 2024.
ولقد شارك حضروريا في هذه المناظرة حوالي ألف مشارك كما شارك عبر وسائل التواصل الرقمي ما يناهز خمسين ألف مشارك بجهات وعمالات وأقاليم المملكة من طنجة إلى الكويرة.
ولقد تم تنظيم أشغال المناظرة على شكل جلستين : افتتاحية واختتامية، انعقدت فيما بينهما 6 ورشات عمل ،تناولت كل واحدة منها موضوعا محددا في تكامل بين المواضيع الست؛ حيث خلصت كل ورشة إلى عدد من التوصيات الهامة تمت تلاوتها خلال الجلسة الختامية.
أما الجلسة الأولى فقد تميزت بتلاوة نص الرسالة الملكية السامية إلى المؤتمرين، تلاها السيد وزير الداخلية، كما تميزت الجلسة الختامية بتلاوة نص البرقية المرفوعة إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده.
كل ذلك تم في إطار تنظيمي متميز بقصر الفنون بطنجة، وهي معلمة بارزة تم إحداثها في إطار برنامج التنمية لطنجة الكبرى الذي أطلقه جلالة الملك مند سنين خلت.
ومن حيث المضمون، فإن المستوى العلمي للعروض المقدمة خلال انعقاد الورشات كان رفيعا وبمستويات علمية تندرج بين التمكن العميق من حيث الجانب الأكاديمي أو الفعالية من أجل وضع البرامج وتنفيذها وإبراز تأثيرها على الواقع، ولقد تميزت العروض المقدمة بالعرض القيم الذي تم تقديمه عن البرنامج التنموي لجهة الداخلة وادي الذهب..
وبصفة عامة فقد كان الحدث متميزا ولا شك أنه ستكون له آثار عملية على مستوى الممارسة.
ومما يلفت الانتباه في مخرجات هذا الحدث الوطني الهام، تأكيد مختلف المتدخلين على الإسراع بتنزيل اللاتمركز الإداري كضرورة ملحة لوضع الجهوية المتقدمة موضع التنفيذ بالموازاة مع تقريب سلطة القرار من المستوى الترابي الجهوي.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن اللامركزية قد سبقت عدم التمركز بأشواط عدة.
ومن هنا تبدو دواليب الإدارة متخلفة عن الركب وعاجزة على مسايرة وتيرة التطور الذي تعرفه البلاد.
إن هذا المعطى الهام تمت الإشارة إليه غير ما مرة خصوصا عند تدارس تحدي الرقمنة والإنتاج الرقمي على وجه الخصوص، فقد بدت الإدارة وكأنها تتصدر معوقات التنمية بالبلاد.
وهذا درس بليغ يجب استيعابه. وهو ما يتطلب تغيير الذهنيات والسلوكيات على حد سواء. فالتحول المطلوب إذن هو التحول العميق على مستوى الوعي الجماعي والفردي ثم على مستوى السلوك الإداري كإطار عام وضمنه سلوك العاملين بالوظيفة العمومية بوجه خاص.
ذلك لأن الهدف الأسمى والمشترك بين الجميع هو خدمة الإنسان المغربي بوجه خاص، وكما أكد أحد المتدخلين البارزين، فإن الرقمنة تعتبر رافعة مهمة من أجل فرض الشفافية كمبدإ من مبادئ الحكامة ومدخل من مداخل دمقرطة التنمية الترابية وإشاعتها في عموم المواطنين والمواطنات بشكل عقلاني ومستدام.
هذا غيض من فيض، وإلا فالمناظرة كانت شاملة ودامجة لعدد من المواضيع الهيكلية تصب كلها في اتجاه البحث الميداني والاستقراء العلمي من أجل إيجاد جهوية متقدمة بطعم مغربي.
محمد حبيب البكدوري