عودة مجلة “دارالنيابة” لتأثيث المشهد الثقافي بمدينة طنجة وتكريم ثلة من المؤرخين.
نظمت مؤسسة عبد العزيزخلوق التمسماني للبحث العلمي لقاء تكريميا لثلة من المؤرخين تحت شعار:”مجلة دار النيابة:منبر لترسيخ ثقافة الاعتراف”، مساء السبت 21 دجنبربقصر البلدية، حيث امتلأت القاعة التي احتضنت هذه الأمسية الثقافية عن آخرها بجمهورمتنوع ومتعطش للفكروالثقافة وشخصيات لها وزنها في مختلف المجالات، بالإضافة إلى ممثلي السلطات المحلية، فضلا عن مختلف وسائل الإعلام.
في البداية رحب مسيرهذه الأمسية الثقافية، الزميل خالد الشطيبات، بالحاضرين في هذا العرس الثقافي العلمي الذي تنظمه مؤسسة عبد العزيز خلوق التمسماني للبحث العلمي وهو ينطلق بمناسبة الذكرى الأربعين لصدورمجلة “دارالنيابة ” التي تعتبرإرثا ثقافيا وعلميا لمدينة طنجة وللمغرب ومصدرا بحثيا لكل المشتغلين في التاريخ ، خاصة في تاريخ منطقة الشمال ومدينة طنجة.وبعد فسح المجال، لتلاوة آيات بينات من الذكرالحكيم، أداها المقرئ السيد بلال، عاد مسيرالجلسة، الزميل خالد، واصفا هذا الحدث، “بكونه مسك ختام السنة الثقافية وأجمل عرس ثقافي تشهده المدينة، لأنه يحتفي بأحد كبارمؤرخي طنجة والمغرب ومنطقة الشمال، المرحوم عبد العزيزخلوق التمسماني الذي ترك إرثا علميا ومصدرا تاريخيا مهما جدا، ليس فقط من أجل التعريف بمنطقة الشمال ومعرفة ما هيتها ومسارتطورها في مراحل مختلفة من مسار منطقة لها إرث حضاري وثقافي ولها مساهمة كبيرة في صنع تاريخ المغرب ، بل لأن كذلك المرحوم المؤرخ عبد العزيز خلوق التمسماني هوإرث مشترك للمغاربة وهوذاكرة هذه المدينة التي يجب أن نعتزبها”.تلىت ذلك كلمة نجل المرحوم عبد العزيز خلوق، المهندس عادل خلوق التمسماني الذي رحب بالحضورالكبير، معلنا عن الانطلاقة الرسمية الانطلاقة الرسمية لمؤسسة عبد العزيزخلوق التمسماني، موضحا أن الهدف الأساسي لها هو دعم البحث العلمي وإعطاء الباحثين الفرصة في تطويرالمعرفة ونقلها للأجيال القادمة، مضيفا:”وفي هذا السياق يشرفنا اليوم أن نقدم أولی مبادرات المؤسسة من خلال إحياء مجلة “دارالنيابة” في حلة جديدة، مع الحفاظ على قيمتها الأصلية، لتکون حلقة وصل بين الأجيال.كما أتقدم بالشكرالجزيل إلى أعضاء مكتب المؤسسة على تفانيهم وجهودهم في الإعداد لهذه الأمسية الثقافية، كما أوجه شكري الخاص إلى جميع الباحثين والأكادميين والشكرموصول لعائلتي على دعمها المستمروعلى رأسها والدتي، حفظها الله، آملا أن تعرف هذه الانطلاقة بداية مثمرة”.بعدها، ألقى الإعلامي ومستشارمؤسسة”خلوق التمسماني”ذ.عبد الحق بخات كلمة افتتاحية، سلطت الضوء على وزن وتاريخ مجلة “دار النيابة”، قائلا:”يسعدني في هذه الأمسية الاحتفائية المباركة أن نستحضرجميعا بفخرواعتزازقامة شامخة في مجال البحث التاريخي الرصين الذي أرسى قواعده العلمية ومناهجه الدكتورالمرحوم عبد العزيزخلوق التمسماني، بمناسبة مرورأربعين سنة على إصدارالعدد الأول من مجلة “دارالنيابة” التي حققت حضورا وازنا في الساحة الثقافية الوطنية كمجلة رائدة في الدراسات والبحوث التاريخية، بمشاركة أقلام لها وزنها في هذا المجال ويكفي دليلا على هذه الأهمية أن الأديب العلامة المرحوم عبد
الله كنون هومن كتب مقدمة عددها الأول وقد حدد التوجه الذي ستنسجه
المجلة المرحوم عبد العزيزخلوق التمسماني بما يلي :
ـ المساهمة في التعريف بالمستندات المغربية من وثائق وتقاييد و نوال ..
ـ نشرأبحاث دراسات تساهم في الكشف عن ما ضينا وقيمنا وحضارتنا.
ومن بين الأسماء الأساسية التي أغنت المجلة بالدراسة والبحوث التاريخية، نذكرمنها “جرمان عيوش”، “محمد المنوني”، “عبد الهادي التازي”، “عبد الوهاب بنمنصور”، “إبراهيم حركات” وآخرين..وقد تحمل فيها المرحوم مسؤولية إدارتها، بينما كان يرأس تحريرها المرحوم محمد الأمين البزاز..” وبدوره، ألقى عبد اللطيف الغلبزوري، النائب الأول لجهة طنجة تطوان الحسيمة، كلمة بالمناسبة، شكرمن خلالها مؤسسة خلوق التمسماني على توجيه دعوة الحضورللجهة من أجل متابعة هذا اللقاء الفكري العلمي البالغ، موضحا أن مدينة طنجة والجهة، عموما، هي محتاجة إلى تنظيم مثل هذه اللقاءات، فالمجتمع لايقف فقط بالاقتصاد وإنما حتى بالأدب والفكروالتاريخ، فهذه الأمورتلعب أدوارا في النهوض بهذا المجتمع وتنميته، مضيفا أنه سعيد بأن يحضر هذا اللقاء تحت شعار”تكريم ثلة من الباحثين في التاريخ” بينما هو في الحقيقة هو تكريم أيضا واستذكاروتذكرللعالم الجليل المرحوم عبد العزيزخلوق، المؤرخ الطنجاوي الشمالي المغربي الذي ترك بصمات، ليس في طنجة والشمال، بل في المغرب كله..
من جهته، قدم شهادة في حق المرحوم عبد العزيز خلوق، ذ.الطيب بوتبقالت الذي يعتبرمن كبار مؤرخي المغرب على اعتبارأنه أحد المتميزين القلائل الذين كتبوا في التاريخ الإعلامي بالمغرب، من خلال العديد من الكتابات التي قدمها وهي كثيرة، سواء حول حرب الريف والتغطية الإعلامية واتجاهات الرأي العالمي.. كما جاء في تقديم الزميل الشطيبات، فاسحا المجال لمداخلته، حيث أشارمن خلالها ذ.الطيب بوتبقالت إلى أن المؤسسىة تهدف اليوم إلى حمل المشعل الذي ورثناه جميعا عن المرحوم في شكل رسالة علمية ثقافية تاريخية، هدفها الأساسي الدفاع عن الهوية المغربية، فمن لا تاريخ له لا هوية له، إذ أفاض المتحدث في إظهارقيمة المرحوم الفكرية والثقافية الذي لم ينل ما يستحقه من اهتمام بهذه المنطقة والمغرب ككل، باعتباره عالما من المستوى العالي، ذا إشعاع حتى خارج المغرب، حيث استفاد من تجربة وعلم وسلوك هذا البحاثة الذي كان يستنطق الوثيقة التاريخة ولايمرعليها مرور الكرام..تلت ذلك مداخلة ذ.محمد براص، تحت عنوان “دار النيابة بين البعد التاريخي والفعل الإعلامي”، حيث أشارإلى القيمة العلمية لهذا الحدث وإلى قيمته من الناحية الأكاديمية، باعتباره أيضا كان طالبا لدى المرحوم عبد العزيزخلوق التمسماني في بداية التسعينيات، حيث ارتأى أن يكون أكاديميا على مستوى النص الذي أعده بهذه المناسبة الكريمة وقرأه ضمن بعده الفكري المتكامل، حيث قدم من خلاله تحليلا ومعطيات قيمة، في عرض دقيق ومكثف، لا شك أنه مفيد جدا للطلبة والباحثين وذوي الاختصاص..ثم تلت ذلك مداخلة ذ.عبد المحسن شداد، تحت عنوان “المدن والمواقع الأثرية القديمة بشبه بالجزيرة الطنجية:طنجيس نموذجا” وهوعنوان كتاب “شداد”، الأستاذ الجامعي بتطوان في مادة التاريخ والمهووس بالتارخ القديم لمنطقة شمال المغرب، كما جاء على لسان مسيرالجلسة، حيث قدم ذ.عبد المحسن في هذه الإحاطة العلمية مختصرا مركزا لهذا الكتاب القيم.وبالمناسبة اعترف المتحدث بقيمة المرحوم عبد العزيز خلوق التمسماني الذي جاوره في شعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بمرتيل، واضعا إياه ضمن المؤرخين المغاربة القلائل الذين اهتموا بتاريخ مدينة طنجة ونذروا أوقاتهم للنبش والبحث في مصادرلم تكن تصل إليها أيدي الباحثين، سوى القليل منهم ونجحوا في توجيه جيل من الشباب إلى حدو نفس النهج وتقاسم نفس الاهتمامات.. بينما تناولت مداخلة ذ.رشيد العفاقي موضوعا تحت عنوان”الحضورالأندلسي في طنجة ” والذي اعتبره مسيرالجلسة من الذين يكتبون عن مدينة طنجة بحرقة كبرى، لأنه كتب عن دقائق ونفائس أثرية تاريخية لهذه المدينة من المدرسة المرينية إلى مسجد “الجامع الكبير” إلى أوراق من تاريخ طنجة إلى الحضورالأندلسي في شمال المغرب والقصرالكبير وكثيرة هي إصداراته التي تتعلق بالتاريخ الوسيط للمدينة، حيث أعطى ذ.العفاقي لمحة موجزة عن الحضور الأندلسي، الحضورالكثيف والمتميزالذي ساهمت في إبرازه قرب الجغرافيا، إذ يكفي ذكر طارق بن زياد، فاتح الأندلس وهوأول حاكم مسلم لمدينة طنجة، كما يكفي ذكرأول هجرة أندلسية إلى طنجة حدثت سنة 136 ه، يعني في فترة مبكرة من تاريخ المدينة.وتعددت الهجرات، خاصة بعد سقوط فالنسيا وقرطبة وإشبيلية.. حيث قدمت مداخلة ذ.رشيد معلومات دقيقة ومركزة حول الموضوع الذي طرقه..ثم بعد ذلك قدم ذ.مصطفى المرون مداخلته، تحت عنوان “الحرب الكيماوية ضد المقاومة الريفية والجبلية: قراءة في كتاب حصن روتنبيرغ: معلمة ألمانية فريدة بالمغرب”، حيث سافربالحضور، عبرشاشة حائطية، أعطى من خلالها شروحات وسلط الضوء على هذه الفترة الهامة من تاريخ المغرب..بينما كانت مداخلة ذ.عبد الرزاق بنعطية، الباحث في المجال السياحي والذي خبرهذا المجال لعقود، حول”هوية المدينة القديمة لطنجة والتصميم السياحي”، حيث تحدث عن المدينة، باعتبارها موروثا ثقافيا وحضاريا، مقدما معطيات وتفاصيل مهمة حول التاريخ والتراث والسياحة، هذا الثالوث المترابط فيما بينه الذي لايمكن فصل أحد عناصره عن الباقي، للنهوض بالتنمية المحلية ..بعد ذلك، تقدم ذ.يونس السباح بمداخلة، تحت عنوان:”رحلة لنقل جثمان السلطان المولى عبد العزيزمن طنجة إلى فاس:قراءة في الأبعاد والدلالات”، موضحا أن النص الذي قدمه بعجالة هو نص رحلي جنائزي لا يتعلق بالسلطان المولى عبد العزيزالذي حكم المغرب، فترة من الزمن وإنما الحديث هنا عن السلطان الذي جعل طنجة مستقرا له ومقاما لفترة معينة، مضيفا أنه قلما يتطرق الناس إلى هذا البعد وإلى هذه الأحداث التي قضاها السلطان من 1908 إلى 1943 والنص كتبه الوزيرأحمد بنموسى، وزيرالأوقاف، آنذاك، بالحكومة الخليفية بتطوان..
ثم أسدل الستارعلى هذا العرس الثقافي بمداخلة ذ.عبد اللطيف شهبون، الأستاذ الجامعي ومستشارمؤسسة “خلوق التمسماني” بكلمة ختامية ومما ورد فيها” أن هذا الاحتفاء العلمي والإنساني لروح أخينا المرحوم عبد العزيزخلوق، لاشك كما لاحظتم جميعا من خلال إنصاتكم لهذه العروض القيمة والنافعة والماتعة والمفيدة أنه يفتح آفاقا بحثية جمة وهذا اللقاء وضع المؤسسة أمام مشروع عملها، إن شاء الله” كما قيم عمل استصدارنسخة جديدة من العدد الأول لمجلة “دار النيابة”، مستحسنا إياه، شكلا ومضمونا..
واختتم هذا العرس الثقافي، بتوزيع الدروع على المشاركين، مع الاحتفاء بالسيدة أرملة المرحوم عبد العزيزخلوق التمسماني، فضلا عن قيدومة الإعلاميين الزميلة أمينة السوسي.
محمد إمغران