من واجبنا أن ننقذ شبابنا من كل ما يجعلهم يبتعدون عن دينهم و ينغمسون في ملذات الحياة السيئة… لا تعليم، لا ثقافة، لا حرفة، لا أخلاق، لا التزام، لا لا لا …..
متى نستفيق يا أمة الإسلام؟؟
هل هناك فعلا مشكلة في مجتمعاتنا الإسلامية بين الشباب والدين؟، وبالتحديد بين الشباب المثقّف والمتعلّم، والدين؟ إن هذه الإشكالية الَّتي تطرح، تنطلق من واقع مجتمعاتنا، التي يبرز فيها نموذجان يحكمانها، ويُكرِّسان صورة نمطية مغلقة؛ فإما شباب متديّن بطريقة تمثل المنهج المتطرف المعادي للعقل، والمرتكز على العصبية والتّلقين، والذي يتقبل بسهولة كل ما يقدم من تخلف وخرافة باسم الدين، وإما شباب منفلت من أية ضوابط دينية، وينطلق من حالة عداء للدين وعقدة من كل ما يمثّله، ومن رجال الدين على وجه الخصوص.
هل صحيح أن الخيار الوحيد للشباب في المجتمع الإسلامي، ينحصر بين التزام عصبي مذهبي مرتبط بالخرافات، وانحراف عن كل المنطلقات الدينية، ورفض يقترب من العقدة لكل ما هو ديني؟ إن هذه الإشكالية المطروحة في مجتمعاتنا الإسلامية، تصبح أكثر بروزا مع غياب الشخصيات الإسلامية التجديدية، التي تنفتح على المجتمع، وتتفاعل مع واقعه، وتستجيب لحاجاته، كما تواجه تحدياته.
إن الفهم المحدود للنص الديني المقدّس، جعلنا نبتعد عن واقع عصرنا ومشكلات شبابنا، فحركة الاجتهاد لا تتفاعل مع التحديات التي يفرضها العصر، الذي يتميز بثورة علمية شملت جميع شؤون الحياة، حيث إنها ما زالت تقتصر ـ في معظمها ـ على الأمور العباديَّة، ولا تخوض بالشكل المطلوب في أمور المعاملات، التي هي محل حاجة المكَلَّفين المؤمنين.
ففي اعتقادي، إن من مسؤولية العالِــم، أن يجيب عن أسئلة الناس التي تنطلق من واقع عصرهم، لذا، عليه أن يفهم الواقع جيدا، وأن يعيش عصره، ويستوعب تحدياته، وإلا، لن يكون بمقدوره الإجابة عن أسئلتهم، وبالتالي لن يكون فقيهاً بحقّ.
إننا نحتاج إلى ثورة تجديدية فكرية، تزيح كل ما علق بالدين من غبار التخلف والخرافة التي لا تمت إلى حقيقة الإسلام بصلة، كما أن علينا أن نقدم تراث أهل البيت(ع) إلى العالم بطريقة حضارية، حتى نمثل الصورة المشرقة للإسلام.
إن المطلوب اليوم، إعادة قراءة للنص الديني تؤكد صحيح الدين، وتُبعد كل الخرافات التي ألصقت به، بحيث تكون قراءتنا للنص منطلقة من روح العصر الذي نعيشه، بعيدا عن القوالب الجامدة، حتى نعيد إلى الدين قدرته على قيادة الحياة. ولأجل ذلك، ينبغي لنا أن نلمَّ بشؤون عصرنا وزماننا، وبمشاكله وتحدياته، حتى نستطيع مواجهة هذه التحديات، وخصوصا التحدي الثقافي، الذي يحمّلنا مسؤولية مواجهة التشويه الذي يلحقه المتخلّفون بصورة الدين، حيث تبرز الجماعات التكفيرية المتعصّبة، والفرق التي تنحو منحى الغلوّ في الدين، والتي نجد نماذج لها في جميع المذاهب الإسلامية، وإن كانت تأخذ أحيانا منحًى عنفياً دمويا، يشوه صورة الإسلام في بلداننا الإسلامية و في العالم بأسره، ويسيء إليه بطريقة كبيرة مؤثرة.
لذلك، فإن من واجبنا أن نقدم الدين بأسلوب إنساني كما جاء به خير البرية سيدنا رسول الله محمد ( صل الله عليه و سلم)، فقد جاء ليتم مكارم الأخلاق، و ركز على إبراز مفاهيم ديننا وقيمته الإنسانية، واليوم علينا أن نقدم المصالحة المطلوبة بين الدين والعصر، التي هي في واقع الأمر مصالحة مع أنفسنا ومع تاريخنا ومع فهمنا لتراثنا.
وكم نحتاج في غمرة التحديات التي يحفل بها هذا الزمن الصعب، إلى قامات فكرية شامخة، وفقهاء مجددون مجتهدون، يقدمون النموذج الحيّ للإسلام الرساليّ المنفتح على الحياة، الذي يدخل ساحة التحدي من موقع العلم والفعل والتّأثير، دون أن ينعزل عن الواقع ويتقوقع على ذاته ما يجعل شبابنا يتيه و يتشتت!
نحن اليوم نعيش أزمة دينية عقائدية حقيقية، نحن اليوم نرى شبابنا في دمار شديد، لا يعرف ما يفعله مع كل هذه المغريات و أشكال الفساد المتعددة، شبابنا اليوم بحاجة لمن يوجههم إلى الطريق المستقيم، إلى دين الله عز وجل، و سنة رسوله الكريم، نحن اليوم بحاجة إلى إنقاذ شبابنا مما هم فيه، اللوم ليس عليهم فقط، بل على آبائهم و أمهاتهم و محيطهم و منظومتهم التعليمية و التربوية و بالأخص المنظومة الدينية التي تكاد تختفي في عصرنا هذا، فلا نرى أنشطة دينية توعوية سمحة، و لا خطبا دينية يكون فيها النصح و الإفادة أقوى من مجرد كلام مخطوط يردده الخطيب دون فائدة تذكر، و لا نرى برامج دينية على التلفاز بقنواتنا كما في السابق، بل رعاة الإعلام المرئي يفضلون برامج الترفيه التافهة و المسلسلات التركية و الهندية و المغربية الساقطة، التي يجعلون فيها من *الشيخة* مثلا قدوة و من السارق و آكل مال الغير بطلا وقس على ذلك برامج العديد من الإذاعات التي لا تركز سوى على الأغاني المغموسة بملذات إبليس و العياذ بالله، حتى أن الأطفال و المراهقين الذين لا يتقنون الإنجليزية مثلا تراهم يرددون بعض الأغاني التي يمجد فيها الشيطان و فيها ما فيها من الإيحاءات الشاذة.. و إلى غير ذلك…
دعونا ننقذ بناتنا و أولادنا، فهم رجال و نساء المستقبل، هم عمود التنمية و التقدم، هم حماة الدين و الملة، وهم من سيحمون هذا الوطن…
لمياء السلاوي