يعد هلال الطير، من المدربين المميزين في المغرب، ونجح في كتابة اسمه بأحرف من نور في تاريخ الكرة المغربية وهو في مطلع الأربعينيات من عمره، بعدما حقق ما يطلق عليه الآن “معجزة طنجة”. وتحققت المعجزة بعدما قاد اتحاد طنجة، الذي كان قابعا في المركز الأخير بالدوري وقبل 12 جولة من نهاية المسابقة وهو يمتلك نقطتين فقط، ليصعد صعودا صاروخيا ويضمن البقاء قبل جولة من النهاية بشكل لم يصدقه حتى أنصار النادي. هلال الطير تحدث في حوار مع موقع “كووورة” عن سر المعجزة، وحقيقة العروض العربية و أمور أخرى.. (الحوار أجري قبل مباراة أمس الجمعة أمام فريق الجيش الملكي) وهذا نصه:
صف لنا مشاعرك بعد تلك المعجزة؟
لا يوجد تفسير ولا وصف لما أعيشه، أعتقد أنها تجربة غير مسبوقة بالنسبة لي كإنسان قبل أن أكون مدربا، أشعر وكأني أسبح في الخيال، وفي حلم جميل لا أود أن أستيقظ منه. أشعر بقمة الإنصاف لي ولمشواري مع طنجة، بعدما حققت ما وعدت به، وبعدما أكدت أن المستحيل بات ممكنا بالجد والانضباط. وماذا عن مشهد البكاء عقب ضمان البقاء؟ هي دموع الفرح ودموع الإنصاف، بلا شك حين اخترت تجربة طنجة قبل 5 أشهر تعرضت لحملة سخرية وتنمر وتربص من فئات مريضة سامحها الله، تحدثوا عن نهاية مشواري، عن انتحار فعلي بقبولي تدريب ناد شيعوه للقسم الثاني، وعن كوني سأتعرض لأبشع نهاية، بعدما استندوا لنقاط الفريق ووضعه المعقد بالدوري، وقد جعلت من كل هذا حافزا لي للرد ووفقت ولله الحمد.
كانت ريمونتادا تاريخية.. من أين لك كل تلك الثقة؟
الثقة في الله سبحانه وتعالى وفي القدرات وفي المحيط الذي تعاون معي، اخترت اتحاد طنجة محطة في مشواري التدريبي لأعيد الاعتبار لشخصي، لقد مررت من تجارب حققت فيها نجاحات باهرة، لكن في الظل عشت مونديال الأندية وصيفا مع الرجاء مساعدا للبنزرتي. ونلت ألقابا مع الرجاء مع محمد فاخر وغيره في منصب المساعد، كان لزاما أن أخرج للواجهة وخوض تحديات في غاية التعقيد مثل هذه للرد على كل المشككين، بالمغرب المدرب المحلي مغلوب على أمره ولا ينال التقدير الكافي إلا ما ندر.
وكيف بدأت رحلة صناعة ما تحقق؟
فور حلولي بالفريق طالبت ببعض التعاقدات، وكانت موجهة ومحددة بالأسماء، درست مكامن الخلل بالفريق واحتياجاته، ورئيس النادي مشكورا تجاوب مع مطالبي. نلت التقدير الكافي من الأنصار ومن ساكنة المدينة ومن اللاعبين لذلك تأكد لي أن التحدي سينجح، وأن من سيواجهنا وتحديدا داخل طنجة سيعاني الأمرين، والأرقام تتحدث عن كوننا ضمن أفضل 3 فرق في الإياب مع الجيش والوداد المنافسان على الدرع.
هل توقعتم أن تنقذوا الفريق قبل جولة من نهاية الدوري؟
لم يكن توقيت الإنقاذ مهما، كان الأهم هو أن يبقى اتحاد طنجة بين الكبار.. الحمد لله توفقنا في ذلك وتجنبنا مشقة الضغط النفسي قبل الجولة الأخيرة على ملعبنا، لذلك من الرائع أن تصبح مباراتنا المقبلة فرصة للاحتفال مع الأنصار، بدلا من البحث عن نقطة ضمان البقاء، سيتيح أمامنا هذا مجالا لاحتفالات كبيرة تليق بالإنجاز.
تواجهون بالجولة الأخيرة الجيش الباحث عن اللقب.. ما تعقيبك؟
شيء رائع أن يحدث هذا، تصور أن الجميع قدموا سيناريو آخر، قالوا إن الجيش الملكي سيحضر لطنجة ليحتفل بالدرع ونكون نحن في وضع البحث عن البقاء، تغير الوضع، نحن سنحتفل بالبقاء والجيش الملكي يبحث عن الانتصار. إنه إنصاف كبير أن يحضر طنجة والدرع يأتينا، وهو فأل حسن لنكون نحن من سيحدد بطل المغرب، سنلعب المباراة التي تليق بنا وبقيمة أنصارنا ومرة أخرى سعادتي تتجاوز الوصف.
****
الطير ينهي حقبة مدربين مغاربة
حين طرح إسم المدرب هلال الطير وهو يقبل المغامرة مع فريق ميت (كلينيكيا)، ونقصد طبعا اتحاد طنجة، هناك من اعتبر الرجل ومعه المكتب المسير الجديد أطرافا مغامرة في فراغ، لأن الفريق الذي حقق معه (المدرب) بادو الزاكي أذل مسيرة في تاريخ كرة القدم المغربية بعدما عجز معه عن تحقيق أي انتصار أو حتى تعادل، وغادر الفريق بصفر نقطة وصفر هدف، لأن الفريق عجز معه حتى عن تسجيل ول هدفا واحدا… قمة الذل.. لكن هلال الطير، الذي أصبح من اليوم قائد الجيل الجديد من المدربين المغاربة، استطاع إثبات الذات وتكذيب كل التكهنات بكل تحد. كيف لا وهو الذي وجد الفريق في جعبته نقطتين في ذيل الترتيب بعدما انطلق معه في نهاية شهر يناير الماضي، بالتحديد في الدورة 17 من منافسات البطولة الاحترافية للقسم الأول، واستطاع في نهاية المطاف إنقاذه قبل ختام الموسم الرياضي بمباراة واحدة بعدما ضمن المركز الرابع عشر الذي أمن له البقاء وبرصيد 29 نقطة. بل تحول من فريق غارق.. عاش صراعا طويلا مع شبح الهبوط إلى القسم الثاني، إلى فريق حاسم هو من سيحدد مصير بطل الموسم، وهنا تكمن المعجزة التي تحققت بفضل طموح هذا المدرب الشاب وجمهور استثنائي ومكتب مسير مغامر وشجاع.
بدون شك، سيبقى الطير، مدربا مشهودا له كواحد من الأطر الوطنية التي ستضع حدا لمسار جيل من مدربين أفلت نجومهم، وانتهت صلاحيتهم وبات من المنطق أن يغادروا ويتركوا المجال للشباب لينال نصيبه من الفرص، بعدما فشلت أولمبيك اخريبكة مع امحمد فاخر والدفاع الحسني الجديدي مع عبد الرحيم طالب في تفادي الهبوط. طبعا لا أحد ينكر أن فاخر من أكبر المتوجين بالبطولة المغربية وحصد العديد من الألقاب محليا وقاريا مع فرق مختلفة وهي حسنية أكادير، الرجاء والجيش الملكي وقاد المنتخب الوطني، لكن النتائج الأخيرة تؤكد ضرورة اتخاذه قرار المغادرة واختيار مجال آخر غير كرسي احتياط الأندية. نفس الكلام يقال عن عبد الرحيم طاليب الذي درب الجيش والفاسي وبركان، ومر من تجارب خارج المغرب، وعجز عن تحقيق ولو انتصارا واحدا مع الدفاع الجديدي هذا الموسم وقاده إلى النزول بعد قضاء سنوات بالقسم الأول. ونفس الكلام يقال كذلك عن بادو الزاكي، المحسوب على جيلي فاخر وطالب، والذي لم ينجح مع أي فريق مغربي وكلنا نعرف الدور الذي قدمه المدرب عبد الغني الناصري في تألق المنتخب الوطني في نهائيات كاس أمم أفريقيا 2004 بتونس والتي كان فيها الزاكي مدرب أساسي والناصري مساعدا. تكفي العودة للنتائج السلبية التي لحقت مسيرته خلال التجربة الأخيرة بالدوري التونسي أو مع منتخب السودان. اعتقد أن هذه الأسماء عليها أن تنضم لقائمة عزيز العامري ورشيد الطوسي و…لأن الكرة المغربية هي اليوم في حاجة للجيل الجديد من الشباب.