أثير نقاش خلال هذه الأسابيع حول اقتراب الوصول إلى التوافق بشأن إصلاح منظومة التعليم، بشكل يوحي بانتهاء الصراع القائم منذ مدة طويلة، بين النقابات والتمثيليات المهنية والوزارة الوصية، خاصة بعد اندلاع شرارة الغضب من نظام التعاقد وما تلاه من تعقيدات وعقبات ومحاولات إصلاح عقيمة..
وفي هذا الصدد قال شكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، إن النظام الأساسي الجديد يعتزم أن يبدأ تطبيقه في الدخول المدرسي المقبل، وذلك بعد مروره على كل مساطر المصادقة، مشددا على أن عمل الوزارة في هذا الشأن جدي، إذ أجرى بنفسه 28 اجتماعا بشأن النظام الأساسي الجديد، وتم التطرق فيها لجميع الملفات التي تهم أسرة التربية والتعليم، ومشيدا بكون هذا النظام الجديد يفتح أفاقا واعدة لأسرة التربية والتعليم، حيث يحافظ على مكتسباتها، ويوحد السيرورة المهنية لكل الأطر، بما فيهم أطر الأكاديميات.
وفي إطار إتمام المساطر والتوصل إلى الاتفاق، تم بداية هذا الأسبوع إجراء اجتماع بين الوزير والكتاب العامين للنقابات التعليمية الأربع (UMT-CDT-UGTM-FDT)الموقعة على اتفاق المبادئ الموجهة لمشروع النظام الأساسي الخاص بموظفي وزارة التربية الوطنية، حيث تم عرض مواد مشروع النظام الأساسي الجديد سواء النهائية أو التي لازالت في حاجة لمزيد من التدقيق على أساس من التوافق بين مقترحات الوزارة والمطالب التعديلية للنقابات المتضمنة بالمشروع وعرض أرضية النقابات التعليمية الأربع، بما فيها إلغاء الأنظمة الأساسية الاثني عشر.
كما خلص الاجتماع إلى ضرورة استمرار التداول بشأن بعض النقط المتبقية، رغم تقارب وجهات النظر في شأن حصول الضرر ويتم التداول في مضمون التسوية المنصفة والعادلة، سواء المرتبطة بمطالب فئوية أو مواد من مشروع النظام الأساسي الجديد.
وعلى صعيد مواز، أوضح بلاغ عن النقابات التعليمية الأربع، أنه تقرر هندسة مشروع النظام الأساسي الجديد في 121 مادة موزعة على 16 بابا، ضمت مختلف النقط التي تم تداولها في أشغال اللجنة التقنية المشتركة، فيما تم الاتفاق على عرض الحصيلة الراهنة، سواء المتعلقة بالنقط الاتفاقية أو المتبقية، على أجهزتها التقريرية قبل 26 يوليوز تاريخ انعقاد اللجنة المشتركة، على أن يتم بتاريخ 23 غشت المقبل عرض الحصيلة النهائية التي ستمكن من صياغة النصوص التنفيذية، حتى تتم أجرأتها ابتداء من شهر شتنبر المقبل.
وعن النقاط الخلافية التي لم تعرف بعد طريقها للتوافق، أوضح يونس فيراشين، الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم العضو في الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح صحفي أن مسألة الزنزانة 10 تعتبر من أبرز النقط الخلافية التي لم يحسم فيها بعد، على الرغم من الحسم في موضوع الأساتذة المقصيين من الوضع خارج السلم.
أما على صعيد موضوع أساتذة التعاقد الشائك، فنفى المتحدث أن تكون هناك أي إشارة لمصطلح التوظيف الجهوي ضمن النظام الأساسي الجديد، معتبرا أنه يفقد لأي مرجعية قانونية، مؤكدا على أن النظام الأساسي هو نظام أساسي واحد وموحد لجميع الموظفين وخال من التفييء أو التمييز أو التصنيف وهو في إطار الوظيفة العمومية.
وأضاف النقابي أنه من بين النقط الخلافية الأساسية أيضا موضوع التوجيه والتخطيط، إذ تقترح الوزارة تغيير الإطار إلى مفتش بالمرور من المركز، وهو ما ترفضه النقابة الوطنية للتعليم التي تشدد على ضرورة تغيير الإطار بالأقدمية في الإطار فقط، كما كان معمولا به في نظام 85، فضلا عن مراجعة قيمة التعويضات التي يجب أن تكون في مستوى المهام المنوطة بهم.
وعلى صعيد ذي صلة، أشار يونس فيراشين إلى شروط الولوج إلى مختلف المراكز، موضحا أن هناك اقتراحات مهمة في هذا الصدد من قبيل تغيير شرط 15 سنة لولوج مسلك الإدارة إلى 10 سنوات، و7 سنوات للتوجيه والتخطيط، بالإضافة إلى شروط أخرى ستقدمها النقابة.
ويبدو من خلال هذا الرصد للاختلافات العالقة ـ إن صحت ـ أن الأمر فعلا قريب من الحل والتجاوز، فمن الواضح أنها أمور ثانوية لا تحمل ثقل القضايا الجوهرية، التي قادت سلاسلا من الإضرابات والتشنجات والمحطات النضالية العنيفة والمؤلمة، حيث أدى كل من الأستاذ والتلميذ الثمن غاليا.