بعد كتابه “التراث المعماري لطنجة: تراث متفرد لمدينة عالمية ومتعددة الثقافات” الذي صدر في سنة2022 م بأربع لغات: العربية والإنجليزية والإسبانية والفرنسية، صدر خلال ماي 2023م للباحث الأكاديمي أحمد الطلحي كتاب جديد رقمي بعنوان “التراث الطبيعي لطنجة: تراث متنوع ومتميز”. يقع في 104 صفحات من القطع المتوسط.
ولقد عمل المؤلف في هذا الكتاب على جرد التراث الطبيعي الموجود داخل مدينة طنجة وضاحيتها والتعريف به، عبر أربعة فصول، كل فصل خصصه لقسم من التراث الطبيعي:
- التراث الأخضر (الغطاء النباتي)
- والتراث الأزرق العذب (الموارد والأوساط المائية)
- والتراث الأزرق المالح (البحار والمحيطات والشواطئ)
- والتراث البني أو الجيولوجي (صخور وتربة وتضاريس وأشكال صخرية)”.
ويعرف الكاتب التراث بأنه “كل ما ورثناه عن الآباء والأجداد، أو كل ما ورثه الجيل الحالي عن الأجيال السابقة وكل ما سيورثه الجيل الحالي للأجيال القادمة”.
وبالنسبة لكيف يتم التعامل مع التراث، يقول الباحث أحمد الطلحي: “وإلى عهد قريب كان التراث مهمشا لا تعطى له قيمة، واٌقصى ما كان يفعل من أجله هو المحافظة عليه ومنع تعرضه لأي تغيير. هذه الرؤية تغيرت في العقود الأخيرة وأصبحت تنعث بالرؤية المتحفية المقتصرة على تحنيط التراث. وللأسف كانت لعدم المحافظة وللرؤية التقليدية للمحافظة معا نتائج وخيمة، إذ ضاع جزء كبير من تراث البشرية الثقافي والطبيعي. والرؤية التي أصبحت منتشرة الان ويعمل بها، هي اعتبار التراث مكون من مكونات الإطار الحياتي للمجتمعات البشرية، وقطاعا اقتصاديا أيضا، وقد يكون قاطرة للتنمية في بعض المناطق”.
ومن خلال دراسته للتراث وتجربته العملية في حمايته وتثمينه، توصل المؤلف إلى المعادلة أو التعريف التالي: “التراث نعيش فيه ونعيش معه ونعيش به ونعيش منه“.
ويرى الطلحي بأن “الهدف من الحفاظ على الأوساط الطبيعية وكذا الموارد الطبيعية (التربة والماء والتنوع الحيوي والصخور…)، هو الحفاظ من جهة على جمالية الطبيعة وعلى الإطار الحياتي الذي نعيش فيه، ومن جهة ثانية من أجل استدامة الاستفادة الاقتصادية. فمثلا، من خلال الحفاظ على التنوع البيولوجي، يمكننا أن نكتشف في المستقبل مواد غذائية جديدة وأدوية جديدة ومواد خام لصناعات المستقبل..”.
كما ينبه إلى أن “التراث الطبيعي في بعض الحالات قد يكون في نفس الوقت تراثا ثقافيا، والعكس صحيح، مثلا: المغارات هي تراث طبيعي ولكن إذا اتخذها الإنسان سكنا أصبحت تراثا ثقافيا في نفس الوقت، والغابات المشجرة هي تراث ثقافي لأنها من صنع الإنسان ولكنها تصبح أيضا تراثا طبيعيا لظهور أنظمة إيكولوجية بها تحتوي على حياة برية متنوعة من نبيت ووحيش وكائنات مجهرية”.
ويعتبر الكاتب التراث الطبيعي لطنجة تراثا متنوعا ومتميزا: “تراث متنوع، لأنه يتكون من جميع أنواع التراث الطبيعي. فالمدينة تنتشر فيها غابات حضرية وشبه حضرية وغطاء نباتي متنوع، وتتوفر على أوساط وموارد مائية مهمة تتمثل في عدد من الأودية والمناطق الرطبة والعيون، وتمتاز بشواطئها الجميلة الممتدة على الواجهتين المتوسطية والأطلسية، وعلى تراث بني متنوع يتجلى أساسا في الشواطئ الصخرية والمغارات.. (و)تراث متميز، لأنه يتميز بحجمه أو جماليته بالمقارنة مع مثيله الوطني والعالمي في بعض عناصره، والمثال الواضح هنا هو خليج طنجة الذي يوصف من قبل الخبراء وطنيا ودوليا من أكبر الخلجان وأجملها”.
واستعمل المؤلف لغة بسيطة “حتى يكون الكتاب في متناول الجميع” واستخدم أسلوبا مختصرا “حتى لا يتيه القارئ العادي غير المختص في متاهة التفاصيل وكثرة المعلومات”.
واختار الكاتب “لغلاف الكتاب صورة لحقل زهرة سوسن طنجة، أو إيريز تنجيتانا الاسم العلمي والعالمي أو البرواقة الاسم المحلي. لأن هذه الزهرة هي التي اختارها ثلة من المهتمين بتراث المدينة، كرمز لتراث المدينة المتميز بشقيه الثقافي والطبيعي”.
أما خاتمة الكتاب، فلقد اختار الباحث أحمد الطلحي أن تكون عبارة عن “خلاصة تركيبية للمقترحات والتوصيات التي وردت في الكتاب حسب التقسيم الرباعي للتراث الطبيعي الذي اعتمدته، بدل جرد الخلاصات. وذلك، حتى يتسنى لكل من الفاعلين المحليين والمهتمين وسكان مدينة طنجة عموما، العمل على تحويلها إلى مشاريع وإجراءات عملية، من أجل المحافظة على تراث المدينة وتثمينه”.