شهدت مدينة طنجة، الأسبوع الماضي، انعقاد فعاليات مؤتمر الأطراف المتوسطي ميدكوب 2023، الذي نظمه مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة بشراكة مع دار المناخ المتوسطي تحت شعار “أجندة متوسطية موحدة من أجل التراب ومن أجل الساكنة”.
ويهدف هذا المؤتمر بشكل أساس لتعزيز دينامية دول الحوض المتوسطي للعمل من أجل المناخ، وجعل الجماعات الترابية وجمعيات المجتمع المدني والقطاع الخاص جزءا من هذه الدينامية.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، أن المغرب اتخذ تدابير عملية استباقية لمواجهة تراجع الموارد المائية بسبب التغيرات المناخية التي تؤثر على حوض البحر الأبيض المتوسط.
وأبرز بركة أن المغرب، بتعليمات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، عمل على تعزيز صموده في مواجهة التغيرات المناخية، ولاسيما في ظرفية تتسم بضعف التساقطات، مبرزا أن المملكة تتوفر على 152 سدا بقدرة تخزين تناهز 19,9 مليار متر مكعب، من المرتقب أن ترتفع إلى 25 مليار متر مكعب في أفق سنة 2027، كما يجري بناء عدة السدود تلية وصغرى، وتنظيم تدبير المياه الجوفية عبر عقود الفرشات، والعمل على ربط الأحواض المائية، الذي سيمكن خلال الأشهر المقبلة من نقل بين 300 مليون و 400 مليون متر مكعب من المياه من حوض سبو إلى حوض أبو رقراق، وبالتالي ضمان مياه الشرب لحوالي 12 في المائة من ساكنة المغرب.
وفي السياق ذاته، أضاف الوزير أن العمل انصب على تقوية العرض المائي من خلال تحلية مياه البحر، حيث ستنتقل قدرة المعالجة من 150 مليون متر مكعب سنويا حاليا إلى 200 مليون متر مكعب سنويا في أفق عام 2030، ومضاعفة القدرة على معالجة المياه العادمة بثلاث مرات في أفق عام 2026، والاقتصاد في استهلاك المياه عبر تحويل أنظمة الري إلى التنقيط وتحسين مردودية القنوات، ووضع آليات النجاعة المائية في عدد من الصناعات والأنشطة الاقتصادية، مع رفع مساهمة الطاقة الكهرمائية في المزيج الطاقي بالمملكة.
واعتبر السيد بركة أن مؤتمر “ميد كوب” يشكل فرصة فريدة لتبادل التجارب الجيدة في مجال مكافحة التغيرات المناخية، وبناء شراكات استراتيجية وتعزيز التعاون الإقليمي، على اعتبار أن العمل المشترك والتنسيق حول قضايا المناخ يعد السبيل الأمثل للتصدي لتأثيرات التغيرات المناخية التي تعتبر تحديات مشتركة بحوض المتوسط.
وفي هذا السياق، سجل أن تنظيم هذا المؤتمر يعكس الالتزام المشترك بالتعاون والتنسيق الإقليمي لمواجهة تحديات التغير المناخي، الذي صار يشكل تهديدا حقيقيا للبيئة والمجتمعات في مختلف بقاع العالم، لاسيما بحوض المتوسط، الذي بالنظر لموقعه الجغرافي وخصوصياته الطبيعية وكذا السوسيو اقتصادية وساكنته التي تقدر ب 500 مليون شخص، يعتبر من المناطق الأكثر حساسية والتي يشتد فيها وقع التغيرات المناخية.
وسجل بأن تقريرا علميا أبان عن ارتفاع درجة الحرارة بالمتوسط بحوالي 1,5 درجة تقريبا منذ ما قبل العصر الصناعي، أي 20 % أسرع من المتوسط العالمي، وفي حالة عدم اتخاذ تدابير إضافية، سترتفع درجة الحرارة في منطقة البحر المتوسط بمقدار 2.2 درجة مئوية بحلول عام 2040، كما سيؤثر ارتفاع سطح البحر على ثلث سكان المنطقة في المناطق الساحلية ويهدد سبل عيش ما لا يقل عن 37 مليون شخص في شمال إفريقيا لتأثير ذلك على الإنتاج الزراعي، وتراجع توفر المياه العذبة بنسبة تصل إلى 15 في المائة خلال العقود القادمة، ما سيعرض حوالي 250 مليون شخص للفقر المائي.
ويشار إلى أن فعاليات المؤتمر شهدت توقيع العديد من الاتفاقيات الدولية واتفاقيات الشراكة، أبرزها :
– ثلاث اتفاقيات دولية مع منظمات وبرامج تابعة للأمم المتحدة، اثنان منها مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وأخرى مع برنامج صندوق الأمم المتحدة لتنمية رأس المال
– اتفاقية شراكة وتعاون بين كل من وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة وزارة الصناعة والتجارة ومؤسسة دار المناخ المتوسطية ومنظمة المدن والحكومات المحلية المتحدة بافريقيا تتعلق بخفض انبعاثات الكربون في المناطق الصناعية بالجهة
– اتفاقية إطار مع ثمان جماعات ترابية بالجهة في إطار مشروع ممول من طرف الاتحاد الأوروبي يهدف إلى خلق ثمانية مراكز لخدمات الطاقة والمناخ بكل عمالات وأقاليم جهة طنجة تطوان الحسيمة
– اتفاقية شراكة مع المجتمع المدني بشأن مشروع مؤشر الديمقراطية التشاركية من أجل انتقال أخضر ومرن وشامل.
كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم مع الوكالة المغربية للنجاعة الطاقية لتعزيز النجاعة الطاقية بالجهة.
ويذكر في الختام أن أن أشغال “ميد كوب” تمحورت حول ثمانية محاور موضوعاتية، تمثلت في “المدن والأقاليم المتكيفة مع تغير المناخ”، و”النظم الغذائية المستدامة”، و”الإدارة المستديمة للموارد المائية والاقتصاد الأزرق”، و”الانتقال الطاقي”، و”النساء والمناخ”، و”الحلول القائمة على الطبيعة”، و”الهجرة المناخية”، و”السلام والأمن والتعاون اللامركزي”، ثم “تمويل مشاريع المناخ”.