ليس من محض الصدفة أن يصبح المغرب البلد الثالث عالميا من حيث تنافسية صناعة السيارات، ولا من ضروب الحظ أن يحقق ريادة عالمية في صناعة سيارات المستقبل، وإنما الأمر مبني ومُستشرف، يجر وراءه سنوات من العمل والاجتهاد وفق استراتيجية ملكية تنير الأفق وتعبِّد الطريق..
واليوم يحتفل المغرب بافتخار بالرائدين المستقبليين لعلامة “صنع بالمغرب”، اللذان سيجسدان مكانة المغرب في الصناعة المحلية للسيارات، القادرة على فرض تنافسية عالميا قوية.
وما كان لهذا الإنجاز العظيم أن يتحقق لولا العناية الملكية السامية، التي تجمع بين الإرادة الملكية في تشجيع المبادرات المقاولاتية الوطنية الرائدة والقدرات الإبداعية والنهوض بها، لاسيما لدى الشباب المغربي، وبين التعليمات الملكية الرامية إلى توجيه القطاع الخاص نحو الاستثمار المنتج، لاسيما في القطاعات المتطورة والمستقبلية، مع حرص النظر الملكي المستنير على حماية وضمان التنمية المستدامة وتعزيز الطاقات المتجددة، لاسيما في قطاع الهيدروجين الأخضر الواعد.
نحو منظومة صناعية متكاملة:
إن حدث الاحتفال بهذا العرس الصناعي يأتي نتيجة لمسار ممتد لأكثر من عشرين سنة، من تطبيق التوجيهات والاستراتيجيات الملكية في النهوض بقطاع الصناعة عامة وصناعة السيارات خاصة، وهنا نحن الآن نشهد على تمكن المغرب من إطلاق عهد جديد في صناعة السيارات، عبر إنتاج مركبة مبتكرة تقوم على آخر وأحسن التكنولوجيات، ستتمكن من فرض تنافسية عالمية قوية، حسب تصريحات صحفية لرياض مزور، وزير الصناعة والتجارة.
ويتعزز هذا الحدث مع توفر المغرب على عشر منظومات صناعية مرتبطة بصناعة السيارات، تتعلق بالأسلاك الكهربائية والميكانيك والبطاريات والمقاعد وإطارات السيارات، وهو الأمر الذي سيمكن من تحقيق منظومة متكاملة لتصنيع سيارة مغربية بنسبة 100%.
سيارة المستقبل من أياد مغربية:
قدمت شركة NamX“نامكس” نموذجا لأول سيارة مبتكرة قائمة على تكنولوجية فريدة من نوعها تعتمد على الهيدروجين، وهو ما يعتبر توليفة تكنولوجية علمية جديدة، تسعى من أجل تقديم الحلول المستقبيلة للنقل البيئي المستدام.
وحسب ما تم تقديمه في خصائص المركبة، فإنها ستعمل بطاقة كهربائية يتم إنتاجها داخليا، عبر تفاعل كيميائي بين الهيدروجين المشحون والأوكسجين المأخوذ من الهواء، ولن يطرح هذا التفاعل أي مخلفات كيمياية سوى جزيئات الماء.
وستمكن هذه المعادلة من تحقيق رهان الاستدامة الطاقية والحفاظ على البيئة، كما أنها ستوفر خدمة تنقل عالية الجودة وفق معاييرعالمية، حيث تصل سرعتها القصوى إلى 250 كيلومتر في الساعة، بقدرة دفع تصل إلى 550 حصانا، فضلا عن سرعة اشتغالها، إذ تصل إلى سرعة 100 كيلومتر في الساعة في غضون أربعة ثوان ونصف.
أما عن طريقة الشحن، فسيتم تزويد المركبة بالهيدروجين بواسطة خزان مركزي معزز بست كبسولات قابلة للإزالة، مما سيمكن من تأمين قدرة مهمة للبطارية وتسهيل شحن الهيدروجين في بضع دقائق.
ويشار إلى أن إبداع هذه السيارة مغربي بحث، باستثناء الهيكل الخارجي الذي تمت الاستعانة فيه بشركة إيطالية مرموقة عالميا. وينتظر أن تنتج المملكة المغربية 700 ألف سيارة سنويا، على أن يتم تصدير 90% منها إلى أوروبا وباقي دول العالم.
“نيو موتورز” علامة مغربية 100%:
بمثابة إعلان عن ميلاد أول علامة مغربية في صناعة السيارات، أطلقت شركة “نيو موتورز” مركبتها الجديدة، المصنوعة من خلاصة الكفاءات المغربية، والمجهزة محليا عبر منظومة محلية لتجهيز السيارات، وباستثمار ممول كليا من رؤوس أموال مغربية.
وانطلاقا من الشهر القادم، ستشرع الوحدة الصناعية بعين عودة في إطلاق السلسلة الأولية للإنتاج بالموازاة مع الشروع في عملية التسويق، حيث تستهدف الشركة إشباع السوق المحلي في خطوة أولية، ثم التوجه إلى التصدير.
ويتوقع أن تبلغ الطاقة الإنتاجية السنوية 27 ألف وحدة، بنسبة إدماج محلي تصل إلى 65 بالمائة، على أن يصل الاستثمار الإجمالي في هذا المشروع 156 مليون درهم، مع إمكانية إحداث 580 منصب شغل.
وفي تصريح صحفي، أوضح نسيم بلخياط، المؤسس المدير لشركة “نيو موتورز” أن هذه السيارة سيتراوح سعرها ما بين 170 ألف درهم و190 ألف درهم، مضيفا أنها تعمل بالبنزين من فئة “كروس أوفر” وصالحة للمناطق القروية والجبلية، كما أعلن أنه سيتم في مرحلة مقبلة إصدار نسخة رباعية الدفع بمحرك كهربائي.
وأوضح بلخياط أن القدرة الإنتاجية الحالية تبلغ خمسة آلاف سيارة في السنة، وسيتم الرفع منها تدريجيا للوصول إلى 27 ألف سيارة في السنة على المدى المتوسط، مؤكدا على أن محرك السيارة مصنوع في القنيطرة، باستثمار إجمالي بلغ 156 مليون درهم، تم في إطار اتفاقية ممتدة إلى عشر سنوات، وقعتها الشركة مع وزارة الصناعة سنة 2019.
وأمام هذه المنجزات المبهرة، نكون مجددا أمام برهان قاطع على أن الكفاءات المغربية يمكنها أن تنافس العالم وتحظى بالصدارة والحظوة في جميع المجالات، ويتطلب الأمر فقط إعمال الثقة وإعادة الاعتبار ثم العمل وفق توليفة النجاح.


















