نعيدو أو ما نعيدوش….
الجدال السنوي المألوف بين مطالبين بإلغاء عيد الأضحى و معارضين لهم…
دينيا: أمير المؤمنين ينوب عن المعوزين
اجتماعيا: قروض بنكية و *السعاية* من أجل شراء الأضحية
في السنوات الأخيرة و بسبب الارتفاع المتواصل في عموم الأسعار، و خصوصا عند اقتراب موعد عيد الأضحى المبارك، تتعالى بعض الأصوات التي تطالب بإلغاء عيد الأضحى، كما تحاول جاهدة التأثير على الحكومة المغربية و على ملك البلاد لتنفيذ مطلبها الذي يعتبر خطا أحمر بالنسبة لغالبية المغاربة، فعيد الأضحى هو سنة مؤكدة يتم من خلالها التقرب إلى الله إذا استطاع الإنسان ذلك، الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، لذلك عدم استطاعة المسلم شراء أضحية العيد فلا حرج عليه أبدا، و أجره عند الله محتسب، لأنه أراد و لم يستطع.
و هنا سنتحدث عن الهاشتاغ الذي يكسح في هذه الفترة مواقع التواصل الاجتماعي بإلغاء عيد الأضحى،بعد وأن سبق للمغرب أن ألغى الشعيرة الدينية في ثلاث مناسبات، بقرارات ملكية أجازت عدم نحر أضحية العيد، أولها كان عام 1963 حين عرف المغرب أزمة اقتصادية بعد اندلاع حرب الرمال بين المغرب والجزائر على خلفية مشاكل مرتبطة بالحدود،وفي عام 1981، شهدت البلاد أزمة جفاف حادة، دفعت من جديد العاهل المغربي الراحل، الحسن الثاني، وباعتباره “أميرا للمؤمنين”، إلى إعلان إلغاء الاحتفال بالمناسبة، غير أن بعض المغاربة تمروا د على القرار ونحروا أضحية العيد بعيدا عن أعين السلطات.
وكانت المرة الثالثة والأخيرة عام 1996، وكان السبب أيضا موجة جفاف “كارثية” ضربت المغرب، وخرج حينها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، عبد الكبير العلوي المدغري، ليتلو خطابا نيابة عن الملك الحسن الثاني، جاء فيه أن “سنوات الجفاف التي مرّت بالمغرب، خاصة عام 1995، تدفع إلى قرار إلغاء الأضاحي، لأن ذبح الأضحية سنة مؤكدة، لكن إقامتها في هذه الظروف الصعبة من شأنه أن يتسبب في ضرر محقق”.
وخلال جائحة فيروس كورنا عام 2020، وتفاعلا مع دعوات افتراضية طالبت الحكومة المغربية بإعلان إلغاء عيد الأضحى تفاديا لانتشار الوباء، قال رئيس الحكومة حينها، سعد الدين العثماني، إن الأمر يتعلق بـ”شعيرة دينية كبيرة”، مبرزا أن “أمير المؤمنين وحده يمكن أن يتخذ ذلك القرار (يقصد الإلغاء)”، قبل أن يردف مؤكدا “هذا القرار غير موجود هذه الساعة”.
السكنفل: أمير المؤمنين ينوب عن المعوزين
في تعليق له عن النقاش المطروح في الشبكات الاجتماعية، يقول لحسن بن ابراهيم سكنفل، رئيس المجلس العلمي لعمالة الصخيرات تمارة، إن سنة أضحية العيد تسقط عن المحتاجين غير القادرين على شرائها.
واعتبر سنكفل أن الرسول، محمد (صل الله عليه و سلم) “، ضحى بكبشين أقرنين أملحين أحدهما عن نفسه وأهله، والثاني عن من لم يقدر من أمته، وسيرا على نهج جده المصطفى، جلالة الملك محمد السادس وباعتباره أميرا للمؤمنين يضحي أيضا بكبشين، وينوب عن غير القادرين على شراء أضحية العيد”.
على صعيد آخر، اعتبر سكنفل أن إقامة عيد الأضحى “ليس مجرد طقس ديني، بل هو مناسبة يرافقها رواج اقتصادي كبير ينطلق أسابيع قبل عيد الأضحى ويستمر لأيام بعد العيد، ولا يمكن إلغاء هذه المناسبة بجرة قلم دون دراسة الآثار الاقتصادية للقرار”.
الخراطي: الإلغاء متجاوز
وتعليقا على الجدال نفسه، استبعد رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، بوعزة الخراطي، إلغاء عيد الأضحى، مفيدا بأن مثل هذه القرارات يتم اتخاذها أشهرا قبل العيد و الأمر متجاوز في الوقت الراهن.
مع ذلك، اعتبر الناشط الحقوقي أن الظرفية الاقتصادية التي تشهدها البلاد تستدعي تدخلا من الحكومة لدعم مربي المواشي وتخفيض أسعار الأعلاف حتى تبقى أسعار الأضاحي في متناول جيوب المواطنين، وفق تعبيره.
وتعليقا على حال سوق الأضاحي، أوضح الخراطي أنه من الصعب التنبؤ بأسعار الأضاحي خلال فترة عيد الأضحى، لكنه لم يستبعد “حصول مفاجآت” في أسعار الأضاحي.
وتابع “الفلاح المغربي لا يصرح بعدد رؤوس الأغنام التي يتوفر عليها، وبالتالي غالبا ما تحدث مفاجآت في أسعار أضاحي العيد، ولا أستبعد ذلك هذا العام بسبب استمرار موجة الجفاف، لذلك طالبنا الحكومة باستيراد أضاحي العيد من إسبانيا”.
إذن بعد هذه الآراء و المعطيات، يبقى القرار بيد المواطن نفسه، هل بإمكانه القيام بهذه السنة المؤكدة أو تجاوزها بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة، وما هو ربما غير مقبول دينيا و اجتماعيا، هو أن يقوم الشخص بالاقتراض من أجل شراء أضحية العيد أو تسول ثمنها بطريقة من الطرق، و نحن نعلم أن مجتمعنا بات يضم أناسا لا ييأسون و لا يملون من *السعاية* بالمناسبات الدينية و الاجتماعية و لا يفكرون في العمل و الكد من أجل لقمة العيش، هؤلاء هم من وجب محاربتهم لأنهم يوصلون فكرة خاطئة عن إقامة الشعائر الدينية و بالتالي تفقد معناها الحقيقي.
و عيد مبارك سعيد على الأمة الإسلامية جمعاء.
لمياء السلاوي