النطق و الكتابة بالحرْف العربي ، هما جهاز و أداة موسيقية ، استخدمه الفنان العربي بمميزاته التشكيلية الهندسية المختلفة القابلة ، للمتداخلة و المتشابكة فيما بينها ، أفقياً و عمودياً مما يُضفي على اللغة العربية بهاءً و جمالاً على لوحات من الروائع التشكيلية . و خير مثال على ذلك جداريات القصر الحمراء بغرناطة الأندلسية ، و هي تحفاً معمارية لمنحوتات بالخط العربي . لأنَّ كلَّ كلمة بحروف من اللغة العربية لها معناً و بلاغة . فقد اختارها الله جلَّ في عُلاه لتكون لغة القرآن الكريم كمعجزة أزلية . فاستطاعتْ أنْ تُوَفق بين المبنى و المعنى ، لتمنح لحروفها المرونة و النعومة ، كيْ تُحقق إحساساً بصرياً . ثمَّ إنَّ التنقيط ، بمعية الجزم والفتحة و الضمَّة و الكسرة ، و تنوينهم أكسب الحرف العربي قدْرَة خارقة من الذوْق الفني ما لا نهاية له . أقدم الفنان التشكيلي يوسف التونسي العزْواني على إبدع بالحرف البهي العربي تسعة عشر لوحة على شكل آداب الرحلة ، لمعرض بقاعة العرْض بنادي تطوان الثقافي .
~ أثبت الفنان على اللوحات تواريخ بعض الأمم ، بدْءً بالفرْية التي تزعم أنَّ القرآن مخلوق ، برسم تشكيلي لحرف القاف المُعرَّق للكرة الأرضية بجميع الحروف الأبجدية .
~لوحة لرسالة المصطفى”صلعم”إلى:هرقل”عظيم الروم بالحرف العربي المبين
~ لوحة الاختيار الحضري بالصوَر و قد كتبتْ بالحروف الهيروغليفية الفرعوْنية ~لوحة تعبّر عن الحضارة الآرامية وقد خططها الفنان بالخط المسماري .
~ ثمَّ لوحة تؤرّخ لإبادة الموريسكيين الأندلسيين بلغة “الأخيمادو” .
~ و من أجل أنْ يوَثق لطرْد الأندلسيين العرب المسلمين من بلدهم الشبه الجزيرة الإبيرية سنة 1492م ، لجأ الفنان للحرْف العربي “لا” على طول اللوحة إلى أساليب التعذيب ب”لا” تقبل التصديق ، و قد بلغت “إيزابيلا كاثوليكا” حالة من “الشيزوفرينيا” ذروتها عند سقوط الأندلس . ~ لوحتان بحروف عربية متقاطعة و مسترسلة في شكل مربع و كذا شكل دائري
~ لوحة من سرور النفس تؤرّخ لحضارة سودان النوْبة بإبداع من الحرف العربي
~ بمدارك حواس الفنان أبدع على لوحة بريشة الحرف العربي قصة الهدهد للنبي سليمان “عليه السلام” مع “بلقيس” ، ثمَّ ترجمة تشكيلية للآية الكريمة بحروف سبإ لحضارة اليمن ، و حضرموْت استذكاراً لسدّ مأرب .
~ لوحة لحصان “طرْوادة” ، استعمل الفنان ملكاته كالفارس السابح بخياله ، قصة المعركة بين “اسبارطا” و “أثينا” بحروف عربية على اختلاف أنواعها ، و بأثاث من الحروف الإغريقية .
~ اللوحة ما قبل الأخيرة ل”نيفيرتيتي” بتاج فرْعوْني ، ليجزم المبدع آثار حروف “هيروغليفية” باللوْنين الأزرق و الذهبي .
~ ليختتم الفنان التشكيلي يوسف التونسي العزْواني إبداعاته بلوحة مستطيلة المساحة تحتوي ملامح الهوية الأمازيغية الوطنية .
~ أمَّا تاج المعرض فهي لوحة و قد تكون هي الرسالة التي بعث بها رسول الله محمد “صلعم” إلى “هرقل” : بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد “صلعم” إلى “هرقل” عظيم الروم : سلام على من اتبع الهدى ، أمَّا بعد ، فإني أدعوك بدعوة الإسلام ،أسلم تسلم يوتك الله أجرك مرَّتين ، و إنْ توّليتَ فإنَّ عليك إثم الأريسيين. ~ حظي المعرض بإقبال هام من المبدعات و المبدعين و الفنانات و الفنانين ، و ذلك راجعٌ لمقام و مستوى و سمعة المتخصص في الحرْف العربي ، وهو الذي يُتقنُ بريشته مضامين الخط العربي ، من الخط الكوفي إلى الفارسي و المغربي المبسوط ، الناطق بلغة البيان .. عبد المجيد الإدريسي.