كان الملعب الكبير بطنجة ومعه عروس الشمال، مساء الأربعاء تحت أنظار العالم من خلال التظاهرة العالمية، كاس العالم للأندية أو “الموندياليتو” في نسخته 19. حيث احتضنت المدينة الحفل الافتتاحي الجميل الذي أبهر العالم. ومن خلال برنامج “بانورما” الذي يعده ويقدمه الزميل عبد الله الجعفري على قناة ميدي1 تيفي، تحدث عبد الواحد اعزيبو المقراعي، المدير الجهوي لقطاع الشباب بالجهة، وواحد من الأطر النشيطة على مستوى الجهة، والمساهمة بشكل كبير في إطار اللجنة الإقليمية التي يترأسها محمد مهيدية، والي طنجة، عن المجهودات التي بذلت، والتحضير الجيد لإنجاح هذه التظاهرة التي ستستمر إلى غاية الثلاثاء المقبل بمدينة طنجة، والسبت 11 فبراير بالرباط حيث تجرى المباراة النهائية. كما تحدث عن الثورة الرياضية التي تعرفها البنية التحتية على صعيد المملكة وعلى مستوى طنجة التي تشهد استثناءا بفضل العناية الملكية”.
طنجة استثناء في تطور البنية التحتية التي تشهدها مختلف جهات المملكة:
“ما نعيشه اليوم من نهضة وازدهار على مستوى المنشآت الرياضية و مختلف المجالات، هو نتيجة عمل انطلق منذ سنة 1999. فالمغرب الجديد منذ هذا التاريخ عرف ثورة على مختلف المستويات. ليس فقط الرياضية ولكن على مستويات مختلفة. ما نجنيه اليوم من ثمار ونتائج هو نتيجة عمل دؤوب قاده جلالة الملك حفظه الله. واليوم يمكننا أن نفتخر بما تم إنجازه خلال هذه المدة. حقيقة أن طنجة تمثل الاستثناء، لكن التميز مغربي وطني على جميع المستويات. ما نعيشه في طنجة نعيشه كذلك في مختلف جهات المغرب، لكن طنجة والجهة شكلتا أيضا الاستثناء، لأنها حظيت ببرامج كبرى أعطى انطلاقتها صاحب الجلالة نصره الله. برنامج “طنجة الكبرى” ومشروع التأهيل الاجتماعي والحضري لمدينة تطوان دون أن ننسى البرنامج الكبير الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة بمدينة الحسيمة “الحسيمة منارة المتوسط”.
مدينة رياضية تضاهي المدن و القرى الرياضية العالمية:
“بين المنجزات الأساسية لبرنامج “طنجة الكبرى” هو ما نستمتع وننتشي به من توفر مدينة رياضية تضاهي المدن الرياضية أو القرى الرياضية العالمية. المغرب اليوم مستعد ليس فقط لتنظيم بطولة في كرة القدم، بل أيضا لتنظيم بطولات دولية في رياضات أولمبية مختلفة. فالقرية الرياضية تتوفر على مكونات مختلفة، إلى جانب إنجازات في رياضة النخبة، هناك أيضا رياضة القرب، حيث أن الجهة عرفت ثورة على مستوى إنجاز ملاعب القرب التي تؤثر بشكل كبير على الاستقرار الاجتماعي وأيضا على الإنتاج الرياضي”.
سر إنجاز الأشغال في ظرف وجيز تحضيرا للموندياليتو
“الجواب بسيط ولكن معقد في نفس الآن، المغرب أمة التحدي والتحديات. و من عادتنا حين نرفع أي تحدي نكسب دائما. الأهم في العملية هو أننا اليوم نجد أن المغرب يحقق استقلالية حقيقية على مستوى اقتراح المشاريع، وتنفيذها. وبجولة في محيط الملعب الكبير بطنجة طيلة فترة التهييء، تكشف أن جميع الأطر مغربية من مهندسين معماريين، مكاتب الدراسات، أيادي عاملة مغربية، شركات وطنية مغربية مواطنة. بمعنى أننا اليوم نعيش قمة النهضة والازدهار على مستوى الإنجاز وعلى مستوى التنفيذ بعقول وسواعد ورؤوس أمول مغربية، وهنا يكمن تميز المغرب. وأيضا السرعة في تنفيذ البرنامج هي مرتبطة بالعناصر التي ذكرتها، و المغرب جاهز في أي لحظة لتنظيم أي تظاهرة كيفما كانت رياضية، فنية ثقافية. لأننا استثمرنا بما يجب طيلة فترة ال 25 سنة الأخيرة، الأمر الذي يجعلنا دائما مستعدون لتنظيم أي تظاهرة. وهناك أيضا مجهودات السلطات المحلية وعلى رأسهم السيد الوالي الذي في الحقيقة منذ الإعلان عن مدينة طنجة لاستقبال الموندياليتو يوم 25 دجنبر 2023، انطلقت أشغال اللجنة الإقليمية التي يترأسها السيد الوالي مكونة من السلطات المحلية ومختلف الأجهزة الأمنية والمصالح الخارجية، وكانت تشتغل على امتداد 24 ساعة من أجل تهيئ الظروف والشروط المناسبتين لإنجاح هذه التظاهرة. لهذا نجد أن الفيفا اليوم مرتاحة ومنشرحة جدا بهذا الفضاء الرياضي وأيضا بكل ما هو مرتبط بالملعب. لأن الملعب ليس وحده المكون الأساسي أو الوحيد في تنظيم “الموندياليتو” ولكن هناك مرافق أخرى تحتاج للعمل بالموازاة مع النشاط الرياضي”.
مبادرات قطاع الشباب لإنجاح التظاهرة:
“ما يجب أن نعرف نحن كمغاربة. هناك مسألة أساسية عندنا في المغرب. نحن بلد عريق لم يسقط من السماء في لحظة مباغثة، بل راكمنا مجموعة من التجارب. تراكم المؤسسات أيضا، لنا مجتمع مدني قوي، حاضر، متميز ومتفرد، وفي أي لحظة يدعوه الوطن، تجده يستجيب بشكل مباشر. هناك تعبئة مهمة من طرف جميع الجمعيات لإعطاء إشعاع من أجمل ما يكون من يوم الافتتاح وطيلة فترة المباريات الثلاث التي تجرى بمدينة طنجة. لهذا فالمجتمع المدني بمدينة طنجة هو اليوم معبأ بمختلف مكوناته من أجل إعطاء صورة مشرفة، مشعة للمغرب من خلال، الحضور وطريقة التشجيع، وأيضا تنظيم مجموعة من الأنشطة الموازية مع المباريات. فالمباراة تستمر 90 دقيقة، وفي بعض الأحيان تضاف الأشواط الإضافية والضربات الترجيحية. بشكل عام بالنسبة لنا حين تنتهي المباراة ليس بالضرورة أن ينتهي الموندياليتو، حيث هنا يجب أن تكون هناك أنشطة موازية. اليوم بدأت طنجة تتحول إلى فضاء للفرجة يشمل مختلف المقاطعات الأربع، من أجل التعبئة والتحسيس بأن هناك عرس رياضي كوني عالمي منظم من طرف مدينة طنجة، وبالتالي بدأ تنظيم مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية وستستمر سواء في الساحات العمومية بمختلف أطراف المدينة، وكذلك أيضا برنامج ثقافي رياضي موازي سينظم في مختلف المؤسسات الثقافية والشبابية لمدينة طنجة التي ستتحول إن شاء الله طيلة هذه الفترة إلى عرس كبير في فضاء مفتوح من أجل إعطاء صورة مشرفة، مشرقة مشعة للمدينة بالموازاة مع الموندياليتو”.
تفاصيل الأنشطة الموازية المرتقبة:
“في الحقيقة إن الرياضة تتجاوز اليوم حدود المنافسة الرياضية، تجاوزتها إلى مستويات أعلى وأهم، تشكل محورا أساسيا للتنمية. تعطي إمكانية وفرص إبراز قدرات الدول و الأمم على المستوى العالمي، وبالتالي فإن تظاهرة من هذا الحجم، وكما كنا نتحدث حول تظاهرة “مونديال قطر”، الذي أعطى إشعاعا حقيقا لدولة قطر وللأمة العربية بشكل عام. الرياضة يجب أن تستثمر على مستوى إشعاع الدول، وأتيحت لنا هذه الفرصة من المفروض أننا نفكر في أنشطة موازية. بوضع بالموازاة مع المباريات الرياضية، برنامج تنشيطي، ترفيهي يكسو مختلف الفضاءات العامة بمدينة طنجة. واللجنة الإقليمية المتتبعة لهذا النشاط، والتي يرأسها السيد الوالي الذي يبذل مجهودا كبيرا على مستوى التهيئ والتتبع لأبسط وأدق الأمور والتفاصيل المتعلقة بالتنظيم. هناك برنامج يمتد إلى حدود 12 فبراير و يتضمن مجموعة من الأنشطة الثقافية والفنية، فيها عروض فنية، سهرات بالساحات العمومية، نظير، باب المرسى، نافورة مارينا، مختلف فضاءات المقاطعات الأربع لمدينة طنجة، هناك كذلك تحويل المدينة العتيقة بطنجة إلى استوديو كبير تتوسع فيه البرامج الثقافية والفنية منذ الدخول من منطقة باب البحر، وصولا إلى باب المرسى. بمعنى أن المدينة العتيقة بطنجة تحولت إلى استوديو مفتوح وكبير يستقبل مختلف الزوار الوافدين على المدينة، وكذلك تقديم باقة فنية متنوعة يوميا من تنطلق من الساعة الخامسة مساء وتستمر إلى غاية العاشرة ليلا. بمعنى أن طنجة اليوم تحتفل بعرس حقيقي، والمتجول في أزقة و أحياء مدينة طنجة سيصعب عليه في بعض الأحيان التمييز هل هو فعلا يتجول داخل مدينة آهلة بالسكان، أم في استوديوهات واسعة على غرار استوديوهات هوليود. حقيقة أن المدينة العتيقة بمدينة طنجة من خلال البرنامج الذي أعطى انطلاقته صاحب الجلالة حفظه الله، والمتعلق بتأهيل المدن العتيقة جعل من المدينة العتيقة لطنجة استوديو مفتوح يتضمن أشهى ما يمكن أن تشتهيه خلال زيارة أي مدينة في العالم”.
الجمهور المغربي متجدر:
“الجمهور المغربي من خلال الصورة التي قدمها في مونديال قطر، هو جزء من تاريخ المغرب، من ثقافة أمة المغرب، تربية، أصول، عراقة، وبالتالي هذا الجمهور أو حضوره بكثافة في قطر لم يكن مفاجئا بالنسبة إلي شخصيا كمغربي، لأنه عندما تكون إزاء شعب له امتداد، جدور، انتماء إلى أمة متجدرة بالتاريخ، فأي شيء جميل يصدر عنه لا يفاجئني، و بالتالي حتى طريقة التشجيعات وكيفية ابتكار التشجيع في ظرف وجيز، فهذا في الحقيقة أمر مبهر يعطي دلالة قوية على شعب المغرب كي نفتخر به، وتحت قيادة ملك عظيم حفظه الله”.
مساهمة مراكز الاستقبال في إنجاح الموندياليتو
“كما يعلم الجميع، قطاع الشباب هو مكون من المكونات الممثلة للمصالح الخارجية الأخرى التي تلعب اليوم دورا كبيرا لمواكبة إنجاح مثل هذه التظاهرات الرياضية الكبرى. ولا ننسى أيضا قطاع الصحة الذي يلعب بدوره دورا كبيرا أثناء المباريات، وبالتالي فجميع القطاعات مجندة من أجل المشاركة والإسهام بفعالية و نجاعة في إنجاح هذه التظاهرة الرياضية الكونية. وقطاع الشباب لا يرتكز فقط على استقبال الشباب المشارك، والمتطوع في هذه التظاهرة داخل هذه المؤسسات، بل كذلك في تعبئة الجمعيات الشبابية من أجل الحضور بالملعب بحلة تتلاءم وتتناسب وحجم التظاهرة الرياضية. فجميع مراكز الاستقبال و أيضا مخيم الغابة الدبلوماسية بطاقة استيعابية لحوالي 500 نزيل، هي رهن إشارة جميع المتطوعين المشتغلين في هذه التظاهرة، وبالتالي جميع القطاعات، والمصالح هي معبأة في إطار عمل اللجنة الإقليمية التي يترأسها السيد الوالي من أجل التنفيذ الناجع لإنجاح هذه التظاهرة العالمية”.
****
ابن بطوطة ينبعث من جديد.. هذه المرة من ملعبه
كما علق أحد المتتبعين لحفل افتتاح الموندياليتو الرائع، الذي دارت أطواره بالملعب الكبير بطنجة “ربحنا رهان الافتتاح في انتظار رهان التنمية، وأجمل ما في حفل الافتتاح على بساطته وجماليته الإشارة إلى الرحالة ابن بطوطة”. وعندما نذكر إسم هذا الرحالة العالمي، نستحتضر مطلب الجمهور الرياضي الطنجاوي بأن يطلق هذا الإسم رسميا على الملعب الكبير بالزياتن. وهذا الإجماع على”ابن بطوطة” استمر لأزيد من 13 سنة على افتتاح هذا الملعب الذي لم يكتب له حمل إسم رسمي إلى حدود اليوم. رغم إطلاق فعاليات طنجاوية خلال مرحلة الإعداد لتنظيم الموندياليتو، حملة كبيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مطالبة بإطلاق إسم رسمي على الملعب، متحسرين على إهدار كل هذا الوقت في إيجاد تسمية مناسبة باختيار أحد رموزها ومعالمها التاريخية التي كان بالإمكان تسويقها خلال هذه السنوات الطويلة في ظل احتضان الملعب لعدة تظاهرات ومباريات عالمية. حيث بات إسم الرحالة العالمي الكبير ” إبن بطوطة” مطلبا ملحا ليحمل اسم هذا الملعب، معتبرين أن كاس العالم للأندية كان يشكل فرصة لتحقيق هذا الهدف. ونغتنم هذه الفرصة لنقدم لمحة عن مولد ونشأة ابن بطوطة.
هو عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي المعروف بابن بطوطة، رحالة عربي مسلم، ولد عام 703 هجرية الموافق 1304م في مدينة طنجة ، فنسب إليها، وعرف في بلاد الشرق باسم “شمس الدين بن محمد بن عبد الله بن ابن بطوطة”، يعود نسبه إلى قبيلة لواتة إحدى قبائل البربر. وعن لقبه “ابن بطوطة” فهي عادة معروفة في قارة أفريقيا، حيث تُنسب فيها بعض الأسر إلى أمهاتهم. وقد نسبت عائلة ابن بطوطة لسيدة كانت تحمل اسم فاطمة فتحول اسمها إلى بطة، هو اسم دلال ودلع ومن ثم أصبح بطوطة، وينتمي ابن بطوطة لعائلة كان معظم أفرادها يعملون في القضاء، وهي من العوائل التي تنتمي للمذهب المالكي الذي كان سائدا في شمال أفريقيا، وقد تعلم ابن بطوطة شيئا من علوم الدين كغيره ممن ينتمون إلى الطبقة الاجتماعية المتوسطة. ومن ثم تولى القضاء لمدة خمس سنوات، ثم تركها ليتوجه في رحلة جديدة باتجاه الصين التي تولى فيها القضاء مدة ثلاث سنوات وجزر المالديف. وبعد عودته إلى المغرب أمره سلطان فاس أبو عنان المريني أن يقوم بكتابة أخبار رحلاته الكثيرة، وعين له كاتبا يساعده في هذا الأمر هو ابن جزي الكلبي.