تفاجأ سكان مدينة طنجة، بداية الأسبوع، بخبر فرض زيادات في أثمنة اقتناء تذاكر ركوب حافلات النقل الحضري العمومي، ومعلوم أن خدمة النقل هذه تعتبر خدمة اجتماعية غير ربحية في الأساس، تدبرها الجماعة من أجل ضمان توفير مرفق النقل لسائر المواطنين على قدم المساواة، مع تلبية حاجيات الجودة والاستمرارية بمقابل يكاد يكون رمزيا.
ولأن الإمكانيات البشرية والمادية لجماعة طنجة لا تسمح بتدبير هذا المرفق، فهي تعتمد تفويض تدبيره إلى القطاع الخاص منذ زمن بعيد، مع احتفاظها بسلطات كاملة للتدخل في علاقة الشركة المفوض لها بالمواطنين، باعتبار ذلك يدخل في زمرة البنود التنظيمية، التي يعطي فيها القانون السلطة الكافية للهيئات العامة من أجل حماية الصالح العام.
ودون الخوض في متاهات تضارب القانون والواقع، وضح منير ليموري، رئيس المجلس الجماعي بطنجة أن العقد المبرم بين الجماعة وشركة “ألزا” يخول لهذه الأخيرة الحق في زيادة التعريفة منذ سنة 2020، ونظرا لظروف الجائحة آنذاك تم تقرير تأخير هذه الزيادة إلى منتصف سنة 2023.
وقد اعتبرت رابطة الدفاع عن حقوق المستهلين في بيانها بهذا الخصوص أن هذه الزيادة تتعارض مع التدابير الحكومية لدعم كل شركات النقل العمومي وغير العمومي بكل أشكاله بعد ارتفاع أثمنة المحروقات، وذلك تفاديا لأي زيادات في تسعيرات النقل الحضري والرابط بين المدن وكذلك نقل البضائع وباقي الأصناف الأخرى التي التزمت جميعها ولحدود اليوم بنفس تسعيرات ما قبل الزيادة في أثمنة المحروقات، متسائلة عن سبب هذه الزيادة رغم أن الشركة تستفيد من الدعم.
وأشارت الرابطة إلى أن زيادة مبلغ 50 سنتيما بالنسبة للخطوط الحضرية، ودرهم واحد بالنسبة لباقي الخطوط الأخرى سيؤدي إلى تفاقم التأثيرات السلبية التي سوف تلحق المرتفقين في ظل استمرار تداعيات ارتفاع الأسعار.. معتبرة أنها بهذا التصرف تكون قد خرفت واجب تقديم خدماتها بأقل كلفة وفي أحسن شروط السلامة والجودة والمحافظة على البيئة وذلك وفقا لمقتضيات المادة الثالثة من القانون المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العمومية.
كما أعابت الرابطة سياسة فرض الواقع التي تم بها تقرير هذه الزيادة، حيث تفاجأ المواطنون بزيادة في الأسعار عند شرائهم للتذاكر دون سابق إنذار، منبهة إلى أن هذا يتعارض مع المادة 24 من القانون رقم 54.19 بمثابة ميثاق للمرافق العمومية وكذا بالالتزام العام بالإعلام المنصوص عليه في المادة الثالثة من القانون رقم 31.08 القاضي بتدابير الحماية المستهلك.
واستنكرت هيئة الدفاع عن حقوق المستهلكين تفرد شركة “ألزا” بهذا القرار رغم وجود شركاء في العملية، حيث تبقى الجماعة الحضرية لطنجة هي الشريك الأول بصفتها الجهة المفوضة والمسؤول الأساسي لمراقبة خدمات هذا المرفق الحيوي، معيبة عليها “تركها المستهلك وجها لوجه مع شركة متهمة بالجشع والاحتكار حيث فضلت سلوك سياسة النعامة والانبطاح، عملا ببدعة كم حاجة قضيناها بتركها”.
وخلصت الرابطة إلى “إدانة واستنكار هذه الزيادة الأحادية الجانب وغير المبررة”، كما “حملت الجماعة ومؤسسة التعاون بين الجماعات “البوغاز” مسؤولية فعل الشركة التي أضحت اليوم تقدم خدمات دون المستوى المطلوب حيث أضحى استعمال حافلات “ألزا” يُعد أكبر انتهاك لكرامة المستهلك بمدينة طنجة، بسبب ضعف الخدمات المقدمة.
ودعت في الختام سلطات المراقبة إلى تحمل كامل مسؤوليتها والعمل على وقف هذه العشوائية التي يعرفها القطاع بعد أن تخلت جماعة طنجة ومؤسسة التعاون بين الجماعات “البوغاز” عن واجبهما في ممارسة السلطة العامة للمراقبة الاقتصادية والمالية والتقنية والاجتماعية والتدبيرية المرتبطة بالالتزامات المترتبة على عاتق الشركة المفوض لها “ألزا”.