في تمظهر جديد للعناية المولوية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أصبحت مدينة طنجة وجهة الشمال عموما تتمتع بقطب طبي من الجيل الجديد، مستجيب لأرقى المعايير الدولية في مجال الصحة، وذلك بشهادة جائزة “Archdaily Awards 2023 ” التي توج بها المستشفى الجامعي “محمد السادس” في فئة “الرعاية الصحية”.
ويعكس هذا الإنجاز العناية الموصولة التي يحيط بها جلالته القطاع الصحي، لاسيما من خلال تطوير البنيات التحتية الاستشفائية، وتعزيز وتحسين جودة الخدمات الصحية الأساسية وتقريبها من المواطنين، مما يجسد الحرص السامي لجلالته في جعل الحق في الولوج إلى الخدمات الصحية، الذي كرسه دستور المملكة، إحدى الركائز الأساسية لتعزيز قيم المواطنة الكريمة وتحقيق تنمية بشرية شاملة، مستدامة ومندمجة.
كما يشهد إنجازه على الدور المركزي الذي يوليه صاحب الجلالة لتنمية قدرات الموارد البشرية في هذا القطاع الحيوي، وعزم جلالته على تمكينهم من تكوين ذي جودة، يساير التطور العلمي والتكنولوجي المسجل في مجال العلاجات والوقاية والحكامة الصحية، وذلك طبقا للمعايير الدولية.
ويعتبر المستشفى الجامعي بطنجة دفعة قوية لتنزيل السياسة الصحية على صعيد كل الجهة، حيث يشكل القطب الرئيسي للارتقاء بجودة ومستوى الخدمات الاستشفائية المقدمة للمواطنين، لاسيما وأنه سيكون مدعوما بمجموعة من مشاريع المستشفيات التي توجد في طور الإنجاز، خاصة منها المستشفى الجهوي متعدد التخصصات بتطوان، والمستشفى الإقليمي بالحسيمة، والمستشفى الإقليمي بوزان.
وعلى الصعيد الاستراتيجي أيضا، يندرج هذا المركز الاستشفائي الجامعي ضمن أهداف برنامج “طنجة الكبرى” الذي يولي مكانة متميزة لتطوير العرض الصحي، كما يأتي لينضاف إلى مختلف المشاريع التنموية التي أطلقها جلالة الملك على مستوى الجهة بهدف تعزيز إشعاعها وجاذبيتها الدوليين.
وهكذا أصبحت جهة الشمال تظفر بمُجمع استشفائي جامعي، سيشكل قطبا لجلب الكفاءات الطبية وورشا لتقديم تكوين متطور لفائدة الأجيال المقبلة، كما سيمكن كافة مواطني الجهة من هيكلة عرض العلاجات، لما يحتويه من أقطاب ومنصات طبية وتقنية، فضلا عن توفره على آخر التكنولوجيات المتطورة في الرعاية الطبية والصحية.
الخدمات الصحية والإضافات النوعية والاستراتيجية التي يقدمها المستشفى الجامعي:
بداية من موقعه الاستراتيجي، الذي يجعله بالقرب من كلية الطب والصيدلة والمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، كما أنه بالمحاذاة مع المركز الجهوي للأنكولوجيا، الأمر الذي يجعله بمثابة منظومة صحية متكاملة.
ويقدم المركز الجامعي طاقة استيعابية تقبلغ 797 سريرا، وتتوزع المهام الأساسية للمركز الاستشفائي الجامعي على أربعة محاور، يتمثل المحور الأول منها في تقديم العلاج، من خلال توفير الرعاية الصحية من المستوى الثالث، والرعاية العامة والمتخصصة و مرافق أخرى مخصصة للمرضى في حالات الطوارئ أو في حالة الأنشطة المبرمجة.
كما يشتمل على مستشفى التخصصات (586 سريرا) الذي يتكون بدوره من قطب طبي وجراحي، ومصلحة طب الجهاز التنفسي، ومصلحة لأمراض الدم، إلى جانب مصلحة لطب الغدد الصماء، ومصلحة طب القلب، ومصلحة الأنف والأذن والحنجرة، إضافة إلى مصلحة طب الأعصاب، وطب وغسيل الكلي، وطب العيون، والطب النووي، وأيضا قطب طب المستعجلات والإنعاش، المزود بمصلحة المستعجلات للبالغين، ووحدة العلاجات المركزة لمرضى القلب وذلك لتتبع الحالات المصابة باحتشاء القلب وعدم انتظام ضربات القلب أو الانسداد الرئوي، فضلا عن مصلحة الجراحة التقويمية وعلاج الحروق الكبرى.
كما يحتوي على وحدات لمعالجة اضطرابات النوم، وزراعة النخاع العظمي ومعالجة السمنة، وإعادة تأهيل مرضى قصور القلب، إضافة إلى مستشفى الأم والطفل (211 سريرا)، الذي يضم قطبا طبيا جراحيا وقطب “طب المستعجلات والإنعاش”، ومصلحة طب الأطفال ووحدة المساعدة الطبية على الإنجاب.
ويضم المستشفى الجامعي أيضا مصلحة للمساعدة الطبية الاستعجالية، ومصلحة للتصوير الطبي، ومختبرات لعلم الأحياء الدقيقة، والجراثيم، والكيمياء الحيوية، وعلم الدم، والتشريح المرضي والخلوي، والوراثة البشرية والوراثة الخلوية، والطباعة ثلاثية الأبعاد ومعدات طبية.
وفي مجال الجراحة، يتوفر المركز الجامعي على جناح مركزي للعمليات الجراحية (31 قاعة) مجهز بمعدات وتجهيزات من الجيل الجديد وبنظام تسييري معلوماتي بالكامل، كما يحتوي على صيدلية استشفائية مركزية يعتمد تدبيرها على نظام معلوماتي مندمج، ما يمكن من توزيع الأدوية والمستلزمات الطبية من الصيدلية عبر روبوت التخزين والتوزيع على المريض بمختلف المصالح الاستشفائية، بالإضافة إلى فضاءات للتنشيط العلمي البيداغوجي والتكوين، وقاعة كبيرة للمؤتمرات، ومهبط لطائرات الهيليكوبتر، ومرافق تقنية وإدارية.
وفي إطار ترشيد التكفل بالمرضى وجودة العلاجات، يتوفر المركز الاستشفائي الجامعي على منظومة معلوماتية مندمجة متمحورة حول الملف الطبي الواحد، الذي يجمع ويشارك البيانات الإدارية والطبية للمريض وكذا ملف العلاجات الخاصة به، إذ تشكل هذه الآلية المتوفرة بمؤسسات الرعاية الطبية الأساسية، وكذا بالمؤسسات الاستشفائية، رافعة لإصلاح المنظومة الصحية الوطنية، حيث تسمح لمهنيي الصحة بالولوج في أي وقت للبيانات الطبية للمريض باستعمال بطاقة أو/ وسوار إلكتروني يتم تسليمه للمريض، وذلك بهدف تسريع التكفل الطبي وتحسين النجاعة.
أما من جانب بناء العنصر البشري وضمان استدامته، فيعمل المستشفى الجامعي بشراكة مع كليات الطب والصيدلة، والمعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة ومؤسسات تعلمية عمومية أو خصوصية، على المساهمة في التدريس الاستشفائي الجامعي وبعد ـ الجامعي الطبي والصيدلي، كما يشارك في التكوين التطبيقي للممرضين وتقنيي الصحة.
وبكل ذلك، يحق لنا، بفضل مجهودات وعناية صاحب الجلالة، أن نستبشر خيرا ونستشرف أفقا مشرقا في النهوض بالقطاع الصحي وفي مسايرة ركب العلوم والابتكار والتقدم التكنولوجي فضلا عن تنزيل وترسيخ دعائم التنمية الاقتصادية والاجتماعية لكافة المواطنين..