إظهار المنة على المبشرين بالجنة

جديد الإصدارات

كتاب

إظهار المنة على المبشرين بالجنة

 لأبي سالم العياشي (ت:1090هـ/ 1679م)

                                     عرض وتقديم: الدكتور نافع الخياطي

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه، وبعد؛ فإنَّ الله، عز وجل، قد أرسل محمَّداً، صلى الله عليه وسلم، رحمة للعالمين، لِيُخْرِجَهُم من الظلمات إلى النور، ومن الكفر والشِّرْكِ إلى الإيمان والتوحيد، فاستجاب له وآمن بدعوته ناس من قومه، اختارهم الله لصحبة خير الخلق وأفضلهم، وأقواهم إيماناً، وشدَّ بهم أَزْرَ الدِّين، وأظهر بهم كلمة المؤمنين، وأوجب لهم الثواب الجزيل، وألزم أهل المِلَّة ذِكْرَهُمْ بالجميل، اصطفاهم لخير خَلْقِه، وأكرم رسله، ليسمعوا منه ما أُنزل إليه من ربه، ويشهدوا من أفعاله وتصرفاته ما يزيدهم إيضاحاً لمعاني التنزيل، وفهماً لأصول الدين، فما زال النبي، صلى الله عليه وسلم، يُغَذِّيهِم بالقرآن والحكمة، وَيُزَكِّيهِم بالعمل الصالح، حتى صار هذا الدِّينُ أعظم ما يكون في قلوبهم، وصار الرسول، صلى الله عليه وسلم، أَحَبَّ إليهم من آبائهم وأبنائهم وعشيرتهم وأموالهم، بل من أنفسهم، فناصروه في دعوته، وتحمَّلُوا معه في سبيل الله أقصى ما يمكن أن يتحمَّله بشر- من غير الأنبياء- من أجل العقيدة، ذلك الجِيلُ الرَّبَّاني الذي آمن بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وآزره ونصره، هم صحابته الكرام، الذين اختصَّهم الله وشرَّفهم بصحبة نبيه، وإقامة شرعه.

فهم المُعَدَّلُون بتعديل الله لهم، فلا يخفى على كل ذي بَصَرٍ وبصيرة أنهم خِيَارُ الأمَّة، وَمُقَدَّمُ الأئمة، وإن من الحُجَّة الواضحة البيِّنة ذِكْرَ محاسنهم كلهم أجمعين، والكفَّ عن الخوض في ذِكْرِ مساوئهم، والخلاف الذي شَجَرَ بينهم، فمن سَبَّ أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أو أحداً منهم أو تَنَقَّصَهُمْ أو طَعَنَ فيهم، أو عَرَّضَ بِعَيْبِهِمْ، أو عاب أحداً منهم، فهو ظالم لنفسه ولهم، بل حبُّهم سُنَّة، والدعاء لهم قربة، والاقتداء بهم وسيلة، والأخذ بآثارهم فضيلة.

لقد كانت حياتهم مثالاً يُحْتَذَى، إذ نظَّمُوا حياتهم وَنَذَرُوهَا لحساب الدار الآخرة، وكانت كل خطوة من خطواتهم في سبيل نَيْلِ رضا ربهم، وعن طريق هؤلاء- الذين ضربوا المثل الأعلى في الطُّهْرِ والاستقامة- وصل إلينا القرآن الكريم والسنة النبوية، لذا كان علينا واجب المحبة لهم، والذَّبِّ عنهم والتَّرَضِّي عنهم، رضوان الله عليهم أجمعين.

لقد ارتأينا أن نشارك في المسيرة المباركة لإحياء التراث الإسلامي العظيم، وإظهار بعْضِ ما هو حَبِيسُ المكتبات، حتى يَسْهُلَ على الجميع الاطِّلاع عليه، وذلك بتحقيق كتاب: (إِظْهَارُ المِنَّةِ على المُبَشَّرِينَ بِالجَنَّة)؛ لأبي سالم العياشي- رحمه الله- (ت:1090هـ/ 1679م)، الذي أورد فيه أسماء المبشَّرين بالجنة، زيادة على العشرة المعروفين  في حديث خاص؛ وهو: (عشرة من قريش في الجنة: أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وأبو عبيدة في الجنة)؛ أخرجه الترمذي في سننه، باب مناقب عبد الرحمن بن عوف: 6/ 101، والطبراني في الأوسط: 2/351، وفي الصغير: 1/59، وابن عساكر في تاريخ دمشق: 7/ 118، 21/74- 80، 52/ 314. وأبو نعيم في المعرفة: 1/21، وابن حبان في صحيحه: 15/463، وتمام في فوائده: 1/344.

والمبشرون بالجنة بصفة عامة أُلِّفَتْ فيهم وفي مناقبهم كُتُبٌ كثيرة، فاختار أبو سالم العياشي في هذا الكتاب الذين وَرَدَتْ فيهم بِشارة خاصة في حديث حسن أو صحيح أو ضعيف، بَدْءاً بذِكْر الأقرب فالأقرب.

لهذا وقع اختيارنا على هذا الكتاب لهذا العَالِم الجليل، عِلْماً بأننا قد بذلنا جُهْدنا في خدمة الكتاب تحقيقاً وتقديماً، وَإِنَّنَا لنرجو الله أن نكون قد وفّينا- أو قاربنا- الصورة التي تَخْدُمُ الكتاب. هذا ويقتضي البحث بطبيعته أن يتكون من مقدِّمة، وقسمين: القسم الأوَّل: الدراسة؛ ويشتمل على: مدخل: عصر المؤلِّف من الناحية السياسية، والاجتماعية، والعلمية (نظرة إجمالية).

المبحث الأول: حياة المؤلِّف، وضمَّنَّاها: اسمه، ونَسَبُه، وكنيته، ولقبه، ومولده، وعائلته، ومِهْنَتُه، ووفاته.

السيرة العلمية للمؤلِّف، وتشتمل على: طلبه للعلم، ورحلاته، ومكانته العلمية، وثناء العلماء عليه، وعقيدته في الأصول، ومذهبه في الفروع، وشيوخه، وتلاميذه، ومؤلَّفاته.

وَخَتَمْنَا هذا المبحث بثبت ببليوغرافي حول ما أُلِّفَ عن المبشرين بالجنة.

المبحث الثاني: التعريف بالكتاب، وضمَّنَّاهُ:

أوَّلاً: تحقيق اسم الكتاب، وتوثيق نسبته للمؤلِّف.

ثانياً: موضوع الكتاب ومباحثه.

ثالثاً: منهج المؤلِّف في الكتاب.

رابعاً: موارد المؤلِّف في الكتاب.

خامساً: المآخذ على الكتاب.

سادساً: قيمة الكتاب العلمية.

سابعاً: وصف النُّسَخِ الخَطِّيَّة، مع نماذج مصورة منها.

القسم الثاني: التحقيق؛ ويحتوي على مقدمة، وستة أبواب، وخاتمة.

ففي المقدمة: ذكرٌ لبعض فضائل الصحابة على الجملة،

أمَّا الباب الأول: ففي أهل بيته، صلى الله عليه وسلم، وفيه فصول،

والباب الثاني: في العشرة، وفيه فصول،

والباب الثالث: فيمن عُيِّنَ باسمه،

والباب الرابع: في النساء،

والباب الخامس: فيمن لم يتعيَّن باسمه،

والباب السادس: فيمن ذُكِرَ من التابعين وتابعيهم بإحسان،

وجاءت الخاتمة في ذِكْرِ بعض فضائل الأمة.

هذا واشتمل الكتاب  بين طيَّاته أيضا على فهارس هامة، تُيَسِّرُ للقارئ الكريم الوصول إلى مَرَامِه؛ حتى يَنْتَفِعَ بالكتاب- إن شاء الله- غاية الانتفاع؛ كفهرس الآيات القرآنية، وفهرس الأحاديث النبوية، وفهرس الأشعار، وفهرس الأعلام المترجم لهم، وفهرس المصادر والمراجع، وفهرس المضامين.

وفي ختام هذا العَرْض، نقول: إن كتاب: (إظهار المنَّة على المبشَّرين بالجنَّة)؛ للشيخ العلامة أبي سالم العياشي؛ كتاب قَيِّمٌ مُهِمٌّ، مُفِيدٌ في بابه، جمع فيه صاحبه واستقصى أكبر عدد من أسماء هؤلاء الأبرار الخِيَرَة؛ ذكوراً وإناثاً، كباراً وصغاراً، رضي الله عنهم أجمعين، حيث أوصل عددهم إلى مائتين وخمسة وأربعين صحابيا وصحابية، وفي طليعتهم أهل بيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والعشرة الذين شهد لهم بالجنة. وذكر أيضا أصهاره، صلى الله عليه وسلم، وبقية المجموعات من الصحابة؛ كأهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، وغيرهم، وختم بمَن ذُكِرَ في المبشَّرين بالجنة من التابعين وتابعيهم.

هذا ويُعد هذا الكتاب من إصدارات مركز عقبة بن نافع الفهري للدراسات والأبحاث حول الصحابة والتابعين بطنجة، التابع للرابطة المحمدية للعلماء، الطبعة الأولى: 1444هـ/ 2023م، دراسة وتحقيق وتصفيف وتنضيد: الباحث الأستاذ الدكتور نافع الخياطي، واشترك معه في التحقيق أيضا الأستاذ الدكتور يوسف أمل، وعدد صفحات الكتاب 512 من القطع المتوسط. والحمد لله رب العالمين.