تحت شعار “العلوم والابتكار والتنمية المستدامة” نُظمت تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، الدورة الثامنة لمهرجان العلوم، المنعقدة خلال الفترة من 24 إلى 28 أبريل الجاري بطنجة، للتداول والنقاش في جملة من المواضيع العلمية الآنية، على غرار “الابتكار والبيوتكنولوجيا”، ”ملاحظات عن الثوابت الكونية”، ”البيئة والطاقات النظيفة”، ”الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة”، ”من البصريات إلى الفوتوني” و“النجوم والضوء”..
وقال محمد السملالي، رئيس مؤسسة “سيغما” ونادي اليونسكو بطنجة، المنظمة لهذه التظاهرة، إن مهرجان العلوم يندرج في إطار جهود تقريب العلوم وتطبيقاتها من المغاربة، لاسيما الشباب، من خلال مظاهرات نوعية يلقيها محاضرون بارزون، مشيرا إلى غنى برنامج الدورة الثامنة الذي يضم معرضا للمؤسسات الشريكة ومحاضرات في مجالات علمية دقيقة وورشات تطبيقية وزيارات تربوية، فضلا عن عروض لأشرطة وثائقية وأفلام تثقيفية.
وخلال المناسبة، صرح محمد السعيدي، المدير العام للمدرسة المغربية لعلوم المهندس (EMSI) في أولى الندوات، أن تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي بصدد إحداث ثورة جديدة في أنماط التربية والتعليم، مردفا أن “التكنولوجيات الغامرة وصلت مستوى من النضح يتيح لها التأثير على العديد من المجالات، لاسيما التربية والتعليم”، مضيفا “أن الحقبة الرقمية المقبلة ستقوم بتغيير العديد من الأشياء، إن لم تكن كلها”.
وأضاف السعيدي، أننا “بصدد عيش ثورة جديدة، تقودها التكنولوجيات الغامرة من قبيل الواقع الافتراضي والواقع المعزز والواقع الممتد والميتافيرس”، موضحا أن هذه التكنولوجيات ستساهم بالتأكيد في تحسين جودة التعليم، مستحضرا نتائج دراسة على الصعيد الدولي حول تأثير التكنولوجيات الغامرة على التعليم مقارنة بالنتائج المحققة في الفصول الدراسية، والتي تشير إلى أن هذه التكنولوجيات أسرع بأربع مرات في التكوين مقارنة مع الفصول الدراسية، وأكثر ب 275 في المائة موثوقية في تطبيق الكفاءات المكتسبة بعد التكوين، وأكثر ب 3,75 مرة فيما يتعلق بالارتباط العاطفي بالمحتوى الملقن، وتزيد تركيز المتعلمين ب 4 مرات مقارنة مع التعليم الالكتروني.
كما أشار المدير العام إلى مزايا استخدام هذه التكنولوجيات لإحداث بيئات تعليمية أكثر تفاعلية وإلزاما وقابلية للتأقلم، بالإضافة إلى قدرتها على مساعدة الطلبة على استيعاب المفاهيم الصعبة بشكل أفضل واكتساب الكفاءات التطبيقية.
وفي ذات السياق، سرد مجموعة من الأمثلة لإدماج هذه التكنولوجيات في التعليم من قبيل “جامعات الميتافيرس” و”التوأم الرقمي” للأشياء، وابتكار “أفاتار” المعزز بالذكاء الاصطناعي لمحاكاة الأساتذة، أو توليد “هولوغرام” (الصورة المجسمة) للمرضى لتنفيذ الأشغال التطبيقية بالنسبة لطلبة جامعات الطب، إلى جانب عدد من الأمثلة لتطبيقات التقنيات الغامرة في مختلف مجالات التعليم، لا سيما في مجالات العلوم والرياضيات والهندسة والعمارة والفنون والطب.
علاوة على ذلك، تطرق السعيدي إلى التحديات المتعلقة باعتماد هذه التكنولوجيات في قطاع التربية والتعليم، بالإضافة إلى أفضل الممارسات لدمج هذه الأدوات التعليمية المبتكرة في برامج التدريب والتكوين.
وتطرق المحاضر إلى تجربة “المركز التفاعلي الرقمي” في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية ببنكرير، والذي افتتح أوائل سنة 2020 من أجل تطوير ونقل التكنولوجيات المتعلقة بالواقع الافتراضي، والذي يقدم تكوينات وتدريبات تتمحور حول “أكاديمية الواقع الافتراضي” و”التعليم 3.0″ و”الأشغال الذكية”، كما يقدم تدريبات خاصة في مجالات الهندسة المعمارية والطب والهندسة عبر تقنيات الواقع المعزز.
واستعرض مجموعة من أمثلة الابتكارات المنجزة على صعيد المركز، لاسيما إنجاز تطبيقات بالواقع الافتراضي والواقع المعزز في مجالات الطب وطب الأسنان وإنشاء متحف رقمي، وإطلاق تجربة بالتكنولوجيات الغامرة حول أهداف التنمية المستدامة.
وأبرز السيد محمد السعيدي، في تصريح صحفي أن التكنولوجيات الرقمية عرفت تطورا كبيرا خصوصا مع الاستعمالات الحديثة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ولمختلف تقنيات الواقع الافتراضي، مشيرا إلى أن الجائحة ساهمت بشكل كبير في تسريع الرقمنة، لاسيما على مستوى التعليم، من خلال تطوير مجموعة من المنصات الرقمية.
وأضاف أن مستوى التطور والنضج الذي عرفته تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي يتيح الحديث عن الجامعات الافتراضية التي تمكن الطلبة من الانغماس في الدروس والتكوينات والقيام بشكل ميسر بالأشغال التطبيقية في بعض التخصصات الدقيقة كالطب والهندسة، مبرزا أن هذه التكنولوجيات تفتح فضاءات جديدة لتطوير منظومة التعليم وتحسين تعلمات الطلبة، بالرغم من بعض التحديات المتعلقة بتوافر هذه التكنولوجيات والأجهزة الخاصة بها.