كشف رئيس الحكومة خلال كلمة ألقاها في جلسة المساءلة الشهرية بمجلس المستشارين حول السياسة السياحية الوطنية، بحر الأسبوع، أن البلاد عرفت انتعاشا قويا جدا في القطاع السياحي بعد التغلب على الجائحة، حيث فاقت عائدات السياحة بالعملة الصعبة سقف 93,6 مليار درهم متم سنة 2022 بنسبة قدرها 119% مقارنة مع 2019 التي تعتبر سنة مرجعية، و 170% مقارنة بـ 2021.
وبهذه المؤشرات يكون القطاع استعاد في ظرف 10 أشهر فقط، ما نسبته 84 % من السياح، مقارنة بسنة 2019 بكاملها (السنة المرجعية)، كما أن هذه النسبة في الاسترجاع تعتبر أعلى من النسبة العالمية المتوسطة والتي تقدر بنحو 9663، بعدما تمكن من استقبال خلال الفترة الممتدة ما بين مارس ودجنبر 2022 حوالي 11 مليون سائح، بنسبة ارتفاع بلغت 292 % مقارنة بسنة 2021 ، و391% مقارنة بسنة 2020.
وأضاف رئيس الحكومة في كلمته أن عدد ليالي المبيت المسجلة في مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة تضاعف مقارنة مع 2021 ليفوق 19 مليون ليلة مبيت، أي بنسبة زيادة وصلت إلى 192%، فيما بلغت السياحة الداخلية نسبة 50% من عدد الوافدين على مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة مقارنة مع 38 % قبل الأزمة.
واعتبر رئيس الحكومة أن هذه الإنجازات ليست محض صدفة، وإنما هي نتيجة عمل دؤوب ومتواصل على شتى المستويات، حيث ثمن النتائج الإيجابية لتدابير إنعاش النشاط السياحي وتطويره، التي تم خلالها إطلاق حملات ترويجية واسعة لتسويق المؤهلات السياحية للمغرب على المستوى المحلي والعالمي، وما تطلبه من تنويع للعرض السياحي وملاءمته مع المتطلبات الجديدة للسياح، خاصة فيما يخص السياحة الثقافية والقروية والجبلية والإيكولوجية..
وعلاقة بالسياحة الثقافية، ونظرا للمكانة التي تحتلها في الاقتصاد السياحي، عملت الحكومة على تثمين الموارد الثقافية الغنية والمتنوعة وتحويلها إلى منتجات سياحية موضوعاتية من أجل تطوير عرض متكامل وجذاب، عبر وضع مخطط يهدف إلى المحافظة على الهوية الثقافية الوطنية وجعلها رافعة للتنمية المجالية، فضلا عن إطلاق مشروع “علامة تراث المغرب” للحفاظ على التراث غير المادي، إضافة إلى تعزيز شبكة البنيات التحتية والبشرية الثقافية بمختلف جهات المملكة..
أما على صعيد السياحة القروية والجبلية، فيتم تفعيل مجموعة من الاتفاقيات لتمويل وترويج المنتوج الطبيعي في عدة جهات، كما هو الشأن مع السياحة الإيكولوجية، حيث يتم تطوير منتوجات صديقة للبيئة تحترم مبادئ الاستدامة، مشيرا في نفس الصدد إلى إنشاء حوالي عشرة منتزهات وطنية، إضافة إلى 154 محمية طبيعية سيتم تأهيلها في إطار استراتيجية “غابات المغرب 2020 – 2030″.
وأشاد أخنوش في معرض كلامه بالسياحة الداخلية، معتبرا أنها تشكل ركيزة أساسية من ركائز القطاع السياحي، نظرا لقدرتها على الصمود أثناء الأزمات، وهذا ما كشفت عنه الجائحة، حيث شكلت صمام أمان لإنقاذ القطاع من الانهيار، ولأجل ذلك تعمل الحكومة على وضع أسس متينة لتطوير مستدام للسياحة الداخلية بجعلها رافعة لإنعاش القطاع السياحي، وذلك من خلال بلورة مجموعة من التدابير، من بينها إحداث بطاقة السفر ” نتلاقاو في بلادنا” التي تمنح تخفيضات في الأثمنة على مستوى التنقل عبر القطارات وتطوير المخيمات السياحية لتقديم خدمات بجودة عالية وأثمنة مناسبة..
وفي ختام هذا العرض، أعلن رئيس الحكومة عن بلورة خارطة طريق جديدة للقطاع، تتسم بالابتكار والتنسيق والإحكام، وتستند إلى نهج عملي وحكامة ترابية وتشاركية بهدف مواجهة تحدي النمو المستدام للقطاع.. إذ تم تبني خارطة الطريق الاستراتيجية لقطاع السياحة بحلول عام 2026، التي تهدف إلى جعل السياحة قطاعا رئيسيا للنمو الاقتصادي.
وخصص لهذه الاستراتيجية ميزانية تصل إلى 6.1 مليار درهم، حتى تتمكن من جذب 17.5 مليون سائح سنويا بحلول سنة 2026 ، وخلق حوالي 200.000 فرصة شغل مباشرة وغير مباشرة والوصول إلى عتبة 120 مليار درهم كعائدات للقطاع من العملة الصعبة.
ولبلوغ هذه الأهداف تروم خارطة الطريق المعتمدة تحويل القطاع السياحي عبر العمل على كل الروافع الأساسية، من خلال اعتماد تصور جديد للعرض السياحي يمزج بين وضع مخطط لمضاعفة سعة النقل الجوي، تعزيز الترويج والتسويق مع إيلاء اهتمام خاص للرقمنة، فضلا عن تنويع منتجات التنشيط الثقافية والترفيهية مع انبثاق نسيج من المقاولات الصغرى والمتوسطة النشطة والعصرية، تأهيل الفنادق وإحداث قدرات إيوائية جديدة، إلى جانب تعزيز الرأسمال البشري، عبر إطار جذاب للتكوين وتدبير الموارد البشرية من أجل الارتقاء بجودة القطاع وإعطاء آفاق مهنية أفضل للشباب.
أ. ع