أساتذة علم الإجتماع: يجب التوعية بمخاطر هذه الظاهرة على المجتمع
متسولون: «شحال غنربحو فالخدمة..؟.. احنا كنبرحو فساعتين لي كيربحوا الموظف فأسبوع»
داعية إسلامى: ظاهرة قبيحة مذمومة فى الشرع وتُسىء إلى سمعة المجتمع
الجانب الإجتماعي
التسول أو السعاية، ظاهرة اجتماعية سيئة تنتشر فى شوارع وأزقة طنجة و المغرب بشكل عام، وتكثر خلال شهر رمضان الكريم، ويستخدم أتباعها طرقا جديدة كل يوم، لاستعطاف المواطنين والحصول منهم على أموال.
أساتذة علم الاجتماع يصفون الظاهرة بأنها قديمة ومنتشرة بشكل كبير، وتكثر خلال شهر رمضان الكريم، حيث يتصدق كثير من المواطنين بأموالهم أو بقفة رمضان التى تضم عددا من السلع الغذائية على الفقراء»، مشيرين إلى أنه يجب على المواطنين التوقف عن منح المتسولين الأموال أو قفة رمضان وإعطائها لمن يستحق فقط .
ويطالب أساتذة علم الاجتماع، بضرورة وجود آلية للتعامل مع «المتسولين» بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدنى، وبمشاركة الإعلام من خلال عرض عدد من البرامج أو الفقرات للتوعية بأهمية تلك القضية، وتوضيح حقيقة المستولين الذين يستغلون تعاطف المواطنين للحصول على ما يريدون، مشددين على أن التوعية أسهل طريقة للقضاء على هذه الظاهرة التى تضر المجتمع بشكل كبير.
وأكد مختصو علم الإجتماع على أن ظاهرة التسول أصبحت ثقافة يلجأ إليها بعض المتكاسلين لسهولة الحصول على الأموال، والمواطن هو المسؤول الأول عن تفاقم هذه الظاهرة، لافتين إلى استخدام بعض المتسولين طرق جديدة فى التسول ومنها مواقع التواصل الاجتماعي.
الجانب الديني
من جانبه، قال فقيه و إمام جامع بطنجة، إنه لا يجب السماح نهائيا بوجود المتسولين بجوار المساجد أو بداخلها سواء كان ذلك في رمضان أو في الأيام العادية، وحين يحاول أحد المتسولين فرض سيطرته فى شهر رمضان الكريم أو غيره يجب منعه على الفور وإبعاده عن المسجد وإبلاغ الجهات المختصة.
ويرى الإمام الخطيب، أن التسول ظاهرة قبيحة مذمومة فى الشرع، باعتبارها تتضمن المذلة والمهانة للمسلم، وهو ما يمقته الشرع، كما أنها ظاهرة تسيء إلى سمعة المجتمع، وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الجرم حيث قال: (مَا يَزَالُ الرَجُلُ يَسْأَلُ النَاسَ، حَتَى يَأْتِيَ يَوْم القِيَامَةِ لَيْسَ فِى وَجْهِهِ مُزْعَةُ لَحْمٍ).
وأرجع الإمام، أسباب تلك الظاهرة إلى الكسل وحب الراحة، إذ حثت الشريعة الإسلامية على العمل وزيادة الإنتاج وترغيب الناس في ذلك، وورد كما فى قول الله تعالى: * فَإِذَا قُضِيَتِ الصَلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِى الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَهِ وَاذْكُرُوا اللَهَ كَثِيرا لَعَلَكُمْ تُفْلِحُون* وهى أية تدعو إلى العمل والإنتاج، وجعل أفضل ما يأكل الرجل من عمل يده؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: (مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَاما قَطُ خَيْرا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَ نَبِيَ اللَهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَلاَمُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ).
وأكد أن الشائع الآن استخدام الأطفال في التسول وهذا يرجع إلى التربية الخاطئة في مرحلة الطفولة، وميراث الظاهرة من الآباء وانتقالها إلى الأبناء، مشددا على أن الإسلام حرص على حفظ كرامة الإنسان، معتبرا أن محترفي تلك المهنة يأكلون أموال الناس بالباطل، ويُطعم بيته سُحتا، ومالا حراما.
متسولون بطنجة
جولة سريعة في طنجة مثلا تجد فيها المتسولون الذين يتخذون من الشوراع والميادين ملجأ لهم، حيث يقول المعطي 62 عاما، متسول، إنه متواجد فى الشارع منذ فترة كبيرة يسأل أهل الخير مساعدته والعطف عليه بعد أن عجز عن العمل وتركه إخوته، وأضاف: «كاين ناس كتعطف عليا وكتجيبلي الماكلة وناس كتعطيني الفلوس.. وفى رمضان الخير كتير».
وفى إحدى إشارات المرور بوسط المدينة، وقفت «أم أيمن»، متسولة فى العقد الرابع من عمرها، تحمل طفلها على كتفها، وتمسك بيدها علب المناديل تتجول وسط السيارات المتوقفة بحثا عن من يعطف عليها، تقول أم أيمن: «فى شهر رمضان، أغلب الناس كيعطيوني 10 دراهم فباكية ديال المناديل، وكل واحد حسب مقدرته»، مستطردة: «الموسم ديالنا كيكون فى المناسبات الدينية الناس كلها كتعمل خير».
ورفضت أم أيمن، ترك موقعها وسط إشارات المرور فى طنجة بحثا عن مصدر رزق يعينها على الحياة، قائلة: «شحال غنربح فالخدمة..؟.. بالسعاية كنبرح فساعتين لي كيربحوا الموظف فأسبوع».
أما ابراهيم وهو متسول من ذوى الهمم يبلغ من العمر 52 عاما، ورث ظاهرة التسول عن والده، فيقول: «فى رمضان أبواب الخير كتيرة منها، الفلوس وقفة رمضان لي كتفرقها الجمعيات الى آخره».
ورفض ابراهيم أيضا ترك ظاهرة التسول من أجل البحث عن مهنة أخرى تدر دخلا ثابتا له، قائلا: «هذا كرم ورزق من عند الله والرزق كيزيد فرمضان، حيث يكون الدخل المادى أضعاف مضاعفة».
كل هذه الشهادات و غيرها تؤكد لنا أن ظاهرة التسول لن تتوقف لا في المناسبات و لا غيرها، لأن التعود على الكسب السهل لا يجعل الإنسان يبحث عن عمل من أجل مال بسيط، لكن هنا نستغرب من حال المتسولين الذين يحجون من مناطق مختلفة و ينكبون على مدينة طنجة في رمضان و هم على يقين أن طنجاوة كرماء أو ربما طنجة فيها الفلوس كما نسمع دائما، ما لا نراه نحن أبناء المدينة، لأننا إذا لم نبذل مجهودا كبيرا ما تقاضينا درهما واحدا، و هنا نعود الى المقولة الطنجاوية الشهيرة **** الله يعمرك أ طنجة *****
لمياء السلاوي