عادت قضية امتحان الأهلية لممارسة المحاماة، إلى واجهة الأحداث منذ عشية الأحد 26 فبراير الماضي، بعد نقل بعض الراسبين فيه من المضربين عن الطعام إلى المستشفى في حالة إغماء.
وصباح الاثنين 27 فبراير، استقبلت المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي الخبر والصور بالكثير من الاهتمام والتضامن، ونشرت التدوينات التي توزعت بين تعميم الخبر وبين الخوض في التفاصيل، وأخرى أعلنت الغضب في وجه الحكومة.
ولا غرابة في علاقة الإضراب عن الطعام بالنسبة للراسبين في الامتحان المذكورمن حقهم خوض هذا الشكل الاحتجاجي من أجل تحقيق مطالبهم ومن بينها إعادة الامتحان.
وكانت نقطة انطلاق الإضراب عن الطعام الجمعة 25 فبراير، بمقر “الجمعية المغربية لحقوق الإنسان” فرع مدينة تمارة المجاورة للرباط، وبعد ثلاثة أيام حلت سيارة الإسعاف على عجل تلبية لاتصال عاجل من أجل نقل حالتين أغمي عليهما تعود لشابة وشاب.
وهي اللحظة الفارقة التي زادت من جرعة الاهتمام الإعلامي من جديد بهذا الموضوع، وبدأت التدوينات المقتضبة والمطولة تنتقد وتعدد وتراجع المواقف، ومنها ما نشره الصحافي عبد النبي الشراط على صفحته في فيسبوك، تحت عنوان “بعد تجاهل قضيتهم من كل الجهات.. (ضحايا امتحان المحاماة) يخوضون إضرابا مفتوحا عن الطعام”.
الصحافي صاحب التدوينة التي جاءت على شكل مقال إخباري، عاد بالذاكرة إلى سبب المشكل المتمثل في الملاحظات المسجلة على امتحان الأهلية لممارسة مهنة المحاماة والذي كان موضوعا أثيرا وشهيرا طيلة مدة، خاصة في ظل تصريحات وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، وما طاله من هجوم مباشر وغير مباشر.
بالنسبة للشراط في تدوينته، “الراسبون والراسبات في هذه الامتحانات -المهزلة- شعروا بالإهانة والمرارة و(الحگرة)، فقرروا المطالبة بحقهم الذي يعتبرونه مشروعا وهو إعادة المباراة من جديد، لكن بأسلوب شفاف وديمقراطي ودون محاباة تذكر، وكانت أولى الخطوات، لجوؤهم للقضاء عبر تقديم طعن في نتائج المباراة/ المهزلة، ولكن القضاء لم ينظر في طلبهم مطلقا، وكان لابد من الاستمرار في الدفاع عن مصالحهم فتم تأسيس (اللجنة الوطنية لضحايا امتحان المحاماة)”.
وأوضح الصحافي المغربي، أن “اللجنة الوطنية لضحايا امتحان المحاماة سلكت العديد من الخطوات النضالية من أجل التعريف بمظلومية أعضائها”.
خطوة الإضراب عن الطعام، سبقتها ندوة صحافية عقدتها اللجنة المذكورة في 22 فبراير، ثم تلتها وقفة احتجاجية في 24 من الشهر نفسه أمام وزارة العدل بالرباط.
ووصف الشراط في تدوينته قرار الإضراب عن الطعام بـ”الخطوة التصعيدية الخطيرة” موضحا أنها “معركة ليست سهلة”، وهو ما بدا واضحا من خلال “اثنين من المضربين (شاب وشابة) أصيبا بحالة إغماء شديدة وتم نقلهما على الفور للمستشفى”، ورغم ذلك، أكد الشراط نقلا عن مصادر وصفها بالخاصة، أنه “حتى الآن لم تجر أية اتصالات من طرف المسؤولين في الحكومة لتهدئة الأوضاع على الأقل والنظر إلى مطالبهم”.
و بالفعل هنا نتساءل جميعنا: “هل سيخرج الناطق الرسمي باسم الحكومة ليقول، مرة أخرى، هذا ملف قطاعي؟”. نحن نحدثهم عن ضرورة ملء الفراغ حتى لا تكبر كرات الثلج، لكنهم أول من يصنع كرات الثلج”، و هذا لا يقتصر فقط على هذا الموضوع و إنما كل إخفاقات الحكومة الحالية.
مسألة التجاهل لم تُتهم بها الحكومة فقط، بل حتى الأحزاب السياسية، وهو ما أكدته تدوينات من كونها لم تحرك ساكنا، بل رفضت معظمها أغلبية ومعارضة، فتح مقراتها للمضربين باستثناء (فيدرالية اليسار)، وأخيرا استضافتهم (الجمعية المغربية لحقوق الإنسان) بتمارة.
العديد من التدوينات كانت بمثابة ناقل للخبر، ومنها تلك التي عبّر أصحابها عن التضامن “المطلق”، محملا وزير العدل كل المسؤولية، و هو ما قاله الصحافي يونس دافقير، بصريح العبارة إنه “لن يكون هناك أي مساس بكبرياء وزير العدل إذا زار الشباب المضربين عن الطعام بسبب مباراة المحاماة”.
وزاد دافقير مقترحا على وزير العدل أن يزور المضربين عن الطعام وحده، دون “صحافيين ولا مؤثرين ولا كاميرات”، وحده “كإنسان، أب، ووزير يناقش معهم الأمر”.
وبعد أن عدد محاسن هذه الخطوة المتمثلة في زيارة الوزير وهبي للمضربين، ومن كونها ستخفف كثيرا مما سبق، وخاصة تلك التصريحات التي أغضبت جميع المغاربة، قال دافقير، إن “الناس يعرفون وهبي كسياسي مغنان يعني (معاند)، وهذه فرصة لكي يظهر لهم أفضل ما فيه: وهبي الإنسان”.
هذه التدوينات و التصريحات و بالرغم من |أهميتها إلا أنها لن تجدي نفعا في هذه القضية بالذات، لأن المسألة أصبحت مشخصنة، كما قلنا بسبب التصريحات التي خرج علينا بها وزير العدل المغربي، قائلا للمواطنين أن ابنه نجح لأن *باه لاباس عليه و قراه فكندا** التصريح الذي استفز الشعب و استفز أكثر الراسبين في امتحان المحاماة المتأكدين من أن هنالك تلاعبات طالت هذا الامتحان، لنعود إلى ثقافة * باك صاحبي التي تمارس على جميع الأصعدة ببلدنا مع الأسف الشديد.
المضربون اليوم عن الطعام غدا ربما يفارقون الحياة… عندنا يا ترى ماذا سيكون رد فعل الشعب المغربي؟؟؟؟ الجواب لا يحتاج إلى توضيح..
لمياء السلاوي