عبارات غزل وكلمات معسولة قد تكون بداية الطريق لصيد ثمين، والضحية هنا ليس الرجل بل الفتاة، ترتبط بعلاقة حب أو صداقة مع أحد الشباب، لكن الحقيقة تخفي وراءها العديد من الأهداف غير النزيهة والبعيدة كل البعد عن شفافية المشاعر الصادقة وعظمتها، يستخدمها للحصول على المال، مستغلاً رغبتها في تكوين أسرة والهرب من فخ العنوسة، إلا أنه من الخطأ اعتبار الفتاة ضحية كاملة سيما وأن فتيات اليوم يتمتعن بقدر كبير من التعليم والوعي.
تتعرض الكثير من الفتيات لتكون فريسة سهلة الوقوع في شباك رجل يحترف الكذب على قلوب النساء المتعطشة للحب مقابل الحصول على أموالها دون وعي منها، لذلك تصبح المرأة في الغالب سهلة الانزلاق في المشاعر الكاذبة، بحكم تفكيرها العاطفي وصور الرومانسية الحالمة القابعة في عقلها الباطن، بغض النظر عن عمرها وهويتها الاجتماعية، فسلاح الرجل في هذه اللعبة كلامه، ونقطة ضعف المرأة فيها حساسيتها.
تجارب نسائية عديدة عشناها و سمعناها حول هذا النوع من الإحتيال، و هو الإحتيال العاطفي، عندما يسافر الرجال عبر قلوب النساء بالكلام المعسول الذي لا تستطيع المرأة أن تقاوم إغراءه؛ فتسحر بحديثه وتصبح مفتونة به حتى تمنحه ما يريد منها، والسبب الذي يوقع المرأة دائما في هذا الفخ، هو حاجتها الفطرية إلى وجود الرجل في حياتها، لذا يسهل استدراجها في فخ الحب واستغلالها ماديا لاحقا، لأنها تسمع بقلبها لا بعقلها وهذا ما يجعلها تصدق أي كلمة حب تُلقى على مسامعها، حتى وإن جاءتها من أكثر الرجال نفاقاً على وجه الأرض لأنها لا تستطيع تمييز الرجل الأكثر صدقا في العلاقة وخاصة إذا كانت تعيش ظروفا اجتماعية صعبة فهي بحاجة إلى التمسك بأي شخص يمنحها شيئا من المشاعر الحنونة مقابل حصوله على أموالها دون وعي منها”.
أمينة، 35 سنة، جاءها في يوم من الأيام اتصال بالخطأ من شاب، لكنه عرف كيف يلعب بعقلها بكلمات متنوعة حتى يصل إلى قلبها وكان يكذب عليها خاصة بعد أن أوهمها بأنه عازب، وينوي الاقتران بها، و بعد مرور ثلاث سنوات أخبرها أنه رجل متزوج وهي مخيرة في الاستمرار معه أو قطع العلاقة. إلى ذلك، تقول أمينة “لم أستطع التراجع عنه فحبي المجنون له دفعني لاقتراض مبلغ كبير من المال له لتكون حياتي معلقة بتسديد دين يتجاوز المائة ألف درهم اقترضتها من أجله، بعدما أوهمني بأنني أجمل النساء وأول النساء في حياته وآخرهن، وأنه بحاجة إلى مبلغ مالي ينقصه لمشروعه التجاري”. وتتابع “مرَّت الأيام من دون أن أطالبه برد المبالغ حتى أفقت ذات يوم على اتصال هاتفي أنهى به الحكاية بثلاث كلمات “علينا أن ننفصل”، وعندما سألته عن المبلغ الذي اقترضته من أجله أنكر كل شيء عليه”.
حالة أخرى ليست أقل معاناة وألماً من أمينة، فهذه فتاة في الأربعين من العمر، ارتبطت بقصة حب مع شاب يصغرها بأكثر من عشر سنوات عاطل عن العمل لأكثر من 5 سنوات. تقول مريم “حبي له أعماني، فقد استغلني مادياً بأكثر من نصف مليون درهم يعني خمسون مليون سنتيم، حيث كان يصرف مالي على صديقاته دون علمي”. وتتذكر اللحظات العصيبة التي مرت بها. وتضيف “في إحدى المرات ودون علمه ضبطته متلبسا مع إحدى الفتيات”. وتتابع “لقد ضحك عليّ واستغل عواطفي كي يلهو بعض الوقت، والثمن دفعته من مشاعري وأحلامي، التي ضرب بها عرض الحائط لكي يسرق أموالي ويصرفها على فتياته”.
بناء منزل تقول كريمة، التي ارتبطت بعلاقة مع رجل متزوج كان يطالبها بإعطائه مبالغ طائلة، قد تصل إلى إلزامها باقتراض مبلغ ضخم له “اقترضت له مبلغاً من المال لإنهاء بناء المنزل الأسري لزوجته الأولى التي اشترطت عليه أن توافق على زواجه الثاني حال قيامه ببناء البيت لها ولأولادها”. وتضيف “أوهمني من بداية علاقتي به بأنه سيتزوجني إن قمت بمساعدته في بناء بيته، لاصطدم بواقع آخر أكثر عذاباً وألماً يعتصر قلبي إلى هذا اليوم بزواجه من فتاة أخرى وإسكانها في المنزل، ما تسبب لي في صدمة نفسية أفقدتني الثقة بنفسي حتى هذه اللحظة”.
في المقابل، يرفض إسماعيل (33 سنة) تعميم هذه التهمة على كل الرجال، ويرى أن طبيعة الشخصية والظروف والبيئة التي ينشأ فيها الفرد لها الدور الأساسي في فرز حالة الخداع سواء عند الذكر أو الأنثى. ويقول “أؤكد أن الفتاة أكثر إخلاصا في الحب وأكثر طلبا للاستقرار إذا كانت صادقة بمشاعرها لأن العاطفة تتحكم بحياتها مقارنة بالرجل الذي يميل للعقلانية والمادية”.
عواطف مزيفة من وجهة نظر أخرى، يعتبر يوسف (26 سنة) “الأنثى شخصية مخادعة بطبيعتها، فهي حسب قوله تميل إلى التمثيل منذ نعومة أظفارها وتمتلك بالفطرة الكثير من أسلحة الخداع باستخدامها العواطف المزيفة والدموع الكاذبة”، مشيراً أن “هناك نسبة كبيرة من الشباب المخادعين باسم الحب ولكن نسبة الإناث تزيد عنهم، فالفتيات يمثلن الحب على الرجل للحصول عليه كزوج والشباب يمثل النصب والاحتيال باسم الحب والزواج لاستغلاها ماديا ومن بعد ذلك تركها تغرق في ديون مالية تتحملها بنفسها نتيجة تفكيرها بعقلها لا قلبها”.
ويعلق أيمن على التجارب السابقة لهؤلاء الفتيات اللاتي تعرضن للنصب والاحتيال باسم الحب ويقول “أغلبهن من ذوات تركيبات شخصية معينة، فالشخصية الهستيرية، تتميز بعاطفة مبالَغ فيها، فتعمد في أحيان كثيرة إلى ابتزاز الكلمة من الرجل، التي قد تملأ فراغها الداخلي، أما الشخصية النرجسية، فإن عرض الحب الذي يقدمه الآخر لها، حتى وإن كان مزيفاً، يُرضي رغبة شديدة عندها، بالتميُّز والتفرُّد”. ويضيف “بعض من الرجال لا همّ له إلا التغرير بقلوب الفتيات، فهو رجل نزوات لا يقيم قدراً لمشاعر بنات الناس اللاتي يُشبعن غروره بغبائهن، ويُرضين أهواءه بسذاجتهن، فالمهم عنده في الدرجة الأُولى إيجاد تلك الراحة المؤقتة لذاته المتُعبة، بوجود امرأة تُشبع حاجاته المادية والعاطفية من دون أن يخسر شيئاً من كرامته، كما يحصل مع أولئك المسكينات فما تخسره المرأة من مشاعر تشهد اغتيالها على يده بمنتهى الاستهتار واللاّمبالاة دون أن يلتفت لها بعد أن يحصل على مراده”.
لمياء السلاوي