اختتمت بداية الأسبوع، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، أشغال المناظرات الجهوية للتنمية المستدامة، المنظمة من طرف وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، في إطار مشروع إعادة صياغة الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة.
وجاءت هذه المناظرات، الممتدة على كل جهات المملكة، بهدف إعادة صياغة هذه الاستراتيجية بما يتلاءم مع توجهات النموذج التنموي الجديد، مع الامتثال للالتزامات الدولية، بما في ذلك أجندة التنمية المستدامة 2030، كما استهدفت صياغة استراتيجية وطنية طموحة للتنمية المستدامة، متكيفة مع الواقع المحلي وملبية احتياجات وتطلعات المواطنين.
وقد أنتجت سلسلة المناظرات جملة من التوصيات والمقترحات التي تم استقاؤها بناء على مساهمات المشاركات والمشاركين في أطوار هذه المناظرات، والتي ستمكن من تحديد أولويات الاستدامة والرهانات المستقبلية، وجرد الحاجيات المتعلقة بالتقائية الأنشطة المنجزة على الصعيد الوطني والترابي وكذا تنزيل الرافعات المستقبلية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة، فضلا عن أنها ستساهم في تجويد محاور تدخل الاستراتيجية المستقبلية للتنمية المستدامة 2035.
وكانت ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة قد صرحت في مناسبة انطلاق هذه المناظرات أن “اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة اختارت اعتماد مقاربة تشاركية ومندمجة وشاملة من خلال استشارة كل المواطنين، سواء الذين يقيمون في المغرب أو في الخارج. وفي هذا الإطار، سيتم إطلاق مسلسل المشاورات عبر تنظيم المناظرات الجهوية بهدف جمع توصيات كل الفرق المعنية على المستوى الترابي، بغية ضمان نجاح التنفيذ المستقبلي للاستراتيجية، كما سيتم خلال كل مناظرة جهوية تحديد التحديات والأولويات المتعلقة بالاستدامة لكل جهة ودمجها في عملية المراجعة الاستراتيجية”.
وعلى صعيد المُخرجات، اعتبرت الوزيرة في الجلسة الختامية للمناظرات الجهوية المستدامة أن أهم التوصيات تكمن في تحديد رؤية دامجة في إطار مقاربة التقائية للسياسات والاستراتيجيات العمومية بهدف تعزيز التنسيق الضروري لتحقيق الأهداف والأولويات في مجال التنمية المستدامة، وتقوية دور الجماعات الترابية في المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية والعمل على إشراك جميع المتدخلين في تطوير التنمية المستدامة بالمجال الترابي، ووضع آليات وميكانيزمات للتنسيق بين الأطراف المعنية من أجل تخطيط مندمج على المستوى الترابي.
كما تضم أبرز التوصيات ضرورة تحفيز الانتقال لموارد طاقية متجددة وتسريع تنزيل مخطط النجاعة الطاقية، إلى جانب ضمان عدالة ترابية بين جهات المملكة وداخل كل جهة، في ما يخص الولوج إلى الخدمات العمومية والفرص الاقتصادية التي تضمن العيش الكريم.
وأبرزت الوزيرة أن الإعلان عن انتهاء مسلسل المشاورات الجهوية التي تمت في إطار هذه المناظرات لا يعني انتهاء النقاش حول أولويات التنمية المستدامة ببلادنا، حيث سيبقى المسلسل التشاوري مفتوحا عبر المنصة الرقمية المخصصة لاستقاء آراء وتطلعات المواطنات والمواطنين داخل وخارج الوطن، داعية إلى التفاعل مع هذه المنصة من أجل إتاحة الفرصة للجميع للمشاركة في هذا الورش الاستراتيجي المهم من أجل بناء مغرب الغد بسياسات عمومية مستدامة.
وعلى صعيد نصيب جهة طنجة تطوان الحسيمة من هذه المناظرات، يذكر أنه قد استضافت مدينة طنجة، بحر الأسبوع الماضي، ثلاث ورشات موضوعاتية في إطار أشغال المناظرة الجهوية الخاصة بالشمال، تناولت مواضيع “دعم وحماية الموارد الطبيعية”، “الاقتصاد التنافسي والمجالات الترابية المستدامة” و“الخدمات العمومية والإرث الثقافي”.
وقد اعتبر الطاهر الحنين الكاتب العام للشؤون الجهوية بالولاية، في كلمة بالمناسبة أن مسألة التنمية المستدامة ذات أهمية كبرى على مستوى جهة طنجة – تطوان – الحسيمة ، حيث تم إطلاق العديد من المشاريع المهيكلة وجاري العمل على مشاريع أخرى، من أجل ضمان التدبير المستدام للموارد الطبيعية ودعم التدابير الهادفة الى المحافظة على النظم البيئية و تشجيع وتعزيز إنتاج الطاقة المتجددة، داعيا إلى الأخذ بعين الاعتبار استنتاجات التقرير الجهوي حول أهداف التنمية المستدامة 2030، والذي تم تقديمه مؤخرا بطنجة في إطار هذه الاستراتيجية .
ومن جهته، أكد عبد اللطيف الغلبزوري، نائب رئيس مجلس الجهة، أن المجلس يضع قضية التنمية المستدامة في قلب اهتماماته، بهدف ضمان مستقبل مستدام للأجيال القادمة، وتكريس العدالة الاجتماعية، ودعم التنمية البشرية، مؤكدا أن هذا اللقاء سيعمق من إمكانية إرساء أسس تنمية جهوية أكثر استدامة في جميع المجالات، مشيرا إلى أن هذا الحدث هو فرصة للتركيز على القضايا الرئيسية على مستوى جهة الشمال واقتراح الحلول الكفيلة بإرساء قواعد متينة لتنمية جهوية شاملة ومستدامة.
ويشار في الأخير إلى أن يرتقب عقد مناظرة وطنية من أجل تقديم النسخة المحينة للاستراتيجية الوطنية للتنمية البشرية، تأخذ بعين الاعتبار خلاصات مختلف المشاورات وآراء مختلف المعنيين بهذا الشأن .