أمل عكاشة
تواجه مدن اليوم، تحديات كبيرة من أجل ممارسة دورها كمحرك للتنمية المستدامة والمساهمة في تحقيق أهدافها على المستوى الترابي، وما فتئ الهدف الحادي عشر من أهداف التنمية المستدامة، المنادي “بجعل المدن والمستوطنات البشرية شاملة للجميع وآمنة وقادرة على الصمود ومستدامة” إلا دليلا على الدور الطلائعي الذي يمكن أن تحققه المدن على المستوى التنموي، ففي كنفها يمكن أن تنجح الدول والأمم في القضاء على الفقر، تحقيق المساواة والحد من التغيرات المناخية وكذا توفير حياة صحية، ما يجعلها أيضا المحدد الرئيسي للنمو الاقتصادي والاجتماعي، باعتبارها الحيز الترابي القادر على الصمود وتحقيق الأمن المستدام.
وبالموازاة مع ذلك، تظل الطاقة المحرك الأساسي والعنصر الفاعل لكل تنمية، فهي تمثل حجر الزاوية في كافة القطاعات الاقتصادية، كما أنها رفيقة حياة الانسان، وعلى الرغم من أنها تلعب الدور الأساس في الحياة البشرية، فهي أيضا تشكل مصدر خطر على استدامتها، ذلك أن جل الطاقات المستخدمة في العالم هي طاقة تقليدية وغير مستدامة، فضلا عن أنها ملوثة للبيئة، وتسبب في تغيرات مناخية تهدد حياة المخلوقات الحية والكوكب ككل، إضافة إلى كونها تشكل عائقا أساسيا أمام تحقيق العدل في الوصول إلى الموارد لكل الأجيال، وتعيق تحقيق التنمية المستدامة.
وفي هذا الصدد وفي إطار تفعيل الأدوار الدستورية للمجتمع المدني في المساهمة في تحقيق التنمية المستدامة، وتفعيلا للتوجيهات الملكية السامية المتضمنة في الخطب الملكية ذات الصلة بأدوار ومهام المجتمع المدني، وضرورة إشراكه في تنفيذ السياسات التنموية والمساهمة في تنزيل الاستراتيجيات الوطنية على الصعيدين المحلي والجهوي، وكذلك في إطار بلورة أهداف التنمية المستدامة ترابيا، نظم مرصد حماية البيئة و المآثر التاريخية بطنجة بشراكة مع مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية، يوم السبت الماضي، بمدينة طنجة، وبدعم من مجلسي جهة طنجة تطوان الحسيمة وجماعة طنجة، الدورة السادسة لمنتدى طنجة مدينة مستدامة، تحت شعار: “الانتقال الطاقي وسؤال استدامة المدن”.
وكانت الدورة مناسبة لتسلط الضوء على موضوع الانتقال الطاقي ودوره في تحقيق استدامة المدن، من خلال التطرق لمجموعة من المحاور، تناولت:
-الاستراتيجية الوطنية للنجاعة الطاقية ومدى تنزيلها لالتزامات المغرب على المستوى الدولي في مجال الانتقال الطاقي
-الجهود المبذولة على المستوى الجهوي من أجل وضع استراتيجية جهوية لاقتصاد الطاقة
-الإطار القانوني ومدى مساهمته في تحقيق الانتقال الطاقي
-إشكالية الكربون في المدن والفرص الممكنة من أجل تحقيق الانتقال الطاقي
-الانتقال الطاقي وتسريع وتيرة تطوير الاقتصاد الأخضر وانتقال المغرب إلى مدن مستدامة
-المجتمع المدني و أسئلة الانتقال الطاقي
وتضمنت الدورة ثلاث ورشات، تمحورت الأولى حول الانتقال الطاقي وتحقيق استدامة المدن، فيما عالجت الثانية مسألة الانتقال الطاقي ورهان الحد من التغيرات المناخية، أما الثالثة فكانت عن دور المجتمع المدني في الترافع نحو تحقيق انتقال طاقي تشاركي، وذلك في ظل حضور وازن وقوي، جمع بين ممثلين عن المصالح الخارجية للوزارات ذات الصلة بالموضوع، فضلا عن أكاديميين وخبراء وعاملين في المجال وأطر المجتمع المدني.
وخلصت الدورة إلى إصدار مجموعة من الخلاصات والتوصيات، تتجلى أهمها في ما يلي:
– الترافع من أجل تغيير معايير النقل الحضري في مدينة طنجة، عبر احترام معايير التوقيت والسلامة والتتبع الالكتروني لمسار الرحلة
– التحول الطاقي للبنايات العمومية
– تطبيق معايير العزل الحراري في مجال البناء والتعمير
– تطبيق التدقيق الطاقي على الوحدات الصناعية الكبرى
– فتح باب الإنتاج الذاتي للطاقة
– تشارك المعلومات بشكل عادل مع المجتمع المدني
– مصاحبة الفاعلين الاقتصادين على تطبيق التدقيق الطاقي بوحداتهم الصناعية
– تعزيز الاهتمام بالانتقال الطاقي عبر الإعلام والتحسيس والتوعية والتربية والتعليم
– تطوير المنظومة التشريعية من طرف الفاعلين السياسيين
– فرض ضرائب مرتفعة على الاستغلال المرتفع للطاقة
– فتح الاستثمار في الطاقة البديلة أمام الخواص
– تشجيع الإنتاج المحلي والوطني للطاقة
– وضع تنطيق متوازن لإنتاج الطاقة على المستوى الجهوي
– تعزيز النقل العمومي
– تشجيع التوجه نحو السيارات الكهربائية