إن تداخل مهام المجتمع المدني تجعل بطبيعتها نوعا من التراتببة لمختلف تياراته واجنحته ليس فقط بحكم الشعار المرحلي المتفق عليه من طرف الجميع وهو دولة المؤسسات التي يحكمها الحق والقانون، وإنما أيضا بطبيعة التكوين والممارسة لكل فريق على حدة.
وإذا كانت مهنة المحاماة أصلا تعتبر في حد ذاتها مجالا للنضال العام لفاءدة العدالة والمشروعية بحكم طبيعة وجودها ومهامها…فإن هذه الميزة تجعلها في المجتمع المغربي حاليا في باب الصدارة للدفاع عن تحديث الدولة المغربية وإرساء أسسها العصرية الثابتة كدولة تحكمها مؤسسات شرعية قائمة وسليمة ويتحكم في تصرفاتها وقراراتها سلطة الحق والقانون
وتدعو المرجعية الجديدة للتنمية(النموذج التنموي الجديد) الى اشراك المجتمع المدني بشكل واسع وقوي والذي يشمل جميع الفاعلين المتواجدين ببن القطاع العام والقطاع الخاص والمتألف من المجموعات الترابية والفاعلين المحليين ذوي التمثيلية والمؤسسات ذات المنفعة أو التي لا تسعى إلى الربح والفاعلين في مجال الإقتصاد الإجتماعي والمقاولات ذات البعد المحلي ويتعين أن تصبح هذه الوحدات شريكا كاملا للدولةوالقطاع الخاص في مشروع التنمية، وذلك للإستفادة من خبرتها ومعارفها الميدانية وقربها من الساكنة المستهدفة.
وينبغي تأسيس النواة الصلبة لهذه القطاعات بأعمال حوار داءم للشراكة بينها حول مجتمع مدني من الجيل الجديد مهيىء بشكل أفضل ومساهم بصفة متزايدة في العمل التنموي وفي طليعته مهنة المحاماة ضمن المجتمع المدني المغربي . يقول الدكتور سعد الدين إبراهيم بصدد حديثه عن النضال الديموقراطي وأدوار المجتمع المدني “وضمن النقابات المهنية تأتي نقابات المحامين كراس الحربة الأكثر صلابة والاصعب كسرا وذلك
لأسباب ثلاثة على الأقل: أولها مهنة المحاماة من اول المهن الحديثة ظهورا في المجتمعات العربية منذ عصر النهضة الحديثة ونقابات المحامين هي أقدم وارسخ النقابات المهنية
و بالتالي من أقدم وارسخ منظمات المجتمع المدني على الإطلاق.
وثانيا لأن طبيعة التمرين لهذه المهنة وممارستها تجعل من الحق والعدل والحرية قيما أصيلة يتم غرسها مبكرا في أبناء
المهنة…
وثالثا لأن معظم المشتغلين بهذه المهنة هم الأقل اعتمادا على الدولة وأكثر استقلالا عن الحكومة ومن ثم فإنهم يتمتعون بهامش نسبي أكثر من حرية التعبير والتنظيم والحركة(نشر البحث تحت عنوان”المجتمع المدني والتحول الديموقراطي في الوطن العربي “)
يتعين إذن إرساء علاقة جديدة مبنية على الثقة والإلتزام المتبادل بين الدولة والمجتمع المدني؛ان تجاوز العوائق ذات
الطابع الإداري أو القانوني أو المالي التي تعرقل انبثاق المجتمع المدني يستدعي تحقيق متطلبات جديدة بخصوص
الإحترافية والكفاءة والشفافية واحترام الإلتزامات ومهام تحقيق المصلحة العامة .
الخلاصة أن الخاصيات أعلاه التي تجعل من المحاماة جزء
لا يتجزأ من نظام المجتمع المدني، تؤكده هوية المحامي في واقعه
الموضوعي والمهني، شخص لا ينحاز إلا إلى جانب القانون مهما كان دفاعه صلبا ومرافعته سواء لغاءدة طرف خاص أوفي نشاطه العام لفاءدة المجتمع فهو بذلك كاءن قانوني بامتياز….وداعية رجل أو امرأة لا تكل لتطبيق القانون.