م. إمغران
نظم، مؤخرا، المؤتمرالدولي للناشرين بالشارقة، قبيل ابتداء المعرض وكانت الفرصة سانحة للخوض في مسألة الطباعة والنشروهموم الكتاب واللغات المعتمدة في ذلك، بين المهنيين والباحثين والمهتمين الذين ناقشوا الموضوع وتبادلوا وجهات نظرهم، خلال ندوة اختير لها عنوان “ التعدد اللغوي وتحديات النشر بمنطقة المغرب العربي”بحضور طارق سليكي من المغرب وحسان بن نعمان من الجزائروحفيظ جميل من تونس، حيث تناول مؤطروهذه الندوة، تحليلا ومناقشة، ما يسمى بالإشكالية اللغوية بمنطقة المغرب العربي.
وضمن المداخلات التي أثثت مشهد هذا المؤتمرالدولي للناشرين، مداخلة طارق سليكي، رئيس اتحاد الناشرين المغاربة والتي قربت الصورة عن المغرب، حول هذا التعدد، باعتباره، يشكل ثراء ثقافيا إلى جانب الاختلاف الإثني واللغوي، خصوصا حينما يتعلق الأمر بأمة ووطن، فييصبح مصدرقوة وطاقة خلاقة في مسلسل تطورأمة وانفتاحها على باقي الثقافات.وأضاف سليكي أن اللغة هي حمالة رؤية للعالم وإذا كنا أمام تعدد لغوي، فإننا أمام رؤى مختلفة تكرس، بالضرورة، ثقافة الاختلاف وترسم ملامح تقاطع بين رؤى مختلفة، سرعان ما تشكل أفقا ثقافيا مشتركا. كما ينبغي الإشارة إلى أن الأمازيغية والعربية هما لغتان رسميتان، جنبا إلى جنب، بالمملكة المغربية، بالإضافة إلى اللغة الفرنسية والإسبانية والإنجليزية بدرجات متفاوتة. وطبعا هنا ينبغي الإشارة إلى نقطة جد مهمة هو أن مجموعة من الأسماء استطاعت أن تضفربجائزة تعتبرمن أرقى الجوائز بفرنسا وهي الكونكوروكانت من نصيب المغاربة، خمس مرات وهذا مؤشر قوي عن الزخم الثقافي الذي يحضى به المغرب، ناهيك عن منصات التتويج لأعظم الجوائزالعربية ككاتارا والبوكرالتي كانت من نصيب المغاربة، موضحا أن اللغة كائن حي، حيث كان قد فتح نقاش قوي في المغرب بين مؤيد ومعارض حول العربية والعامية، إلا أن اللغة العربية تبقى على الأقل في المستقبل القريب والمتوسط هي الأهم وهي المهيمنة، معتقدا” أنه إذا استثنينا الزجل وبعض الأعمال هنا وهناك، فلم أتوصل خلال مشواري المهني الذي يفوق العقدين من الزمن، بعمل فكري أو نقدي مكتوب بالعامية وهو ما يترجم حالة الحذر من مغامرة التأليف، فأحرى النشر.
وحول إثارة ظاهرة قرصنة الكتاب ومدى إمكانية وجودها في المغرب، أجاب طارق سليكي في شقين اثنين، أولهما هوأنه لايمكننا إنكاروجود الكتاب الورقي المقرصن والموجود على أرصفة المدن وبأعداد كبيرة والذي يأتينا من الخارج وبالتحديد من دول عربية أخرى.أما الشق الثاني الذي ينبغي إثارته حول القرصنة وكما يسميها بهذا الإجرام اللطيف ولوأن السرقة تعتبرسرقة، كيفما كانت، إلا أن القراءة يجب أن تكون موضوع تأمل، يعني أن هناك حاجة وإقبالا على الكتاب وليس كما يشاع، حيث ظللنا نكرر كالببغوات، طوال عقود، أن ليس هناك قارئ.. وهناك مشكلة التوزيع.. وغيرها من المشاكل الكلاسيكية التقليدية.كما أكد المتحدث ذاته أننا في حاجة إلى إعادة النظر في الآليات والأدوات التي لم تتغيروالعالم يعرف تحولات خطيرة وينبغي الوقوف عندها وفهمها والتعامل معها بشكل أكثر حداثة ونجاعة. ومن هنا ينبغي لنا أن نكون مغامرين مستكشفين باحثين عن أسواق جديدة وأن نخرج من منطقة الراحة والكسل، بالترويج لهذا المجال والسعي فيه، دون هوادة، ذلك أن الأرقام تتحدث وتفصح عن أشياء كثيرة، سبعمائة مليون ناطق باللغة العربية، فما حظنا في هذا ؟ وللمقارنة، فاللغة الفلامانية تتحدثها نسبة قليلة من البشر ومع ذلك تطبع نسخ لها بالآلاف وفي عدة طبعات.إذن، هناك غلط في مكان ما، بشكل ما ..بطريقة ما وبالتالي وجب طرح أسئلة، أولا، بل تعميقها، لكي نتجدد ونجدد ونشتغل، على أن تكون العربية فكرة أكثر من مجرد جغرافيا محدودة، يقول سليكي، مؤكدا أن العمل بالكتب وفي الكتب يجب أن يتماشى مع كافة معتقداتنا عن الحياة، بل ويُكمّل مفهوم شخصيتنا ويكرسه. وأما عن الذين يتاجرون في الكتب، فالأمرهنا مفرغ من معناه، لا يضيف للشخص شيئا، بل يُربكه للغاية.