عبد الواحد البقالي
ينفتح هذا الشاطئ الجميل على الواجهة المتوسطية، ويقع اسفل هضبة مرشان من الجهة الغربية ، وينحصر بين جبلين ( جبل المرقالة شرقا وجبل الكبير غربا ) …
يخترق الشاطئ من جانبه الشرقي “واد اليهود” الذي مده عبر تاريخه الطويل وخلال الفصل المطير بطمي غني جعل رماله المتميزة صالحة للبناء … وقيل ان كثير من احياء طنجة شيدت بها.
ويقال إن الشاطئ اشتق اسمه من هذا المعنى فهو بالأمازيغية “المركالة”
والملاحظ ظاهريا ان طبوغرافية الشاطئ وشكله العام لم تتغيرا رغم الظروف الطبيعة والبشرية التي مر منها.
لكن في السنوات الاخيرة تعرضت واجهته الشرقية لتغيرات كبيرة بسبب استحداث طريق جديد يربط مرقالة بميناء المدينة وسميت باسمه “طريق مرقالة”، والتي اكتسحت جزءا كبيرا من رماله، وتم تدمير أماكن ومزارات بقيت عالقة ومرسومة في اذهان اهالي طنجة خاصة لدى سكان الاحياء المجاورة والمطلة والقريبة منها ، كحي مرشان وحي المطافي وحي الحافة وحي ادرارب وعين الحياني وجامع المقراع ، ومن ابرز هذه الاماكن التي مسحت من الخريطة البحرية واندثر اثرها :”السلسول ” و “طهر الحمار” و” للا جميلة” ” راس دالبرج” و” مريسة دبا ادريس” و “السدر” و “سيدي بوقنادل “.
بينما الملاحظ ان التضاريس البحرية في الجانب الغربي لشاطئ مرقالة ما زال محافظا على حالته ، لكنه يتعرض باستمرار للتعرية البحرية وانجراف التربة الصلصالية مما جعل الوصول الى “الزهاني” و”غرسة دبوني” المطلة على “الحجرة الممسوخة” وصولا الى “الكريان” (الذي هو في ملك الامريكية ” ماك باي) وصولا الى دار
” مبارك” امرا صعبا بسبب وعورة المسالك المؤدية اليها ولكنها رغم ذلك تعد اماكن مفضلة لدى الطنجاويين لممارسة السباحة الصخرية والصيد بالقصبة.
ورمال شاطئ مرقالة حاليا اصبحت منحصرة بين الطريق المستحدثة شرقا و” الكرة الكبيرة ” غربا ( وهي صخرة مرتفعة تتحول عند المد الكبير او ” الماريا الكبيرة ” الى جزيرة يرتادها صيادو القصبة ولا يمتطيها للسباحة الا كبار السن من الشباب.
اما المبتدئون فيقتصر تجمعهم في مسبح طبيعي “لابيسين ” ، ويتميز بضعف عمقه ومحمي من الأمواج البحرية بشريط صخري ملتئم؛ يتم فيع تعلم فن السباحة والقفز في الماء.
وتبدأ المرحلة الاولية بصخرة “الكميرة”، ثم يتم الانتقال بعدها الى “الخبيزة” ثم “الكرة الصغيرة” ووصولا الى “الشنقوب”.
وقلما تجد طنجاويا او طنجاوية من الاحياء المجاورة لشاطئ المرقالة كجامع المقراع ومرشان وادرادب وعين الحياني وحتى من الاحياء البعيدة كالمصلى والسواني والحي الجديد وفال فلوري لم يمر من هذه المراحل التعليمية والتدرج في السباحة من الصخرة الصغيرة الى المتوسطة الى الكبيرة ولا يمكن الوصول الى”البلانشتا” وهي صخرة بحرية بعيدة نسبيا عن الشاطئ ولا تظهر للعيان الا في الجزر الكبير ” الماريا الصغيرة”، وبعدها يدخل المرء المرحلة النهائية بعد ان يصبح غواصا ومتمرسا على اختراق المياه العميقة والوصول الى المياه الزرقاء البعيدة .
ولا يعترف به كسباح ماهر الا تمكن من قطع الطريق البحري الغربي الرابط بين المرقالة والزهاني وصولا الى الكريان او قطع الطريق البحري الشرقي الرابط بين المرقالة وحجرة د الغراب.
ومن الناحية التاريخية ارتبط شاطئ مرقالة في تاريخه الحديث بمرور السكة الحديدية الرابطة بين الميناء والكريان حيث كان يتم نقل الاحجار لبناء المرسى الجديدة بالميناء وذلك في منتصف العشرينات من القرن الماضي.
وللربط بين ضفتي واد اليهود الشرقية والغربية تم تشييد قنطرة كبيرة والتي اندثرت معالمها نهائيا في السبعينات من القرن الماضي كما اختفت عدة مساكن او غرف او بيوتات كانت مخصصة لتجميع الالات والمعدات السككية واصلاحها…
ويقال ان القنطرة دمرت في منتصف الثلاثينات وبالضبط عام 1937.ويحكى ان سبب ذلك هو تعرض شاطى مرقالة لامواج عاتية على شكل “تسونامي” ضربت الشاطئ وخربت القنطرة وما بقي من خطوط السكك الحديدية وكان ذلك بعد الانتهاء من بناء رصيف او “مون” طنجة.
وبجانب الشاطئ عند قدم جبل المرقالة كان هناك مستوصف “الهلال الاحمر” لعلاج جرحى ومصابي عمال الشركة الفرنسية التي كانت مكلفة بالمشروع والتي كان يطلق عليها ” لا كوناج”.
واستمرت هذه البناية صامدة الى زمن قريب ولكن اكتسحها المجال الاخضر عند تهيئة الشاطئ.
اشتهر شاطئ مرقالة بطنجة في الماضي القريب بتواجد بار ومطعم ومقهى شيدت من طرف احد المستوطنين الاسبان وذلك في الستينات من القرن الماضي.
وبعد رحيله من طنجة نحو اسبانيا انتقل المشروع لبعض ابناء حي الدرادب المعروف ب”الدوص “.
وبعد انتقال الملكية لاسباب نجهلها إلى المسمى “مصطفى المري”، الذي تمكن بعنفه وجبروته السيطرة التامة على جزء كبير من شاطئ مرقالة وذلك خلال السبعينات من القرن الماضي ،وتمكن من نشر شباكه واسلاكه على جزء كبير من الرمال مما حرم السكان من” التشميس” فوقها ومنعهم حتى من الاقتراب من”اقطاعيته” معتمدا على بلطجيته.
وبقي الامر على هذا الحال الى ان توفي- عفا الله عنه وغفر له – في الثمانينات من القرن الماضي ودفن بمقبرة سيدي المختار المتواجدة فوق جبل المرقالة فاستراح واراح.