سهيلة أضريف
من بين الاختصاصات الذاتية التي أسندها المشرع من خلال القانون التنظيمي 14ـ113 إلى الجماعات الترابية، مهمة تقديم خدمات القرب لسكان الدائرة الترابية لها وذلك بطبيعة الحال في حدود الموارد المالية لمداخيلها.
ومن بين خدمات القرب التي لها علاقة بموضوع البحث نجد: النقل العمومي الحضري.
ونظرا للطابع التقني لمرفق النقل الحضري، بحيث أن الجماعات الترابية يصعب عليها لاعتبارات خاصة، مُباشرة هذا الاختصاص بصورة مباشرة، فهي مطالبة بخصوص تدبير هذا المرفق اللجوء إلى مسطرة التدبير المفوض، أو إحداث شركات التنمية المحلية أو التعاقد مع القطاع الخاص.
مجلس مدينة طنجة وانطلاقا من كناش التحملات الخاص بتدبير مرفق النقل الحضري؛ وقع اختياره على شركة ألزا وذلك خلال سنة 2014. هذه الشركة هي المسؤولة الفعلية عن أسطول النقل الحضري على مستوى مدينة طنجة وغيرها من المدن المغربية. غير أن الوضع المتردي لأسطول هذه الشركة خاصة بمدينة طنجة كان يطرح الكثير من القيل والقال إذ أضحى الجميع ينعتها بالقنابل الموقوتة، نظير الأسطول المتردي والغير اللائق، إذ تراودنا الأخبار في كل مرة عن مطبات تصيب هذه الحافلات؛ آخرها ما تعرضت له إحداها الأسبوع الماضي، بعدما اشتعلت النيران فيها، محولة إياها إلى رماد، الأمر الذي يستنتج من خلاله أن الشركة الموكول إليها تدبير النقل الحضري، لا تُقدم كالتزام على عاتقها سوى حافلات “خردة” إن جاز التعبير، حافلات مهترِئة، لم يتم قبولها للاستمرار في الخدمة في مناطق إسبانية كانت أو دول أوربية أخرى، فتعمد إلى إعادة طلائها، مع إدخال بعض التحسينات عليها، يوحى من خلالها وكأنها لم يسبق لها أن دخلت نشاط النقل قبل ذلك.
وفي ظل غياب أي مراقبة تقنية من طرف مدبري الشأن العام المحلي على مستوى مدينة طنجة، أو غياب أي بند من بنود كناش التحملات يفرض على الشركة إخضاع هذه الحافلات إلى فحص تقني يثبت مدى كونها لم تمارس نشاط النقل فيما سبق، فضلا عن شهادات تثبت أن الحافلة انتقلت لممارسة نشاطها مباشرة من الدار التي صنعتها إلى المكان المقرر الاشتغال به.
وعليه، فإن الغياب الفعلي لهذه المراقبة الصارمة يشجع الشركة على تقديم كل حافلة “نطيحة” ووضعها رهن إشارة مجتمع لا حول له ولا قوة، يترتب عنها مثل هذه الحوادث التي تخلف وراءها الموت والدمار على أفراد مجتمع بريء، فالشركة معروف عنها خرق الإجراءات المسطرية لبنود وقواعد الصفقات العمومية كما أشارت إليه محكمة الاستئناف الإدارية بتاريخ 13 أكتوبر 2009، بحيث أيدت هذه الأخيرة الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بأكادير.
كما أن التقارير الصادرة عن المجلس الأعلى للحسابات والتي تناولت الوضعية المالية للشركة على مستوى مدينة أكادير، وقفت على أن الشركة الإسبانية للنقل الحضري “ألزا” سبق لها وأن تعهدت وفقا للاتفاق المبرم مع “مؤسسة التعاون بين الجماعات” بتجديد أسطولها مع متم شهر شتنبر من سنة 2020، إلا أن ذلك لم يتم؛ بعدما تراجعت الشركة عن تنفيذ هذا التعهد بالرغم من أنها توصلت بدعم وصل إلى 165 مليون درهم، خلال الفترة الممتدة بين سنة 2010 و2011.
ما يمكن استنتاجه، أن للشركة سوابق عديدة في التلاعب بفوترة جميع النفقات والمصاريف الصورية، قصد الحصول على عوائد ومنح مالية أغلبها صوري ولا أساس له على أرض الواقع وذلك مقابل حافلات مهترئة تشكل قنبلة موقوتة ضد هذا المجتمع وطبقاته الهَشّة، هذا الأمر دفع بالرأي العام المحلي للتساؤل عن دور الأجهزة المنتخبة وعن صمتها المطبق لما يقع من حوادث، آخرها ما حصل الأسبوع الماضي.
شركة “ألزا” لا تعير أي قيمة أو مكانة لهذا المجتمع، في حين يقابلها مجلس مدينة أخرس وكأن الشركة هي المسير الفعلي له من تحت الكواليس.