أمل عكاشة
راجت بداية الأسبوع، بالصحف الوطنية والمحلية، أنباء عن اعتماد جدولة لتوزيع الماء من قبل المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، ابتداء من الأسبوع الجاري، وذلك بمختلف المدن المغربية، نظرا للتراجع الكبير الذي شهده المخزون المائي بالمملكة.
وسرعان ما بادر المكتب الوطني لنفي كل يروج، واضعا حدا لما اعتبره إشاعات ومغالطات، مكذبا “الأخبار الزائفة” ومؤكدا على أنه لم يتم التواصل معه من طرف أي وسيلة من وسائل الإعلام قبل نشر هذا الخبر وأنه لم يصدر أي تصريح أو بلاغ بهذا الخصوص.
ولا غرو أن الوضع المائي ببلدنا مقلق، فلا يخفى على أحد أن توالي سنوات الأمطار الضعيفة والمتوسطة، أثرت على الفرشة المائية وتنبئ باقتراب مخاطر الجفاف، إذا ظل الوضع على هذه الحال ـ لا قدر الله.
وتسعفنا جداول تضعها وزارة التجهيز والماء، بشكل يومي، في معرفة وضعية السدود ببلدنا، وتكفي إطلالة عليها للتأكد من أن نسبة ملء السدود تقف عند نسبة 25 بالمئة، إذ توفر مخزونا بالكاد يصل إلى 4025 مليون متر مكعب في مجموع التراب الوطني.
وفي الحقيقة، تعتبر نسبة 25 بالمئة مغرضة، وتعطي معنى مغلوطا، ويكفي أن نقول أن نفس الجدول، يتضمن أن سد طنجة المتوسط يتوفر على 93,8 بالمئة في مخزونه، وإذا نظرنا لسعة هذا السد نجده لا يتعدى 22 مليون متر مكعب، يتكرر الوضع بشكل أشد مع سد سيدي سعيد معاشو الذي لا زال يتوفر على 93,7 من حقينته، التي تساوي فقط 1,1 مليون متر مكعب.
وإلى جانب النسب العالية، يزخر الجدول بنسب كثيرة جد متدنية، فعلى سبيل المثال، وصل مخزون سد 9 أبريل إلى نسبة 12,7 بالمئة، وهو الذي يسع 300 مليون متر مكعب، كذلك الشأن بالنسبة لسد الحسن الثاني، ذي سعة 392,3 مليون متر مكعب، لا يتوفر منها سوى 9,2 بالمئة.
وعلى العموم، يعتبر سيناريو تشديد إجراءات الحصول على الماء وتقييده، مطروحا وبشدة، خاصة وأن المكتب سبق له أن قرر تخفيض صبيب المياه وتحديد ساعات الاستفادة منها في عدة مدن، كخريبكة، برشيد وسطات.. وآخرها زاكورة، بحر هذا الأسبوع، ويبقى غنيا عن البيان والتذكير، القول بإن مواجهة مخاطر الجفاف تتطلب إجراءات عقلانية متكاملة ومتناسقة، فمن غير المقبول التناقض في اتخاذ إجراءات مناسبة لقلة ومجحفة لكثرة، و”كل لبيب بالإشارة يفهم!”.