أمل عكاشة
أثار الموقف الأرعن للديبلوماسية التونسية الكثير من الاستنكار والتنديد من قبل كل من يحترم أولى قواعد سيادة الدول وينبذ الفكر الانفصالي الجاحد، بعدما أبت الرئاسة التونسية إلا أن تضرب عرض الحائط كل الروابط المشتركة في تنكر فادح لاعتبارات الماضي والحاضر.
ولم يزد البيان الصادر عن وزارة الشؤون الخارجية بالجمهورية التونسية، في محاولة منها لتبرير التصرف العدائي وغير الودي للسلطات التونسية تجاه القضية الوطنية الأولى والمصالح العليا للمملكة المغربية، إلا من الغموض الذي يكتنف الموقف التونسي، بل ساهم في تعميقه، إذ انطوى على العديد من التأويلات والمغالطات.
وتعتبر وزارة الخارجية المغربية، أن الاستقبال الذي خص به رئيس الدولة التونسية زعيم الميليشيا الانفصالية، والإشارة المتعنتة في البيان التونسي إلى “تأمين استقبال لجميع ضيوف تونس على قدم المساواة” مبعث اندهاش كبير، مع العلم أنه لا الحكومة التونسية ولا الشعب التونسي يعترفان بهذا الكيان الوهمي.
ويدين بلاغ للخارجية المغربية أشد ما يكون هذا التصرف، باعتباره ينطوي على عمل عدائي صارخ وغير مبرر، لا يمت بصلة إلى “قواعد حسن الوفادة المتأصلة لدى الشعب التونسي” التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنطبق على أعداء الإخوة والأصدقاء الذين لطالما وقفوا إلى جانب تونس في الأوقات العصيبة.
ولا يقبل عاقل أن تشارك جماعة انفصالية في منتدى “تيكاد 8″، الذي هو مناسبة لربط شراكات بين اليابان والدول الإفريقية التي تقيم معها علاقات دبلوماسية، وبالتالي فهو مفتوح فقط في وجه الدول الإفريقية التي تعترف بها اليابان، وبذلك تكون دعوة الكيان الانفصالي إلى المنتدى خارج أي إطار للشرعية ولا المشروعية، خاصة وأنه قد تم الاتفاق منذ البداية، وبموافقة تونس على أن تقتصر المشاركة على الدول التي تلقت دعوة موقعة من قبل كل من رئيس الوزراء الياباني والرئيس التونسي.
ويضاف إلى ما سبق، كون المذكرة الشفوية الرسمية الصادرة عن اليابان في 19 غشت 2022 تؤكد بشكل صريح على أن هذه الدعوة الموقعة بشكل مشترك “هي الوحيدة التي بدونها لن يسمح لأي وفد بالمشاركة في تيكاد 8″، وأن هذه الدعوة غير موجهة للكيان المذكور في المذكرة الشفوية الصادرة بتاريخ 10 غشت 2022.
وتؤكد المعطيات أنه تم توجيه خمسين دعوة إلى الدول الإفريقية التي تقيم علاقات دبلوماسية مع اليابان، وبالتالي لم يكن من حق تونس سن مسطرة خاصة بتوجيه الدعوات بشكل أحادي الجانب ومواز وخاص بالكيان الانفصالي، وفي تعارض مع الإرادة الصريحة للشريك الياباني.
إن تصرفات الديبلوماسية التونسية العدائية المتوالية في الفترة الأخيرة، تجعلها محل شكوك حقيقية ومشروعة، فغلطة الاستقبال الباطل تنضاف إلى امتناعها السابق عن التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 2602 الذي اعتمد في أكتوبر الماضي بشأن قضية الصحراء، حيث قضى بتمديد فترة ولاية المينورسو لمدة سنة أخرى، فإلى ما ترمي هذه التصرفات؟
وخير ما يقال عن تصرفات الرئاسة التونسية الخرقاء، ما يشهد به في حقها أبناؤها، فما فتئ منصف المرزوقي، الرئيس السابق للجمهورية التونسية أن عبر بأنه؛ “ليست تونس من طعنت المغرب في الظهر وإنما منقلبٌ طعن من قبل تونس في ديمقراطيتها ودستورها ومؤسساتها وعلاقاتها مع ليبيا والدول الديمقراطية، وأوصَلها إلى حالة لا نتمناها لعدو فما بالك لشقيق”.