أمل عكاشة
تميزت مشاركة المغرب، في انعقاد الدورة العادية الـ 158 بالقاهرة، بكلمة وجيهة وصريحة تقدم بها ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربية، أمام مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، تناولت المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها الأمم العربية، مقدمة تصورات واضحة حول متطلبات الوحدة العربية.
وبمناسبة اللقاء، دعت الخارجية المغربية على لسان ناصر بوريطة، إلى قراءة موضوعية لواقع العالم العربي، المشحون بشتى الخلافات والنزاعات البينية، والمخططات الخارجية والداخلية الهادفة إلى التقسيم ودعم نزعات الانفصال وإشعال الصراعات الحدودية والعرقية والطائفية والقبلية، واستنزاف المنطقة وتبديد ثرواتها، لافتة ومنبهة إلى أن الإشكال الرئيسي الذي يواجه العالم العربي، والذي يكمن في غياب رؤية مشتركة واضحة لمواجهة التحديات، بما يحافظ على أمن الدول واستقرارها ووحدتها الترابية والوطنية.
وتعتبر الخارجية المغربية أن العالم العربي يوجد اليوم أمام مفترق طرق جد صعب، يفرض علينا بإلحاح تجاوز المعوقات التي تحول دون تعزيز اللحمة والتضامن بين أقطارنا العربية، وتصرف أنظارنا وجهودنا عن التصدي للقضايا الكبرى السياسية منها والاقتصادية، المطروحة بإلحاح على الأجندة العربية، والتي يتعين التعامل معها بفاعلية.
وأعلن ناصر بوريطة أنه آن الأوان لوضع أسس قوية لشراكة عربية مندمجة تهدف إلى تطوير آليات العمل العربي المشترك، وبناء نظام جماعي حديث ومتجدد وفعال، يوفر الشروط الموضوعية للتعاون البيني وتشجيع الاستثمار وتأهيل الاقتصاد والإنسان العربي وتحسين أدائه وتسهيل انخراطه في مجتمع المعرفة والاتصال، وتكريس مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان، في مراعاة لخصوصيات ومقومات كل بلد وشعب بإرادته المستقلة وحسب وتيرة تطوره.
وعلى صعيد الشأن الداخلي للقمة العربية، سجل بوريطة أن السياق الدولي والعربي يسائل القمة المقبلة لتنعقد على أساس الالتزام بالمسؤولية، بعيدا عن أي حسابات ضيقة أو منطق متجاوز، وتوطيد الثقة اللازمة والتقيد بالأدوار الخاصة بكل طرف، مذكرا بحرص المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، على الانخراط في صلب العمل العربي المشترك، سواء من داخل الأجهزة الرئيسية لجامعة الدول العربية، أو من خلال الهيئات المتفرعة عنها، والذي تجسد في احتضان المملكة المغربية لسبع قمم عربية، ساهمت في جمع الكلمة العربية وإعطاء زخم جديد للعمل العربي المشترك.
ولم تفت الخارجية المغربية، أن تسجل مجددا، نصرتها للقضية الفلسطينية، مؤكدة أنها قضية تمثل إحدى ثوابت السياسة الخارجية للمملكة المغربية، التي رسمت منذ الاستقلال، مشيرة إلى أن جلالة الملك، بصفته رئيسا للجنة القدس، يعمل باستمرار، على المستويات الدبلوماسية والسياسية والميدانية، من أجل الدفاع عن المدينة المقدسة والحفاظ على طابعها الديني والثقافي والقانوني والتاريخي، وكذلك لتحسين الظروف المعيشية وصمود سكانها من خلال ذراعها التنفيذي بالأساس، وكالة بيت مال القدس.
وحول تصور المغرب لنصرة القضية، وفي ظل ما شهدته من تطورات متلاحقة، فينبغي لها – النصرة – أن تأخذ أساليب ومناهج واقعية وبراغماتية لكي تكون أكثر فعالية، بعيدا عن منطق المزايدات والتوظيف السياسي. ومن هذا المنطلق، فإن المغرب، بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، سيواصل الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967، تعيش جنبا إلى جنب مع إسرائيل في سلم وأمان.