أمل عكاشة
“الحكومة تفي بالتزاماتها مع النقابات، وتفعل ابتداء من شهر شتنبر، مجموعة من التدابير التي من شأنها تحسين دخل المواطنات والمواطنين..” هذا ما أعلن عنه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، عقب اجتماع المجلس الحكومي لفاتح شتنبر.
وتأتي منجزات الحكومة، نتيجة لخطة “فريدة”، اعتمدت المبادرة، فور تنصيبها، إلى بناء شراكات متينة مع الفرقاء الاجتماعيين، قصد وضع أسس حوار اجتماعي جاد ومنتظم، من أجل الوفاء بسائر الالتزامات الاجتماعية الواردة في البرنامج الحكومي، رغم صعوبة الظرفية وانعكاسات الأزمات العالمية المتتالية على الإمكانيات المالية للدولة.
ويُثمن أخنوش باعتزاز، تمَكن الحكومة في السنة الأولى من ولايتها، من إعطاء انطلاقة جديدة للحوار الاجتماعي، من خلال التوقيع على ميثاق وطني ملزم لكل الأطراف، عشية فاتح ماي الماضي، ويعلن عن تفعيل مخرجاته على أرض الواقع، ابتداء من شتنبر الجاري، عبر اتخاذ التدابير التالية، معتبرا أن من شأنها تحسين مستوى عيش المواطنات والمواطنين.
رفع الحد الأدنى للأجور:
التزمت الحكومة بداية، بالرفع الفوري من الحد الأدنى للأجور بنسبة خمسة بالمئة في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة وعشرة بالمئة في القطاع الفلاحي، كما التزمت بتخفيض شروط الاستفادة من معاش الشيخوخة من 3240 إلى 1320 يوما فقط، مع تمكين المؤمن لهم، البالغين السن القانوني للتقاعد، الذين يتوفرون على أقل من 1320 يوما من الاشتراك، من استرجاع حصة اشتراكات المشغل إضافة إلى الاشتراكات الأجرية.
وبالموازاة مع ذلك، صادقت الحكومة على ما مجموعه 12 مرسوما يهدف إلى الرفع من قيمة التعويضات العائلية ومن الحد الأدنى للأجور في القطاع العام ليبلغ 3500 درهم، وحذف السلم السابع ورفع حصيص الترقي في الدرجة إلى 36 في المئة بالنسبة لفئة الموظفين، وغيرها من الإجراءات الهادفة لتحسين وضعية أجراء القطاعين العام والخاص.
كما تعتبر الحكومة أن من بين أهم منجزاتها المصادقة على كل من مشروع القانون المتعلق برخصة الأبوة، مقترح القانون المتعلق بالمؤسسة المشتركة للأعمال الاجتماعية والمرسوم المتعلق بتحديد قائمة الأمراض التي تخول الحق في رخصة المرض المتوسط الأمد.
رفع الحيف عن أجراء القطاع الصحي:
على صعيد القطاع لصحي، تثمن الحكومة تمكنها من إبرام اتفاق مع النقابات الأكثر تمثيلية بقطاع الصحة، من أجل إصلاح وتأهيل حقيقي للمنظومة الصحية الوطنية، باعتبار تحفيز العاملين في القطاع وتحسين ظروف اشتغالهم مدخلا رئيسيا لهذا الإصلاح.
ومن ثم، اعترفت ضمنيا بحيف ممارس على فئة الأطباء، وجاءت بالتزام برفعه من خلال تغيير الشبكة الاستدلالية للأطباء والصيادلة وأطباء الأسنان لتبدأ بالرقم الاستدلالي 509 بكامل تعويضاته، إضافة إلى استفادة هيئة الممرضين وتقنيي الصحة من الترقية في الرتبة والدرجة والرفع من قيمة التعويض عن الأخطار المهنية لفائدة الأطر الإدارية وتقنيي الصحة، إلا أن هذه الإصلاحات لن تدخل حيز التنفيذ قبل يناير المقبل.
وتؤكد الحكومة، على لسان رئيسها، أنها وفاء بالتزاماتها مع شركائها، وطنيا وقطاعيا، اعتمدت في مرحلة أولى، ما مجموعه 15 نصا، وأنها تحضر لإعداد جيد للقاء المرتقب مع الشركاء الاجتماعيين في غضون الشهر الجاري، وذلك قبل بداية الجولة الثانية من الحوار الاجتماعي.
وأمام “تطبيل” الحكومة بإنجازاتها الخارقة وسكوت النقابات المبطِن لرضاها، نتسأل؛ هل فعلا كانت هذه أقصى مطالب النقابات؟ أم نعود لاستحضار فكرة أفولها وتواطئها..
ومن جانب آخر، فإنه إذا كان لا يمكن إنكار التحسن، رغم بساطته ومحدودية مستفيديه، فبالنظر إلى “صعوبة الظرفية وانعكاسات الأزمات العالمية المتتالية” التي اعترف بثقلها رئيس الحكومة، فالأمر يتطلب تدخلا حقيقيا وفعالا لرفع الغلاء والتضخم، وإلا زيادة في جميع الأجور وعلى مختلف الدرجات، أما الزيادة في الحد الأدنى للأجر لفئة قليلة من الناس، فلن تحجب شمس الغلاء الحارقة ولن تغير من واقع المغاربة شيئا.