لمياء السلاوي
يعود اليوم الوطني للمهاجر وتعود الأسئلة ذاتها حول وضعية المهاجر المغربي في مختلف دول العالم، وحول إنجازات الحكومة المغربية فيما يتعلق بهذه الفئة ذات الأهمية الاقتصادية والدبلوماسية بالنسبة للوطن.
لا تكفي عبارات الترحيب الطنانة التي يعج بها الاعلام الرسمي واللافتات التي تزين المطارات والموانئ، لأن مطالب مغاربة العالم ليست هي الترحيب كل موسم عودة، فهم قادمون إلى وطنهم في نهاية المطاف وليسوا سياحا أجانب، وإنما مطالبهم هي الاهتمام باحتياجاتهم سواء في بلدان المهجر أو في أرض الوطن، احتياجات تمتد فيما هو إداري وتأطيري وغيرهما.
ورغم تأكيد الملك في مختلف خطاباته على ضرورة الاهتمام بمغاربة العالم إلا أن المجهودات المبذولة في هذا الشأن ماتزال ضعيفة حتى الآن، ومازالت الجالية المغربية في مختلف دول المعمور تعاني من سوء الادارة مع بعض الاستثناءات في القنصليات والسفارات، وتعاني من تعقد المساطر الادارية في مختلف الجوانب المتعلقة بالعقار وغيره، ومشاكل تسجيل الأبناء، مما يلتهم جزءا كبيرا من عطلتهم السنوية، دون أن ننسى الارتفاع المهول لتذاكر الطيران في الخطوط الجوية الملكية المغربية، والتي تستنزف ميزانية كبيرة جدا، خصوصا بالنسبة البلدان البعيدة مثل كندا والولايات المتحدة الأمريكية، واللتين تعرفان تواجدا مهما لمغاربة العالم، كذلك أوروبا، فشهري يوليوز و غشت بلغت تذكرة الطيران بالخطوط الملكية المغربية أكثر من 700 يورو، أمر غير منطقي، و لن نرجع هذا للأزمة العالمية و الحرب الروسية أيضا….
لقد سبق أن تحدثنا عن عديد مشاكل يعاني منها مغاربة العالم في مقالات سابقة، ولكن يبقى مشكل التأطير ودعم جمعيات الجالية ومساعدتها معنويا ونهج مقاربة تشاركية هو المشكلة الكبرى لحدود الساعة، وذلك نظرا للدور المهم الذي تضطلع به هذه الجمعيات في معالجة مشاكل الجالية والعمل على الاستجابة لمتطلباتهم، دون أن نغفل دورها الأساس المتمثل في ترسيخ قيم الهوية المغربية الأصيلة لدى أبناء الجالية.
من الواجب ألا يكون اليوم الوطني للمهاجر مجرد يوم عادي تتخلله بعض البهرجات التي تتلاشى في اليوم الذي يليه، وإنما يجب أن يكون محطة تقييمية للمنجزات المتعلقة بمغاربة العالم والوقوف عند احتياجاتهم وتسطير برامج الاشتغال السنوية بتظافر جهود كل الفاعلين والمسؤولين، من الوزارة الوصية ومجلس الجالية والسفارات والقنصليات وصولا إلى جمعيات الجالية في كل بلدان المهجر. وهذه الوقفة ليست مسؤولية المؤسسات الرسمية وحدها وإنما مسؤولية الجميع بما فيها أفراد الجالية.
لهذا نقترح تنظيم مناظرة وطنية كبرى في المغرب، بمشاركة الجميع، بما فيها الأحزاب السياسية، لجرد مختلف العوائق والمتطلبات وتسطير برنامج سنوي شامل، مع وضع آليات واضحة للتقييم، تماشيا مع المبدأ الدستوري المتمثل في ربط المسؤولية بالمحاسبة، لأن دور الجالية ليس إضافيا، ولا ينحصر فقط فيما هو اقتصادي، بل يمتد في جميع الجوانب ويرتبط بمختلف القطاعات وعلى رأسها الدبلوماسية الموازية والدفاع عن القضايا الوطنية وتشجيع السياحة والاستثمار.