لمياء السلاوي
يعيش المغرب في الوقت الراهن حالة استنفار قصوى لمواجهة نقص المياه الصالحة للشرب، مع تهديد عدد من المدن والمناطق بأزمة عطش في الأشهر المقبلة، ان لم نقل في الأسابيع المقبلة، ولأن مؤشرات عدة تجعل ناقوس الخطر يُدَق، عمدت السلطات الحكومية إلى إطلاق حملات توعية لحماية الموارد المائية وترشيد استهلاك المياه عبر وصلات إعلانية بالراديو و التلفزيون لايصال الرسالة بطريقة سلسلة و واضحة قبل أن نقع جميعنا في فخ ندرة المياه ببلدنا ، و هذا راجع لشحّ الأمطار وما يتسبب فيه من ضغط على الأحواض المائية، وكما نعلم فان المغرب في السنوات الأخيرة، راح ينوّع برامجه للحد من أزمة ندرة المياه مع إصدار قوانين تضمن الحق في الماء لجميع المواطنين، لكن معطيات حديثة لوزارة التجهيز والماء كشفت عن أرقام مقلقة حول العجز المائي المسجل على صعيد مختلف الأحواض المائية في البلاد، فقد أظهرت بيانات رسمية للوزارة أن حجم الواردات المائية المسجلة في مجموع السدود الكبرى منذ الأول من شتنبر 2021 وحتى 28 فبراير 2022 قُدّر بنحو 714 مليون متر مكعب، الأمر الذي يشكل عجزا بنحو 89 في المائة مقارنة بالمعدل السنوي للواردات.
ووفق للمعطيات التي قدمها وزير التجهيز والماء أمام البرلمان، و بخصوص حصة الفرد من المياه في المغرب، فهي لا تتجاوز 600 متر مكعّب سنويا، فيما يُقَدّر المعدل العالمي بـ1000 متر مكعب للفرد، علما أن نصيب الفرد لا يتجاوز في بعض مناطق المغرب 300 متر مكعّب. وبحسب التوقعات فإنه من المرتقب أن يفقد البلد 30 في المائة من الواردات المائية بحلول عام 2050.
وبينما سجلت نسب ملء معظم السدود الكبرى في المغرب تراجعا كبيرا، الأمر الذي أثر بشكل أكبر على الجهات التي تعتمد على مياه السدود لري المساحات المزروعة أو توفير مياه الشرب للمواطنين، لفت وزير التجهيز و الماء إلى أن الجفاف الذي تعرفه البلاد حاليا يتميز بتأثيره على التزود بمياه الشرب في المجال الحضري، بخلاف فترات الجفاف الماضية التي كان تأثيرها يتعلق بالتزود بمياه للشرب في القرى وللأنشطة الزراعية.
و على الرغم من اعتماد المغرب منذ سبعينيات القرن الماضي على سياسة تشييد السدود بهدف تحقيق الأمن المائي، فإن المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب أقر بعجزه عن تزويد 54 مدينة ومركزا بمياه الشرب في صيف 2022، في حين سوف تعرف مدينة وجدة ومراكش اللتان تتولى بهما الوكالات وشركات التدبير المفوّض لها مهمة التوزيع، شحاً في مياه الشرب في الصيف ، بحسب المدير العام للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب عبد الرحيم الحافظي، و هذا بالفعل ما تعيشه ساكنة وجدة و مراكش في الوقت الحالي.
ووفقا للمعطيات التي كان قد قدمها الحافظي، فإن أسباب العجز في تزويد بعض المدن والمراكز بالمياه الصالحة للشرب تكمن في انخفاض إنتاجية الموارد الجوفية بسبب قلة التساقطات، والإفراط في استغلال المياه الجوفية لأغراض زراعية، والزيادة في الطلب على مياه الشرب وتأثيرها على القدرة الاستيعابية لبعض منشآت الإنتاج وقنوات الجرّ المنجزة..
وفي ظل هذا الوضع المقلق، كانت لافتة دعوة وزارة الداخلية . في مراسلة موجهة إلى المسؤولين مؤخرا، إلى “إطلاق حملات تحسيسية (للتوعية) تروم حماية الموارد المائية وترشيد استعمال الماء، وتطبيق قيود لتدبير المياه الموجهة للمستعملين”، مشدّدة على “منع سقي المساحات الخضراء بالماء الصالح للشرب، أو المياه السطحية، أو المياه الجوفية”، كما منعت “استعمال الموارد المائية ذاتها لغسل الطرقات والساحات العمومية”. كذلك دعت الداخلية المغربية المسؤولين المعنيين إلى منع استخراج المياه بطرق غير قانونية من خلال الآبار ومختلف المصادر الأخرى، مع العمل على تزويد سكان القرى المتضررين من النقص بمياه صالحة للشرب عبر صهاريج شاحنات.
في هذا السياق، يقول رئيس لجنة البنيات الأساسية والطاقة والمعادن والبيئة في مجلس النواب محمد ملال إن “الوضع الحالي مقلق والأسباب يعلمها الجميع، وتشمل تأخر التساقطات وشحّها، بالإضافة إلى انخفاض حقينة السدود، وتأخر إنجاز عدد من الورش المتعلقة بتخزين المياه، بما فيها مشاريع محطات تصفية مياه البحر، ومشاريع التزويد التابعة للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب”. ويؤكد ملال “ضرورة إعادة النظر في الاستراتيجية المائية للمغرب”، لافتاً إلى أنّ “أكثر من 26 مدينة تواجه أزمة حادة، قد تصل إلى انقطاعات في المياه”.
مخطط لتجنب العطش
بالنسبة إلى الباحثة في التغيرات المناخية ورئيسة جمعية “إنماء للتضامن والتنمية المستدامة” إلهام بلفحيلي فإن “المغرب يواجه أسوأ موسم شحّ أمطار وندرة مياه منذ عام 1981، وهو واقع تؤكده كل التقارير البيئية الدولية والوطنية التي دقت ناقوس الخطر بشأن خطورة ذلك على الواقع المعيشي”، لافتة إلى أن “أيام العطش مقبلة لا محالة بسبب ضعف التساقطات المطرية”. وتوضح بلفحيلي أن “هذا العام سوف يكون صعبا على المغاربة، خصوصا في بعض المناطق القروية”، مشددة على “ضرورة تدخل الدولة بشكل عاجل لوقف بعض المنتجات الزراعية التي تستهلك كميات ضخمة من المياه من قبيل البطيخ الأحمر و الأفوكادو، واتخاذ سياسات عاجلة لتسريع وتيرة تحلية مياه البحر، وتوعية السكان بعقلنة استهلاك المياه من خلال حملات توعية مستمرة في وسائل الإعلام”. وتنتقد بلفحيلي “عدم تطبيق فلسفة السدود التي تبناها المغرب قبل سنوات والمتمثلة في بناء سدّ واحد في كل عام، الأمر الذي نتج عنه عدم الاستفادة من مياه الأمطار”، محذّرة من “خطورة أزمة العطش في السنوات المقبلة، وذلك في سياق حرب المياه التي سوف يعرفها العالم”.
ربما نحن لم نع بعد مدى خطورة ندرة المياه ببلدنا، فاذا كانت لقمة العيش مهمة، فقطرة ماء أهم، و كما نعلم جميعنا أن لا حياة بدون ماء، و أنه مع ندرة الماء تأتي كل أنواع الأوبئة و الأمراض، تموت الحيوانات و النباتات قبل الانسان، و تنتهي الحياة..
فلنحافظ جميعنا على الماء، و لنعمل على ترشيد استعماله، و على السلطات المعنية مراقبة استغلال الماء الصالح للشرب لصالح المسابح و سقي للحدائق الخاصة و هنا نتحدث عن مسابح الفيلات و الفنادق و لا ننسى الكاراجات التي يتم فيها غسل السيارات ، الى غير ذلك، علينا أن نسمو بوعينا قليلا لنعي أن تبذير الماء فيه تهديد لحياتك و حياة غيرك، فيه تدمير لكل شيء، فلنكن أحباء لحياتنا…….