سهيلة أضريف
تعرف مدينة طنجة عند حلول موسم الصيف، ارتباكا كبيرا على مستوى السير والجولان بجميع طرق وأزِقة المدينة، الأمر الذي يترتب عنه نوع من الفوضى التي لم يتمكن رجال الأمن المكلفون بمراقبة وتنظيم سيرها السيطرة عليها، خاصة في أوقات الذِّروة، وهذه الحالة ينجم عنها كثرة الحوادث، فضلا عن المُشاحنات والتّلاسُنات بين السائقين فيما بينهم وحتى بين الرّاجلين.
هذا الأمر يدفعنا للتساؤل: هل الأسباب تعود لضيق طرقات وأزقة المدينة؟ أم القانون التنظيمي للسير والجولان لم يعد يساير هذا الحجم الكبير من السيارات وهذا الاكتظاظ؟ هل مجال السير والجولان يفتقر إلى ثقافة تؤطره؟ أم أن هذه الفوضى ترجع إلى غياب المراقبة الصارمة من طرف من أُسند القانون لهم هذا الاختصاص؟
إشكالات متعددة تكمن وراء هذا التّسيب وعليه سنحاول معالجة الموضوع بطريقة أكثر موضوعية، عن طريق تشخيص هذا الوضع بمدينة طنجة خلال موسم الصيف، والتي لا يختلف اثنان عن كونها تشهد في أوقات الذِّروة في طرقاتها ومداراتها الرئيسية كمدار “تطوان”، و”ساحة المدينة”، و”محج محمد السادس”، و”ساحة الجامعة العربية”، و”عشرون غشت” وغيرها، فوضى عارمة تتجلى في سياقة متهورة وتجاوزات مَعيبة وسرعة مفرطة.
الرأي العام المحلي يعلم علم اليقين بأن طرقات المدينة ومجال تعميرها وخاصة في مركز المدينة بما فيها الشارع الرئيسي، والحي الإداري، ومنطقة (المصلى) وغيرها لم تعد تساير التطور الحاصل في الكثافة السكانية التي عرفتها المدينة في العقود الأخيرة، فضلا عن كون النظام الحضري للتهيئة الخاص بالمدينة أضحى متجاوزا، الأمر الذي يترتب معه اتخاذ إجراءات جديدة قادرة على استيعاب مجريات الأحداث التي تهم السير والجولان بالمدينة حالياً.
أما بخصوص القانون التنظيمي للسير والجولان فيتطلب إعادة النظر، وفق تصور مستقبلي كفيل بإعادة تأمين السير بما يضمن انسيابية سهلة للمرور، وهذا العمل يجب تدبيره عن طريق تفعيل لجنة السير والجولان، بإشراك المختصين ميدانيا لإعداده بطريقة علمية.
وأمام هذا الوضع، يحاول رجال الأمن -الذين يسهرون على مراقبة السير والجولان-، قدر الإمكان السيطرة على التنظيم إلا أنهم يفشلون في ذلك، علما أنهم يبذلون قصارى جهودهم مشكورين على ما يقومون به، غير أنهم لم يستطيعوا في بعض الأحيان التعامل مع الطريق بما يجب، على الرغم من تحرير المخالفات ووضع الإشارات التنظيمية للمرور، كمنع الوقوف أو التوقف. ومع ذلك يلاحظ أن هناك نوعا من اللامبالاة من طرف السائقين الذين لا يحترمون القواعد المنظمة للسير والجولان، بل أن التهور هو السائد على الطرقات ولا يمكن لرجال الأمن السيطرة على هذا الوضع، ما دامت عقلية السائق عقلية لا تستقيم إلا بالزجر والعنف.
العنف في السير على الطرقات، وعدم احترام القانون التنظيمي هو الأغلب الأعم في مدينة طنجة، مع تسجيل غياب الثقافة الضابطة للسير، وهذا على مرأى ومسمع من أجهزة المراقبة ومن الراجلين وكذا الرأي العام المحلي، حيث أن نسبة الاكتظاظ والمخالفات لا تعود إلى التهاون في المراقبة من طرف رجال الأمن، أو نقص فيما يخص الترسانة القانونية أو تقادم في القانون التنظيمي، بل غياب الثقافة المؤطرة للسير والجولان على طرقات مدينة طنجة هي السبب الأساس في هذه الفوضى.