لمياء سلاوي
منير ليموري، الرئيس الحالي لمجلس مدينة طنجة، رجل الأعمال المعروف ، الذي يدير شركات تنشط في مجال صناعة الجلد ومنتجاته، وهي الصفة التي أهلته لنيل عضوية الاتحاد العام لمقاولات المغرب – فرع الشمال – وعضوية مجلس إدارة الاتحاد العربي للصناعات الجلدية، وعلى المستوى الحزبي، ويتولى منير ليموري مهمة المنسق الإقليمي لحزب الأصالة والمعاصرة بعمالة طنجة-أصيلة منذ سنة 2012.
الى هنا لا غبار على هذا الشخص الذي سلمت له مدينة طنجة الكبرى مفاتيح مجلسها، فقد تولى هذه المهمة و المواطن وجد نفسه ملزما الى حد ما على تقبل من سيرأس مجلس المدينة أو بالمعنى الشعبي من سيكون عمدة المدينة، لأنهم كانوا ينتظرون شخصا متفرغا لادارة شؤونهم و ظل هذا المواطن يرقب إنجازات العمدة الجديد و كله أمل في تحسين أوضاع الساكنة من خلال توفير بعض وسائل العيش الكريم التي ربما ينعم بها في ظله بعد عملية التخريب الذي طالها، تخريب ثقافي، تخريب بيئي، تخريب مادي، الى آخره…
الساكتة تقبلت عمدة طنجة الجديد مع تحفظ كبير حتى يثبت العكس، و قد أمهلت مجلس المدينة الوقت الكافي لتبدأ في لمس الإنجازات وفقا للوعود التي قطعها الحزب على نفسه قبل ان تسلم اليه زمام الأمور، هذه الوعود التي لم تر النور الى يومنا هذا، لنضيفها على باقي الوعود على المستوى الوطني، عموما، منير ليموري و منذ توليه رئاسة مجلس المدينة و هو شبه غائب عن مكتبه و عن المدينة، ان لم نقل غائب..نعم هو كذلك، العمدة لا يترك شهرا الا و تنقل خارج البلاد بحجة أو بأخرى، فلا ندري ما يطبخ داخل مطبخ المجلس، دورات عادية و أخرى استثنائية لا يحضرها و يحضر بدلا عنه نائب من النواب، الذين هم انفسهم ربما لم يعتادوا بعد على المناصب الجديدة، فتلاحظهم تائهون، و الآن مع موسم الصيف و في الوقت الذي كان على الرئيس و النواب التواجد في المدينة لما تشهده من حركة تؤدي الى بعض المشاكل التي تحتاج الى حلول آنية، الآن ندخل من باب الجماعة و لا نجد الا موظف او اثنين بالمصلحة و الكل في عطلة طويلة حتى ينتهي الصيف و يعودون.
منير ليموري الغائب باستمرار والمتواجد أكثر بإسبانيا، يتردد اليها تارة من أجل السياحة و التبضع و تارة أخرى من أجل أعماله، فالرجل رجل أعمال، و مصلحته الأولى بدون شك هي ثروته و ليس ثروة الشعب، لذلك و منذ توليه الرئاسة لا يعرفه أحد، الساكنة لا تعرفه، و هذا ببساطة لأنه لم يعرف بنفسه، فهو غير موجود ، الا أن المترقبين كشفوا زيارة له مؤخرا لإسرائيل، زيارة كانت مخفية…
لذلك أثارت زيارة عمدة طنجة بصفته رئيسا لـ”الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات “، أخيرا، إلى إسرائيل، جدلا واسعا، فيما ارتفعت تحذيرات هيئات حقوقية ونقابية وسياسية من تنامي الخطوات التطبيعية ، نعم هنالك من لا يريد التطبيع و لا يعترف به و لا يبيع القضية الفلسطينية و لو بمال الدنيا، فهو مناضل، مع العلم أن القضية الفلسطينية و التي دامت لعقود، حلها بيد قادة فلسطين و ليس بيد مناضلين بالقلوب في المغرب أو في أي بلد إسلامي آخر، انما هذه هي الفطرة لدى العديد من المغاربة مثلا، بأن فلسطين قضية الأمة و ليست قضية بلد، عموما هذه مسألة أخرى ربما نتحدث فيها لاحقا……
نعود الى منير ليموري و زيارته لإسرائيل، التي أحيطت بجدار من السرية، إذ لم تعلن جماعة طنجة عبر موقعها الرسمي أي معلومات أو تفاصيل عن الزيارة، و الصحافة لم تتلقى أي معلومات بخصوص هذا الموضوع، قبل أن تفجر صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي متخصصة في العلاقات المغربية الإسرائيلية، مفاجأة من العيار الثقيل، حينما كشفت أن المسؤول المغربي قضى 3 أيام في إسرائيل زار فيها تل أبيب والقدس.
وأثار انكشاف الزيارة السرية لعمدة طنجة إلى إسرائيل حفيظة فعاليات سياسية وحقوقية مناهضة للتطبيع، حيث اعتبر حزب الاشتراكي الموحد المعارض زيارة ليموري، التي التقى خلالها بعمدة مستوطنة “ريشون ليتسيون” المقامة على أراضي قرية فلسطينية محتلة سنة 1948، خطوة خطيرة وغير مسبوقة تمثل نهجاًسلكه عمدة المدينة في انفصام وتنافر مع الواقع الشعبي والجماهيري الرافض للتطبيع، و قرر عضوان بمجلس جماعة طنجة عن الحزب الاشتراكي الموحد، تعليق كل تواصل مباشر مع رئيس مجلس جماعة طنجة، مع دعوتهما عموم القوى الحية والديمقراطية الرافضة للتطبيع، وعلى رأسها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ورفض التطبيع، إلى “إعلان خطوات عملية وميدانية لمواجهة هذه الخطوات التطبيعية المستنكرة”.
وفي ظل الجدل المثار، اضطرت “الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات” التي يرأسها ليموري، إلى الخروج عن صمتها، كاشفة أن رئيسها قام بزيارة عمل لإسرائيل خلال الفترة ما بين 12 و15 يوليوز، وذلك بدعوة من رئيس الفيدرالية الإسرائيلية للبلديات حاييم بيباس.
وذكرت الجمعية أن المسؤولين أجريا مباحثات همت، على الخصوص، بحث سبل التعاون بين الجمعية المغربية لرؤساء مجالس الجماعات والفيدرالية الإسرائيلية للبلديات، كاشفة عن قيام ليموري بزيارة عمل في تل أبيب، لمركز يشرف على إعداد المخططات الاستراتيجية للمدن الذكية، على المديين المتوسط والطويل، ويصنف ضمن أفضل المراكز على الصعيد العالمي، و زار أيضا ، مركز الابتكار في مجال تدبير الخدمات البلدية، حيث قدمت له شروحات، اطلع من خلالها على تدبير المرافق والخدمات الجماعية، من قبيل نظافة المدن والإنارة العمومية وتنظيم السير والجولان داخل المدن، والنقل المدرسي، والحفاظ على البيئة وغيرها، و **كأن هذه الزيارة ستجعل من طنجة مدينة نموذجية، و هذا بعيد كل البعد عن الواقع، فطنجة تغيرت بشكل مخيف في السنوات الأخيرة، بعد جعلها بؤرة صناعية تعج بالعاملين و بالتالي استقطبت المدينة ثلثي ساكنتها الآن من جميع أنحاء المغرب مما جعلها تفقد روحها الثقافية و الاجتماعية و السياحية و و و …. فقدت كل شيء**…
و بالتأكيد لإضفاء طابع روحي على الزيارة الميمونة التي قام بها منير ليموري إلى إسرائيل، كان لابد و أن يختم الزيارة بمدينة القدس والمسجد الأقصى، مصحوبا برئيس فرع وكالة بيت مال القدس الشريف التابعة للجنة القدس التي يرأسها الملك محمد السادس. و اطلع خلال زيارته إلى القدس، على المجهودات الميدانية التي تقوم بها الوكالة في الحفاظ على التراث الديني والحضاري، وتعزيز صمود أهل المدينة المقدسة، ** سبحان الله، اللهم كثر من ايمانهم** هي فقط مزحة بسيطة، فنحن المغاربة لنا مثل شعبي شهير يقول، كثرة الهم كضحك، فلنضحك قليلا اذن، لأن الهم كبير هذه المرة .
خرجات مدنية تلت هذه الزيارة، نذكر منها تصريحات الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع عزيز هناوي، الذي قال ان زيارة عمدة طنجة مدانة بكل المقاييس، معتبراً أنه “ارتكب جرمين لا يغتفران باعتباره عمدة للمدينة، يخص الأول قرصنة الإرادة الشعبية لسكان طنجة الرافضين للتطبيع بكل أشكاله. ويهم الثاني قرصنة موقف المجلس الجماعي للمدينة، بعد أن توجه إلى كيان الاحتلال سرا ودون إشعار باقي مكونات المجلس”.
وبحسب هناوي، فإن منير ليموري “ارتكب جريمة مركبة بكل المعايير، إذ تشكل زيارته إلى المستوطنات التي أقامها الصهاينة على الأراضي الفلسطينية المغتصبة، وربط مدن مغربية بها، اعترافا منه بتلك المستوطنات خلافا للموقف الرسمي للمغرب وللأمم المتحدة ولجامعة الدول العربية الذي لا يعترف بها..
وفي السياق، قالت “مجموعة العمل الوطني من أجل فلسطين” (تتكون من هيئات سياسية ونقابية وحقوقية)، إن تنامي الخطوات التطبيعية “يحمل دلالات تمس بالقيم الوطنية الأصيلة للمغاربة، وتتنافى مع مبرر التطبيع باسم قضية الصحراء، حيث يتم الدوس على هذه القضية أمام أعين مسؤولين حكوميين ومسؤولين في الدولة”.
هذا عن زيارته لإسرائيل، أما الآن و بعد انتهائه من عطلته الصيفية، فقد افتتح الموسم السياسي باستقبال أعضاء من بلدية سان جوس البلجيكية و هي جماعة لحي واحد ضمن الأحياء المتعددة ببروكسل و أغلب سكانها مغاربة و أتراك يعني مقاطعة بسيطة، وقع من خلالها اتفاقية تعاون لتبادل الخبرات، ناسيا على أن طنجة الكبرى أكبر بكثير من حي بالعاصمة بروكسل، لا ندري ما الذي ستستفيده طنجة من هذا.
ختاما فان منير ليموري اليوم في موقف لا يحسد عليه تجاه ساكنة المدينة، التي تتساءل عن غيابه المفرط ه و أنه لم يتسنى له بعد، الوقوف عند مشاكل المدينة التي هي في تزايد مستمر، ناصحين إياه بالانتباه أكثر لمهمته كرئيس مجلس مدينة طنجة أولا، ثم يهتم بأعماله و أسفاره السياحية، ننتظر اذن اشتغال عمدة طنجة بجدية و تفان، و حل مشاكل المدينة في جميع القطاعات، و اثبات أن هذا المجلس الذي يرأسه ابن المدينة قادر على رفع التحديات و تنفيذ الوعود لبصم مساره بشيء ايجابي بدلا من وصمه بنعت لا يعجب…