سهيلة أضريف
التنقيب عن المعرفة هو ضالة كل طَموح هدفه تعميق معارفه وتطويعها وجعلها في خدمة محيطه ووطنه، هذا ما يصبو إليه كل من له رغبة في مواصلة دراساته العليا.
مدينة الحسيمة “جوهرة المتوسط” تتوسط جبال الريف، وتبعد عن مدينة طنجة بحوالي ثلاثة مئة وخمسين كلم (350كلم) ويتجاوز عدد سكانها 100 ألف نسمة، غير أن المثير في الأمر هو غياب مؤسسة جامعية بها، الأمر الذي يشكل عائقا أمام كل متعطش وكل من يصبو إلى متابعة دراساته الجامعية، خاصة من يعيش أوضاعا هشّة ولا تسمح له ظروفه بالتكفل بمصاريف العيش بعيدا عن وسطه وخاصة في صفوف الفتيات.
هذا الإشكال يثار مع بداية كل موسم دراسي جامعي بالحسيمة، فمنارة المتوسط تطلق صرختها عبر شهادات أبنائها الذين لهم الرغبة في متابعة دراساتهم العليا بمدينتهم بدلا من تكبد عناء التنقل صوب المدن الأخرى، فالظروف الحالية أضحت تحتم تواجد مثل هذه المؤسسات داخل المدينة وذلك إنصافاً لها.
وأدى غياب الجامعة في مدينة الحسيمة إلى خلق جيل أغلبيته يتوقف عن متابعة دراسته العليا التي تعد حقا دستوريا، حيث نص الفصل 31 من الدستور على ما يلي:” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة”.
كيف لنا أن نتصور معاناة المئات من حاملي شهادة الباكالوريا لعدم تمكنهم من الالتحاق بالجامعة وما يواكب ذلك من آثار سلبية على مسارهم المستقبلي.
ندى أكدت في تصريح لجريدة طنجة: “إننا فور نجاحنا نفكر مليا في إكمال الدراسة، لكوننا لا نتوفر على جامعة، أو فرص عمل؛ هذا الأمر يولد لدى شباب المنطقة فكرة الهجرة …”.
غير بعيد عن ندى ، قال أحمد في تصريحه للجريدة: “أنا أحب القانون وحلمي أن أكون محاميا، غير أن ظروفي لا تسمح بذلك، مستوانا المعيشي ضعيف ولا يمكنه تلبية تكاليف المعيشة في مدينة طنجة”.
انعدام الآفاق دفع بأحمد إلى الانقطاع بصفة نهائية عن الدراسة والبحث عن عمل كيفما كان نوعه.
وأردف بنبرة حزينة ويائسة: ” أمام هذه الوضعية بدأت تتبادر إلى ذهني فكرة ترك المدينة والفرار في قوارب الموت إلى الفردوس الأوروبي”.
وقد جرى قبل سنتين إطلاق مشروع المركب الجامعي، المقرر إنجازه بجماعة أيت قمرة بإقليم الحسيمة، بعد أن أطلقت وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي والتكون المهني، الدراسة المعمارية للشطر الأول من المشروع. ورصدت لهذا الشطر ميزانية تقدر بـ 12 مليار سنتيم. ففي ظل غياب جامعة قارة بالإقليم، يضطر، أزيد من 5000 طالب وطالبة ينحدرون من إقليم الحسيمة حاليا، متابعة دراساتهم في مؤسسات تابعة لجامعة عبد المالك السعدي بكل من تطوان وطنجة والعرائش.