لمياء السلاوي
عمر مورو.. هذا اللقاء يندرج في اطار سعي مجلس الجهة لوضع استراتيجية جهوية فعالة ومتكاملة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية.
نزار بركة.. التدبير المندمج المائي والطاقي والفلاحي يحقق نجاعة أكثر في إنجاز المشاريع المرتبطة بهذه القطاعات الثلاث الحيوية والضرورية لتطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن المائي والطاقي والغذائي في ظل التغير المناخي ومن أجل تحقيق تنمية مستدامة.
شهدت مدينة طنجة يومي الاثنين و الثلاثاء، تنظيم فعاليات المنتدى الدولي حـول الآفــاق الترابيـة لتعـزيز “ترابط الماء-الطاقة-الأمن الغذائـي” الذي جمع بين مجلس جهة طنجة – تطوان – الحسيمة ودار المناخ المتوسطي بدعم كل من وزارة الداخلية، ووزارة التجهيز والماء، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، ووزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، وولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة، و جامعة عبدالمالك السعدي.
هذا المنتدى الدولي الذي سجل حضور ومشاركة ممثلين عن مؤسسات تابعة للأمم المتحدة وحكومات محلية وقطاعات وزارية ومؤسسات مانحة ومنظمات ومراكز أبحاث مختصة ومجتمع مدني وخبراء وباحثين في قطاعات المياه والطاقة والغذاء من العديد من دول العالم، حيث تناولت الأشغال إشكاليات الماء والطاقة والأمن الغذائي وفق منظور جديد يراعي الترابط والتكامل في البرامج والمخططات الترابية.
عمر مورو رئيس جهة طنجة تطوان الحسيمة في كلمته الافتتاحية أكد على أن هذا اللقاء يندرج في اطار سعي مجلس الجهة لوضع استراتيجية جهوية فعالة ومتكاملة في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية، وفي اطار الاعداد لبرنامج التنمية الجهوية بنفس يعكس طموح الفاعلين الجهويين.
وأضاف رئيس الجهة أن هذا المنتدى يتماشى و التوجيهات الملكية السامية المتعلقة بقضايا التنمية، يأتي تنزيلا لتوصيات النموذج التنموي الجديد وانسجاما مع البرامج الحكومية ذات الصلة، كما يأتي تنظيم هذا المنتدى في سياق يشهد تصاعد مضطرد للضغط على الموارد الطبيعية وتزايد الاكراهات المتصلة بالقضايا البيئية والمناخية والديمغرافية، لا سيما في ظل واقع موسوم بتداعيات كوفيد 19 وسياق جيوستراتيجي دولي مضطرب.
وزير التجهيز والماء، نزار بركة، خلال كلمته الافتتاحية صرحبأن التدبير المندمج المائي والطاقي والفلاحي يحقق نجاعة أكثر في إنجاز المشاريع المرتبطة بهذه القطاعات الثلاث الحيوية والضرورية لتطوير الاقتصاد الوطني وتحقيق الأمن المائي والطاقي والغذائي في ظل التغير المناخي ومن أجل تحقيق تنمية مستدامة، مستعرضا العلاقة المترابطة بالمغرب بين الموارد المائية والطاقية وبين جهود ضمان الأمن الغذائي، معتبرا أن هذا الموضوع يكتسي أهمية بالغة، بالنظر إلى التحديات المرتبطة بهذه القطاعات، وضرورة مواكبة التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة التي يعرفها المغرب.
وفي هذا السياق، ذكر نزار بركة بالمراحل التي قطعتها السياسة المائية بالمغرب منذ الاستقلال، بفضل الرؤية السديدة للمغفور له جلالة الملك الحسن الثاني والتي زادها قوة ودعما صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مبرزا أن هذه السياسة اتسمت بالاستباقية والاستشرافية وبعد المدى والتخطيط ، وهي قائمة على تعبئة الموارد المائية عبر بناء منشآت كبرى لتخزين المياه خلال فترات الوفرة لاستعمالها خلال فترات الخصاص وكذا نقلها من مناطق الوفرة إلى مناطق الاستعمال.
وسجل بأن المغرب تمكن من تشييد بنية تحتية مائية هامة موزعة جغرافيا على كل جهات المملكة، حيث يتوفر على رصيد مهم من المنشآت المائية ، يتمثل في 149 سدا كبيرا بسعة إجمالية تفوق 19 مليار مكعب، و 16 سدا كبيرا في طور الإنجاز، و 136 سدا صغيرا في طور الاستغلال، و 16 منشأة لتحويل ونقل المياه وآلاف الآبار والأثقاب المائية و 9 محطات لتحلية مياه البحر و 158 محطة لمعالجة المياه العادمة، مستعرضا الإطار التشريعي والقانوني ذي الصلة بتدبير الموارد المائية.
بالإضافة إلى إنتاج الطاقة الكهرمائية، أبرز السيد بركة بأن هذا الترابط يظهر أيضا في كون تطوير وتنمية قطاع الماء يتطلب موارد طاقية إضافية في ظل التغيرات المناخية وتقلص الموارد المائية مقابل تزايد الطلب على الماء في المجال والفلاحي، مشيرا إلى أن هذا الوضع يتطلب تعبئة موارد مائية إضافية مستهلكة للطاقة (تحلية مياه البحر لإنتاج حوالي مليار متر مكعب سنويا، تحويل فائض المياه والربط بين الأحواض)، ما يقتضي إدماج مثل هذه المشاريع جد المكلفة من حيث الطاقة، ضمن الاستراتيجية الوطنية للطاقة، خاصة ضمن برنامج الطاقات المتجددة.
ودعا الوزير إلى إعادة النظر في تدبير الماء والطاقة بشكل يعتمد مقاربة مندمجة بغية إيجاد حلول ترتكز على تقييم مندمج للتحديات وتوحيد الفرص التي يتيحها قطاعا الماء والطاقة، مشددا على ضرورة السهر على ازدواجية النجاعة المائية والنجاعة الطاقية في المجالات الصناعية والسياحية وأعمال البناء واستهلاك الماء والطاقة في مجالي الماء الصالح للشرب والسقي ، إلى غير ذلك.
وتابع أن تنمية الطاقات المتجددة تشكل فرصة حقيقية للمساهمة في تنمية وضمان الأمن المائي من خلال الرفع من النجاعة الطاقية لمنشآت معالجة وتحويل ونقل المياه، والتخطيط لمشاريع مندمجة (طاقية ومائية) لاستهلاك أمثل للطاقة، وتحسين مردود معامل الطاقة الكهرومائية، والربط، قدر الإمكان، بين المشاريع المستهلكة للطاقة وموارد الطاقة المتجددة، لا سيما مشاريع تحلية مياه البحر، واقتصاد الماء والطاقة من خلال تدبير الطلب على الماء، ودراسة إمكانيات استعمال حقينات السدود لتطوير مركبات الطاقة الشمسية الضوئية العائمة.
ويروم هذا المنتدى، المنظم على مدى يومين بتعاون بين مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة ومؤسسة دار المناخ المتوسطية ومشاركة مسؤولين مغاربة وخبراء دوليين البيئة، استشراف سبل تجويد التناسق والالتقائية بين المخططات الوطنية والمحلية والجهوية لتعزيز استثمار القطاع الخاص في المجال.
كما يسعى إلى بلورة سياسات عمومية جهوية مندمجة من شأنها جعل جهة طنجة تطوان الحسيمة رائدة ومبادرة في البحث عن طرق جديدة لتدبير الموارد الطبيعية الكفيلة بتوفير الاحتياجات الأساسية للساكنة المحلية من ماء وطاقة وغذاء، بشكل مستدام بيئيا، ومجد اقتصاديا، ومدمج اجتماعيا، وقادر على التصدي للكوارث الطبيعية.
كما سعى هذا المنتدى إلى بلورة سياسات عمومية جهوية مندمجة وإعطاء القدوة من خلال جعل جهة طنجة–تطوان-الحسيمة رائدة في مجال البحث عن الوسائل الحديثة في تدبير الموارد الطبيعية، وخوض رهانات ضمان الأمن المائي والغذائي والطاقي مع المحافظة على البيئة وتحقيق النمو الاقتصادي الدامج والمستدام.