سهيلة أضريف
شهدت مدينة طنجة خلال الأيام القليلة الماضية التي تزامنت مع حلول عيد الأضحى المبارك، نشوب مجموعة من الحرائق في عدة مناطق داخل تراب كل من جماعة طنجة واكزناية (بحيرة واد المالح بملاباطا بطنجة البالية، غابتي بكدور وبنسيعد بجماعة اكزناية وكذا قرب مستشفى الأمل ببنديبان) بشكل متزامن، هذه الحرائق التي استدعت في بعض منها إلى تدخل طائرات “الكنادير”، فضلا عن الوحدات التابعة للقيادة الجهوية للوقاية المدنية بطنجة.
فماهي الأسباب التي أدت إلى اندلاع هذه الحرائق؟ ومن المسؤول عنها؟ وهل هو فعل جُرمي؟ أم خطأ غير عمدي؟
كلها تساؤلات يطرحها الرأي العام المحلي، لكن الإجابة عنها وتحديد ملابساتها يبقى من اختصاص الشرطة القضائية وما ستسفر عنه أبحاثها، تحت إشراف النيابة العامة المختصة.
لكن هذا لا يمنع من أن نسلط الضوء على هذه القضية انطلاقا من الوقائع التي عرفتها مجموعة من المناطق سواء على مستوى مدينة طنجة أو غيرها من باقي المدن المغربية.
من المعلوم، أننا لا نوجه أصابع الاتهام إلى جهة بذاتها أو شخص بعينه ولكن نحاول تحليل الموضوع على ضوء معطيات ومؤشرات سابقة، لكنها ستبقى مؤشرات افتراضية ليس إلا حتى تظهر نتائج التحقيقات التي تباشرها النيابة العامة.
تكمن الفرضية الأولى، في كون هذه الحرائق قد تكون بفعل فاعل، أي مع سبق الإصرار والتّرَصُّد، فهذه الأعمال ليست وليدة الصدفة، أو نتيجة قوة قاهرة، إنما هي بفعل فاعل، أي أن هناك ترصدا وسبق إصرار لها والهدف من وراء ذلك هو إلحاق الأذَى بالغير أو بممتلكاته وهذا ما ستسفر عنه أبحاث الشرطة القضائية المختصة في الموضوع.
كثيرة هي الفرضيات التي من الممكن أن تكون سببا في اشتعال النيران في الغابات وتتمثل في كون هذه الحرائق قد تكون بفعل فاعل ونتيجة خطأ بشري مع انعدام نية إحداث الضرر بالغير ويتمثل هذا الفعل بنوع من اللامبالاة من طرف بعض الأشخاص أو العائلات أو الزّوار للغابة المذكورة.
هذا من جهة، أما من جهة ثانية؛ فقد يتعلق الأمر بأن يعمد أحد ما إلى رمي أعقاب السجائر بعد الانتهاء من تدخينها، دون اليقين بأنها لم تعد ملتهبة، خاصة في المواسم الجافة حيث الحرارة المرتفعة، وعامل هبوب رياح الشرقي مما يجعل الأمر يتطور بشكل سريع ويترتب عنه اندلاع نيران قوية لا يمكن بأي وجه من الوجوه السيطرة عليها، إلا بعد جهد جهيد.
هناك فرضية أخرى، وهي أن اندلاع حريق ما، يمكن أن يكون حادثا عرضيا وفجائيا، لا يد في اندلاعه لأسباب بشرية، بل هو ناتج عن قوة قاهرة، هنا يجب تقبل الأمر والعمل على إخماد تلك النيران وإن كان هذا الفعل نادرَ الحدوث ونسبة وقوعه ضئيلة جدا مقارنة مع الفرضيتين السابقتين.
إلا أنه وفي نفس الإطار، هناك جانب مهم عند حدوث مثل هذه الوقائع، يتمثل في كون السكان مطالبين أدبياً وأخلاقيا ببذل المزيد من الجهد والمساهمة في مساعدة رجال الوقاية المدنية في إخماد النيران، بدلا من الركون والانزواء بعيدا دون التدخل في تقديم المساعدة الضرورية حتى يتم محاصرة النيران وهذا نوع من الوعي الاجتماعي المفروض التحلي به، لكونه يدخل ضمن القواعد المُثلى للمجتمع وخاصة عند الشدائد.
ما تتعرض له الغابات على مستوى مدينة طنجة والتي أضحت نموذجا للحرائق والمشاكل المفتعلة في كل مرة وحين من قبل مجهولين، متجاهلين الأدوار والمنافع التي تقوم بها الغابات في الحفاظ على الحياة واستمراريتها، فالجشع أعمى بصائرهم، ضاربين عرض الحائط القوانين والمعاهدات والاتفاقيات الدولية، التي تنظم المجال الغابوي عموما والبيئة بصفة خاصة.
وللإشارة، فإن مجلس المدينة وضمن اختصاصاته الذاتية مدعو لاتخاذ كافة الإجراءات للحفاظ على الغطاء النباتي والغابوي وذلك بتنسيق مع مديرية المياه والغابات، قصد تكثيف المراقبة، مع اتخاذ الإجراءات الصارمة في حق كل من يتجرأ على المساس بالممتلكات الغابوية، التي هي في الحقيقة ملك لكل سكان المدينة.