أكد الدكتور ضياء الدين الطرشاوي باحث في علوم الرياضة -الإدارة الرياضية- أن “ظاهرة تغيير المدربين كانت ولا تزال موجودة على كل المستويات وفي كل بلدان العالم، لكنها في المغرب أخذت أبعادا وصيغا جديدة بين الرحيل الإرادي والترحيل القصري، سواء عند النجاح أو الإخفاق بقرار من الإدارة التي تحمله مسؤولية الإخفاق فتقوم بترحيله، أو بقرار من المدرب ذاته الذي زادت أهميته وقيمته وصار يبحث عن آفاق أخرى في أندية أفضل تمنحه الوقت والمال الوفير، خاصة إذا أدرك صعوبة تكرار الإنجاز الموسم المقبل، أو تأكد أن الإدارة لن توفر له الموارد المالية التي تسمح له بتدعيم الفريق للحفاظ على مستواه فيفضل الرحيل”.
وأشار المتحدث ذاته، في تصريح لموقع jdt24: إلى أن “ظاهرة أو إشكالية تغيير المدربين بوتيرة سريعة خلال الموسم الرياضي بعد عدة دورات أو فترة تعيين قصيرة للطاقم الفني لفريق معين داخل البطولة الوطنية بكل أقسامها راجع لعدة أسباب وخلفيات منها ما هو تدبيري وتسييري ومنها ما هو مالي اقتصادي ومنه ما هو تقني ومنها ما هو مقرون بالنتائج والمؤشرات”.
ضياء الدين، تطرق في تصريحه لعدد من النقاط أبرزها الجانب التسييري وواقع الأندية والجمعيات الرياضية التي تعيش وفقه “تخبطا كبيرا بسبب سوء التسيير الإداري والتقني والتواصلي داخل النوادي، مشيرا أن سياسة الدولة الحالية ومناشدة الجامعة بضرورة خلق شركات رياضية والإلحاح الكبير على تفعيلها وردة فعل النوادي والجمعيات البطيئة والتي تسبح عكس التيار وما يسير عليه الواقع، فالعالم الذي سبقنا بأشواط كبيرة (وهنا نحتذي بالدول الأوروبية والمتقدمة بصفة عامة) في الصناعة الرياضية” ،”إذ أنه اللبنة الأساسية في النجاح والثبات لأي منظومة مقرونة باحترام التخصصات والحكامة الممنهجة والمشاريع المسطرة على المدى القريب والمتوسط والبعيد واستقلالية الكيان الرياضي عن كل ما هو سياسي ومصلحة خاصة أكيد ستنعكس إيابا على نتائج واستقرار كل المستويات”.
وقال: “الواقع الحالي للنوادي الرياضية وخاصة كرة القدم التي تعيش نفس المشاكل، والدوران في حلقة مفرغة مقصودة نوعا ما وأشدد على العبارة لأن الوضوح و الشفافية واحترام التخصصات والمتابعة والمحاسبة الدقيقة ليس في صالح أغلبية المسيرين والإداريين وإن صلح أحد فسدت الأغلبية، فالفساد الأخلاقي وعشوائية تكوين المكاتب والأعضاء والهروب من إنشاء الشركات يطغى بشكل كبير واستئصاله يطلب تدخل وصبر كبير يكون عكس مصلحة الرياضة والرياضيين الممارسين ويعطل عجلة التطور وجعل المغرب بلد رائد بامتياز والعلامة الكاملة ويجاور الدولة الكبيرة في المجال لما لا ونحن نتوفر على كل الإمكانيات اللوجيستيكية و البشرية والمادية والكفاء ات للنهوض بالقطاع ككل بكل تخصصاته”.
كما عرج المحلل الرياضي في حديثه للجانب الآخر، ألا وهو الجانب المالي والاقتصادي، بحيث اعتبر أن: “كل النوادي فالعالم تعاني مشاكل مادية هذا واقع نعيشه وأزمات لفرق عريقة ومشاكل بالجملة وفساد أخلاقي وتسييري واختلاسات كذلك، لكن الاختلاف بينه وبين المغرب هو أن هذا الأخير يعاني مشكل قاعدي أي أن الأساس غير مهيكل ومشروع والغاية من إنشاء نادي غير واضح. فهنالك من تهمه الألقاب وهناك من يهمه الاستثمار، ومنهم من غرضه سمسرة اللاعبين”.
دون أن يغفل على الجانب التقني والتواصلي، حيث قال ضياء الدين: “بكل عاطفة ومشاعر تلقي اللوم على لاعبين والمدرب والإدارة الفنية لنادي معين من سوء النتائج، لكن في منظوري الخاص بعيدا عن العاطفة يجب التدقيق وربط الأمور لأنه منطقيا لا يوجد ردة فعل أو نتيجة دون فعل مسبق أو حتى تخطيط قبلي، إذن الحال الذي عليه النوادي وخاصة النتائج وتغيير مدرب وتحميله سوء النتائج لوحده هنا نفتح القوس كبير لتمحيص في الصورة الكاملة”. الكفاء ات والتقنيين المغاربة مشهود لهم بالكفاءة والخبرة والصبر في كل المواقف دوليا لا نناقش هذا الجانب بالعكس نشجع ونندد بضرورة تشجيع المدربين المغاربة وإعطاءهم فرصة أكبر للإبداع وقيادة الفرق، خاصة أنه في الآونة الأخيرة برز جيل من الشباب له قدرات وكفاءات العالية، وهنا نذكر على سبيل المثال: وليد ركراكي، دميعي، سكيتوي، رضوان حيمر، سفري، جمال سلامي إلخ.
وأردف قائلا: “نحن لا نقول إن المدرب دائما على صواب وأنه لا يتحمل المسؤولية في النتائج، لكن أي مشروع وغاية واضحة تتطلب استقرارا وصبرا ومتابعة مؤشرات النجاح تدريجيا وتخطيط من متخصصين”.
وخلص المتحدث: “يخضع التسيير عموما والعمل الإداري أيا كان موقعه أو مستواه لمجموعة قيود سواء في استقطابه للموارد أو في تخطيطه للعمل أو في تحديده للأهداف، بمعنى أن فاعلية الإدارة ترتبط دائما بمدى القيود المفروضة على حركتها، ومدى قدرتها على مواجهة تلك القيود”،
والقائد الإداري الناجح هو الذي يتمكن من استخدام ما يقع تحت سيطرته من متغيرات لمواجهة التكيف، مع ما لا يقع تحت سيطرته من متغيرات، وذلك في سعيه نحو تحقيق الأهداف. والرياضة او النوادي كأحد مناشط المجتمع، تعتمد في إدارتها على مجموعة من القادة المتخصصون أو المتطوعون يعملون متضامنين لتنفيذ أهداف محددة قد تكون أحيانا لها صفة الاستقلالية بينما تكون غالبا مرتبطة بالأهداف العامة للدولة وتمثيلها أحسن تمثيل مواجهة دبلوماسية “.