سهيلة أضريف
جاء في زمن الخليفة عمر بن الخطاب مجموعة من الناس يشكون غلاء اللحم حيث طلبوا منه أن يُسعّره لهم فقال: أرخصوه أنتم؟
فقالوا: نحن نشتكي غلاء السعر واللحم عند الجزارين ونحن أصحاب الحاجة فتقول: أرخصوه أنتم؟ ثم استرسلوا: وهل نملكه حتى نرخصه؟ وكيف نرخصه وهو ليس في أيدينا؟ فقال قولته الرائعة: اتركوه لهم.
أيام معدودات تفصلنا عن موعد عيد الأضحى المبارك ولا حديث بين المجالس والأسر إلا عن “شحال واصل الثمن“، خاصة في ظل ما يعيشه المواطن من غلاء في ضرب القدرة الشرائية للمغاربة في مقتل، بفعل تداعيات الفيروس التاجي، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية، وصولا إلى ندرة التساقطات المطرية.
فبعد أن مس الغلاء بعض المنتوجات الغذائية وأسعار المحروقات والحبوب والأعلاف، وصل صدى هذه الزيادات إلى أضحية العيد، فبحسب ما يروج في بعض الأسواق فإن أثمنة الأكباش تفوق الخيال، إذ وصلت إلى ما ينيف عن 8000 درهم و10000 آلاف درهم وما يفوق ذلك بكثير.
هذا التضارب الخطير في تجارة الأكباش خلق نوعا من التخوف لدى المواطن الذي لا يستطيع بأي وجه تحمل هذا “الفُحش” في الثمن، مما ترتب عنه حصول تَصدّع وسط الأسر ضعيفة الدخل وحتى الطبقة الوسطى التي بدورها اُدْمِجت كُرها ضمن الطبقة الفقيرة، فإذا كانت القدرة الشرائية “مقتولة“، خاصة وأن الأجور لم تعرف قط منذ سنوات أي حَلْحَلة، في حين أن أسعار المواد الغذائية وكذا المواد التّداولية في القطاعات التجارية في تصاعد مستمر، فما العمل؟
إن المستوى المعيشي للمواطن المغربي يقاس عموما بمعايير مثل التضخم الحقيقي وتدني الدخل الفردي ومستوى الفقر ومقاييس أخرى مثل جودة توفر الرعاية الصحية وعدم تكافؤ نمو الدخل، فضلا عن الطاقة المتاحة (قدرة الدخل القابل للصرف على شراء الطاقة) وسهولة الحصول في زمن ومكان معينين على الحاجيات الضرورية، هذا الأمر أكدته المندوبية السامية للتخطيط التي أفادت بأن مؤشر التضخم ارتفع بشكل غير مسبوق منذ مطلع السنة على غرار كافة بلدان العالم، إذ ارتفع بمعدل 4،4٪ خلال نهاية أبريل 2022 على أساس سنوي، مع توقعات بارتفاع هذا المؤشر عند نهاية هذه السنة.
ارتباطا بالموضوع، أطلق عدد من المواطنين على مواقع التواصل الاجتماعي حملة لمقاطعة شراء أضحية عيد الأضحى بسبب ما وصفوه بارتفاع كبير في الأسعار، مقارنة بالعام الماضي، بينما نفت السلطات ذلك وأكدت أن الأسعار ستكون في متناول الجميع.
بوسم “خليه يبعبع“، انتشرت حملة على منصات تويتر وفيسبوك تدعو إلى مقاطعة شراء الأضحية كنوع من الاستنكار لما آلت إليه الأمور وكمحاولة ضغط لخفض الأسعار.
ويقول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي، إن أسعار الأضحية وصلت في بعض الأسواق إلى 6000 درهم وما أكثر.
في سياق مرتبط، رفض محمد صديقي، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، شكلا ومضمونا فكرة “الترويج لأسعار أضاحي بقيمة ستة آلاف درهم على مواقع التواصل الاجتماعي وإغفال وجود أخرى تتراوح أسعارها بين 800 و1500 درهم”.
المسؤول الحكومي، أشار في ندوة “التصريح الحكومي” الأسبوع الماضي، إلى أن جميع الأثمان متوفرة، متسائلا من يروج هذه الأسعار، معتبرا أن التغيرات في الأثمان موجودة؛ لكنها في سقف المواسم السابقة، مؤكدا على أن الاستعدادات قائمة ككل سنة وقد تم توفير 8 ملايين أضحية، في حين الطلب هو 5.6 ملايين أضحية، مؤكدا أن مصالح وزارة الفلاحة تواكب عن كثب الوضع الصحي للقطيع.