سهيلة أضريف
الإرث أو المواريث هو نظام شرعه الله لتوزيع تَرِكة الهالك وما يخلفه من أموال نقدية وعقارية أو منقولة ونظام الإرث في الإسلام يعتبر النموذج الأمثل لتصفية تركة الهالك بالمقارنة مع الأنظمة التوزيعية للتركة على المستوى العالمي.
فبعد أن كان المال هو عصب الحياة، إذ يستحيل أن تستقيم الحياة إلا به ولا تنتظم إلا معه، جعل الله تعالى بخصوصه نظاما رفيعا لتحويله من أولئك الذين قضوا نَحبهم واختتمت صفائح أعمالهم، إلى اللاحقين من سلالتهم وأزواجهم (ن) الذين ينتظرون، اعتبارا لكون المال “منقولا كان أم عقارا” لا ينتقل مع الهالك إلى قبره، بل يبقى في مكانه، فجعل الله أفرادا آخرين يتولون عملية إدارته وملكيته إلى حين، لأن المال ليس مُطلق التملك من طرف كل من وُضِع تحت يديه، فهو قابل للانتقال بقدرة الخالق، إذ لا سلطان للبشر على تخليده وإبقائه حكرا على أحد، فالبشر دورهم ينحصر في الإستخلاف فقط وهذه حكمة الله في البشر وحكمة الله في المال.
لا يختلف اثنان أن نظام المواريث في الإسلام نظام رباني، يستحيل أن يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، لأن قاعدته قرآنية وسُنية صحيحة وجل الأحكام شرعت من النص القرآني إلا القليل من النوازل التي اجتهد فيها النبي الكريم.
وقد كان الميراث في الجاهلية قبل البعثة، للرجال دون النساء والأطفال، فأنزل الله تعالى قوله: ﴿للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا﴾ [النساء: 7]، فسوى سبحانه بهذه الآية بين الرجل والمرأة -صغيرة كانت أو كبيرة- في أصل الإرث، سواء أكان الإرث قليلا أو كثيرا وشدد سبحانه في ذلك فجعله مفروضا.
لكن، ما يدعو للاستغراب في زمننا الحاضر أن الأطماع البشرية والنوايا الخبيثة لمرضى النفوس من بعض أصناف الورثة، يريدون أن يستحوذوا على جميع ما خلفه الهالك من تَركة، محاولين حرمان آخرين من ذوي الحقوق من هذا الحق الذي شرعه الله، الأمر الذي يترتب عنه إما تزوير الوثائق أو طمسها وأحيانا يلجاُ البعض إلى التصفيات الجسدية لأقربائهم من أجل الظفر دون غيرهم بالتركة التي خلفها الهالك.
هذا ما شهدته مدينة مراكش في الأيام القليلة الماضية، بعدما اهتزت نهاية الأسبوع الماضي، على وقع جريمة قتل بشعة بعدما عُثر على جثة ثلاثيني، قتله شقيقه الخمسيني ودفنه وسط منزله، بعلم شقيقهما الثالث وشقيقتهم الوحيدة نظير خلاف حول الإرث، قبل أن تلقي عناصر الشرطة القبض على القاتل وأشقائه ووضعهم جميعا تحت تدابير الحراسة النظرية، في انتظار تقديمهم أمام الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمراكش، بتهم القتل العمد والمشاركة وعدم التبليغ.
وهذا الأمر، ينطبق على العديد من الأحداث أو النوازل الغريبة، فضلا عن المنازعات القضائية المعروضة أمام المحاكم بين الورثة بهذا الخصوص.
فبئس المال وبئس الورثة، إذا كان الطمع يعمي قلوب بعضهم وتلهم نفوسهم الفاجرة للقيام بأعمال نكرة وجرائم خطرة في حق من أعطاهم الله الحق في الإستخلاف من جديد في المال بعد وفاة الهالك.