ما جدوى النصوص القانونية الصادرة من طرف المُشرع لتنظيم قطاع معين أو تدبير شؤونه، إذا لم يتم تفعيلها على أرض الواقع والوصول إلى فلسفة غاياتها، وإلا فإن النص القانوني لا قيمة له ويسقط في عتَمَةِ النسيان بعدم تطبيقه.
إن ما جرى بمنطقة “الهراويين” بحي مولاي رشيد بمدينة الدار البيضاء، يوم السبت الماضي، لمثال حي على أن قطاع التعمير يعيش نوعا من الفوضى والتّسَيب واللامبالاة بالأخطار التي من الممكن أن يتسبب فيها القطاع، لا سيما أرواح وممتلكات المواطنين، وذلك في ظل غياب الحِس بالمسؤولية، الأمر الذي يترتب معه مسؤولية تقصيرية.
في سياق مرتبط، تشير المادة 77 من قانون الالتزامات والعقود إلى ما يلي: ” كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار من غير أن يسمح به القانون، فأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض هذا الضرر، إذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر”. وحيث أن الخطأ في هذه النازلة وارد، بحيث أن المسؤول عن تسيير الورش وكذا المالك والمهندس المسؤول عن تتبع الأشغال تركوا ما كان يجب فعله، أو أنهم فعلوا ما كان يجب الإمساك عنه، دون نية إحداث الضرر، فالمسؤولية التقصيرية واضحة، الأمر الذي يترتب عنه متابعات قضائية مدنية وجنائية.
إن النصوص القانونية المنظمة للتعمير وﻟﻟﺘﺠﺰﺋﺎت، كالقانون 12.90 الخاص بالتعمير والقانون 25.90 الخاص بالتجزﺋﺎت العقارية، إذ تنص المادة 50 من القانون 12.90 على ضرورة الاستعانة:
- بمهندس معماري حر؛
- بمهندسين مختصين؛
- واجبة فيما يتعلق؛
- كل بناء جديد؛
كل تغيير مدخل على بناء قائم يستوجب الحصول على رخصة بناء،
وتعتبر الاستعانة بمهندس معماري حر مقيد في جدول هيئة المهندسين المعماريين شرطا للحصول على رخصة البناء.
كما تنص المادة 59 من نفس القانون السابق على القواعد المحددة لضوابط البناء وهي كالتالي:
شكل وشروط تسليم الرخص وغيرها من الوثائق المطلوبة بمقتضى هذا القانون والنصوص التشريعية المتعلقة بالتجزﺋﺎت العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها؛
ضوابط السلامة الواجب مراعاتها في المباني والشروط الواجب توافرها فيها لما تستلزمه متطلبات الصحة والمرور والمتطلبات الجمالية ومقتضيات الراحة العامة خصوصا:
- قواعد استقرار المباني ومتانتها؛
- مساحة “المحلات ” وحجمها وأبعادها؛
- شروط تهوية المحلات، خصوصا فيما يتعلق بمختلف الأحجام والأجهزة التي تهم الصحة والنظافة؛
- الحقوق التي يتمتع بها في الطريق العامة أصحاب العقارات المجاورة لها؛
- مواد وطرق البناء المحظور استخدامها بصورة دائمة
- التدابير المعدة للوقاية من الحريق؛
- طرق الصرف الصحي والتزود بالماء الصالح للشرب؛
- الالتزامات المتعلقة بصيانة الأملاك العقارية والمباني
وفي نفس السياق تنص المادة 64 من العقوبات على ما يلي:
- يقوم بمعاينة المخالفات لأحكام هذا القانون وضوابط البناء والتعمير العامة أو الجماعية:
- ضباط الشرطة القضائية؛
- موظفو الجماعات المكلفون بمراقبة المباني أو المفوض لهم بذلك من طرف رؤساء الجماعات المحلية وفقا لضوابط ظهير 30 سبتمبر 1976 المنضم للميثاق الجماعي؛
- الموظفون التابعون لإدارة التعمير والمكلفون بهذه المهمة؛
- موظفو الدولة الذين يعتمدهم الوزير المكلف بالتعمير للقيام بهذه المأمورية، أو كل خبير أو مهندس معماري، كلف بهذه المهمة بصفة استثنائية من طرف رئيس مجلس الجماعة المعنية.
إن انهيار عمارة بمنطقة “الهراويين” يُفترض في نازِلَتها تداخل عدة جهات، إذ لا يجوز في هذه الحالة إلصاق تهم جزافية في حق البعض قبل أن تقول العدالة كلمتها، فصاحب الورش مسؤول والمهندس المتتبع للورش مسؤول ومسير الأشغال مسؤول، هذا فضلا عن الأجهزة المكلفة بالمراقبة مسؤولة، فالجميع مسؤول مسؤولية تقصيرية حتى يثبت العكس.
سهيلة أضريف


















