ستيفن نزونزي رجل هادئ ورزين وعاقل. وهذا ما يتضح جلياً من خلال حواره مع موقع” فيفا.كوم”. رغم البريق الذي يلمع في عينيه حين يستحضر ذكرياته عن كأس العالم روسيا 2018، التي فاز بها مع منتخب فرنسا، إلا أن نزونزي لا يطلق العنان لنفسه عند الحديث عن النهائيات العالمية التي ستقام في قطر، بلده الجديد، أواخر العام الجاري، وتحديداً من 21 نوفمبر إلى 18 ديسمبر الأول 2022. في سن الـ 33، يخوض لاعب خط وسط الريان، في دوري نجوم قطر، المباراة تلو الأخرى ولا يفكر فيما هو أبعد من ذلك.
بما يشعر المرء عند التتويج بكأس العالم؟
إنه حلم. حلم لا يُضاهى. عندما تكون طفلاً، تحلم فقط بخوض كأس العالم، فما بالك التتويج بأم البطولات. إنه شعور لا يوصف.
كيف كانت الأجواء عشية نهائي روسيا 2018؟
ما أدهشني هو أن اللاعبين كانوا هادئين حقاً مع اقتراب نهائي كأس العالم. ربما كان الجميع متوترين، لكن لم يرغب أحد في إظهار ذلك، لكن الأمور كانت تسير مثل كل يوم. لم نشعر أننا عشية خوض نهائي كأس العالم. كانت هناك قوة هائلة داخل المجموعة، نابعة من اللاعبين الشباب. فقد جلبوا للفريق الروح والثقة في النفس، مثل كيليان مبابي أو عثمان ديمبيلي. لاعبون يضحكون كثيراً، وأعادوا النضارة للمجموعة آنذاك. كانت هناك قوة، وتناغم داخل المجموعة جعل الجميع يشعر بالارتياح والهدوء مع اقتراب النهائي الكبير.
ما هي الذكريات التي تحتفظ بها عن النهائي ودخولك أرض الملعب بديلاً؟
كنّا في غاية التركيز. هناك الكثير من الإثارة. أثناء الإحماء، كان هناك الكثير من الضغط، لكنه ضغط يسمح لك أيضاً بتحسين مستوى اللعب والتركيز. وبعد ذلك، وبمجرد دخولك أرض الملعب، عليك تحويل هذا الضغط لمساعدة الفريق وتقديم أقصى ما يمكن. هذه هي المباريات التي تشعر فيها أنه لا يمكنك أن تفوّتها. عندما ينتابك هذا الشعور، وتتمكن من التعامل مع الضغط بشكل إيجابي، فكل شيء يسير على ما يرام. ثم هناك الإثارة. إنها مشاعر لا توصف.
ما هو شعورك عند لمس كأس العالم؟
(يضحك) قبل دخول الميدان، يمكننا رؤيتها عن قرب على أرض الملعب. ينتابك خليط من المشاعر. تقول لنفسك “أوه نعم، إنها هنا. إنها حقيقية”. لقد رأينا ذلك آلاف المرات من قبل، عندما كنا صغارا، وعندما كبرنا أيضًا. إنها الكأس الأغلى، أمّ البطولات، لذا فإن رؤيتها عن قرب أمر استثنائي بالفعل. وبعد ذلك فورا وضعنا أنفسنا في حالة تأهب للفوز بهذه المباراة، ولا شيء غير الفوز. ثم يأتي الفوز بها، ورفعها، ومشاركتها مع العائلة، واللاعبين الآخرين.. إنه أمر استثنائي، لا يُضاهى.
كيف تصف المدرب ديشان وما السرّ وراء قيادته منتخب فرنسا بنجاح؟
من أكبر نقاط قوته ذلك الجانب التنافسي الذي يمكن أن يشعر به الجميع، ما يعني أن لدينا مدرباً يسعى للفوز، وليس لإرضاء أحد. فهو يفكر في الفوز دائماً. شخصياً، لم أصادف الكثير مثله طوال مسيرتي. لديه حسّاً تنافسياً قلّ نظيره. وأعتقد أنه يعرف كيف يدير مجموعة بشكل جيد للغاية. إنها أيضاً إحدى نقاط قوته. فهو قريب من اللاعبين. يتمازح معهم، لكنه يعرف أيضاً كيف يفرض احترامه. فنحن ندرك جيداً متى يجب التحلي بالجدية بحثاً عن الفوز.
في سنّ الـ 33، تُوّجت بطلاً للعالم مع فرنسا وبطلاً لأوروبا مع إشبيلية. هل حققت كل أهدافك في مسيرتك الاحترافية؟
لا، لم أحقق جميع أهدافي لأنني منافس شرس، وكنت أرغب في الفوز بمزيد من الألقاب. كنت أتمنى أن أخوض المزيد من المباريات النهائية. أعتقد أن أي لاعب لا يشبع من الفوز. فعندما تتاح لك الفرصة اللعب على أعلى مستوى، فإنك تصبح مدمناً وبحاجة دائماً لذلك، خاصة عندما تبدأ في تذوق حلاوة الفوز. مع إشبيلية، تذوقت حلاوة خوض المباريات النهائية، ونهائي كأس الملك، ومسابقة دوري أبطال أوروبا، ونهائي الدوري الأوروبي… وهذا يجعلك ترغب في تذوقها طوال الوقت ومواصلة تحقيق الانتصارات. وبالتالي، فإنني لم أحقق كل أهدافي، لكنني فخور جداً بالأهداف التي حققتها.
هل تخليت عن التفكير في اللعب مع منتخب فرنسا؟ أم أن لديك خطة بحلول نوفمبر للانضمام إلى كتيبة الديكة؟
لم أتخل عن فكرة اللعب للمنتخب لأنني أشعر بأنني بحالة بدنية جيدة. ولكن ما الذي يتطلبه الأمر لاستدعائك للعب مع منتخب فرنسا؟ هل يمكن استدعاء لاعب يلعب في قطر إلى صفوف المنتخب الفرنسي؟ هناك العديد من الأسئلة التي تُطرح. ويجب قول الحقيقة: الأمر صعب للغاية. فحتى اللعب في أوروبا واستدعاؤك للانضمام إلى منتخب فرنسا أمر صعب للغاية.
أنا ألعب في قطر، بكل احترافية، وسنرى ما سيحدث. اليوم، أنا بعيد جداً عن منتخب فرنسا بسبب البطولة التي ألعب فيها. سنرى في المستقبل، كيف ألعب، وماذا سيحدث، وأين سألعب. ولم لا؟ فأنا أكن كل الحب للمنتخب. ليس لدي أي خطة. أنا لاعب بسيط يبذل قصارى جهده بالملعب. أنا لست نجما أو أي شيء من هذا القبيل. أنا ألعب وفقط، لا أفكر فيما هو أبعد من ذلك. ما عشته مع المنتخب الفرنسي جميل للغاية. وأنا فخور جداً بما حققته. لم يكن الأمر سهلاً إطلاقاً. لقد تم استدعائي في وقت متأخر جداً. فالاستدعاء في حدّ ذاته فرصة كبيرة. أما المشاركة في كأس العالم فهي فرصة استثنائية، لذا أنا فخور بما قدمته. أنا سعيد بكل ما حققته. وفي المستقبل، القريب أو البعيد، إذا سنحت لي يوماً ما فرصة للعودة، فسأكون سعيداً بذلك.
محمد السعيدي