خلد المغرب، على غرار سائر بلدان المعمور، اليوم العالمي لحرية الصحافة، الذي يصادف الثالث ماي من كل سنة، وهي مناسبة تتجدد في كل مرة لتسليط الضوء على التقدم المحرز في هذا المجال.
إن حرية التعبير والرأي من الحقوق الأساس اللصيقة بالمواطن وأحد المرتكزات الضرورية لبناء دولة الحق والقانون، فمن خلالها يستطيع المواطن المشاركة في صنع القرار السياسي، من خلال استخدام مختلف وسائل التعبير كالشعر والفن أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي تعد من أسرع الوسائل الناقلة للخبر.
أما غياب حرية الرأي والتعبير على المستوى الداخلي والدولي دون ضبط الإطار القانوني لاستعمالها، قد يترتب عنه مساس بحريات الغير، وعليه نجد أن الدول التي كرست هذه الحرية عملت في المقابل على وضع قيود لممارستها؛ تكريسا لمبدأ المشروعية ومنعا للتعسف في استعمال الحق.
يتجلى الهدف من هذا اليوم العالمي، في التعرف بأهم المجهودات المبذولة من طرف المنتظم الدولي في سبيل تعزيز وحماية حرية الرأي والتعبير على المستوى العالمي، وكيفية تبني هذه المساعي والمجهودات من قبل مختلف المجتمعات، وكذلك التعرض لأهم الضمانات التي تحقق الممارسة الحرة والفعلية لحرية الرأي والتعبير، مع تنظيم قواعد هذه الأخيرة من خلال دارسة أهم القيود الواردة فيها ومدى تأثيرها على ممارسة هذه الحرية.
إلا أن الواقع الإعلامي على المستوى الوطني، يستمد مادته من الواقع السياسي وهذا الأخير يعتمد على واقع اجتماعي يتميز بنوع من الوهن الأخلاقي والفكري والتربوي وذلك في إطار المصداقية واحتراما للأخلاقية المهنية، إلا أن هذا المنتظر يعتبر منالا بعيدا ولا حظ له من المصداقية الإعلامية، الأمر الذي جعل الرأي العام ييأس منه كما يئس من أصحاب القبور، والغريب في الأمر هو أن المواد المُقدمة أضحت عنوانا دائما للرّداءة والتفاهة بدلا من الجودة والأداء المقبول، وفق الضوابط المعمول بها على مستوى الإعلام الدولي.
إن الاحتفال باليوم العالمي للصحافة، يجعل الرأي العام الوطني يطرح مجموعة من التساؤلات بخصوص المفهوم الحقيقي لحرية الإعلام؟ فالحضور الإعلامي كما يشاهد على أرض الواقع وبصورة مكثفة يتمحور وجوده في مناسبات مختلفة كالأفراح والأتراح بعيدا كل البعد عن الرسالة الحقيقية لدور الإعلام، في حين أنها تسعى إلى طمس كل حقيقة يسعى إليها كل صوت معارض.
وكشفت الإحصائيات العالمية أن الإعلام الوطني يُصنف ضمن المراتب الدُّنيا مقارنة مع الأوضاع العالمية ويشهد على هذا الواقع المرير إعلاميون مختصون، إذ جاء في قول الأستاذة فاطمة الأفريقي حول عبثية الإعلام: “الصورة عبثية، لكنها ممكنة الوقوع في المستقبل القريب إذا استمر هذا التّردي الإعلامي والسياسي وهذا التراجع الحقوقي”.
الجسم الإعلامي المغربي حائر بخصوص هذا الواقع المتردي للإعلام، كما جاء على لسان أحد الإعلاميين: “بالنظر إلى ما نعاينه نُسائل أنفسنا هل يجدر بنا الاحتفال بصيغة الانتشاء، أم الصدح بقول الحق والعمل بنضال مستمر من أجل الوصول إلى المُلتقى، مُبتغى الاحتفال بيوم عالمي تكون قد تحققت فيه عمليا حرية الصحافة”.
إن التكنولوجيا العصرية فتحت الباب على مصراعيه أمام مواقع التواصل الاجتماعي والجرائد الإلكترونية بخصوص حرية الرأي والتعبير، لكن الغريب في الأمر هو أن هذا الباب بدأ يلِجه كل من هبَّ وذَب وكل من لا يفقه القواعد والضوابط الأخلاقية الإعلامية، الشيء الذي فتح المجال أمام إنتاج مواد إعلامية مُشَوهة، يكتنفها الغموض وعدم المصداقية والضحك على الدُّقون، الأمر الذي جعل الرسالة الإعلامية تحيد عن المسار المرسوم لها آنفا من قِبل المناضلين الإعلاميين.
في الأخير، لابد لنا أن نقول إن ما بين الحق في المعلومة والحق في حماية الخصوصية، خيطا رفيعا هشا، ضبط إيقاعه قد يحتمل المس بالحقين المقدسين.
سهيلة أضريف